IMLebanon

رغم حراك جنبلاط ـ بري.. لا بوادر لحل الأزمة الرئاسية في لبنان

رغم حراك جنبلاط ـ بري.. لا بوادر لحل الأزمة الرئاسية في لبنان

القوى المسيحية غير مطلعة على فحواه ومتمسكة بمواقفها

بيروت: بولا أسطيح

لا يبدو أن الأزمة الرئاسية التي يتخبط فيها لبنان منذ مايو (أيار) الماضي مقبلة على أي حلول في المدى المنظور، رغم الحديث المستجد عن حراك يقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، نظرا لأن الزعيمين لا ينطلقان في مسعاهما من مبادرات جاهزة ولا يمتلكان حلولا ناضجة، أضف إلى ذلك استياء القوى المسيحية من هذا الحراك، كونها غير مطلعة عليه.

وتستبعد مصادر مطلعة على المفاوضات الرئاسية الحاصلة نجاح بري وجنبلاط في تحقيق أي خرق يذكر، ما دام رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون، متمسكا بترشيحه غير المعلن ويرفض الحديث عن ترشيحات أخرى، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحراك المستجد ما زال في مراحله الأولى، وهو لم يصل لمرحلة بلورة طرح أو مبادرة ما تحمل أسماء مرشحين توافقيين أو صيغ أخرى قد ترضي عون».

وكان بري تحدث لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، عن «وجود شيء ما يجري العمل عليه، من أجل الوصول إلى حل لأزمة الانتخابات الرئاسية اللبنانية، بعد مرور ثلاثة أشهر على فراغ منصب الرئيس السابق ميشال سليمان من دون انتخاب بديل». ورفض بري الخوض في تفاصيل التحرك الذي يقوم به مع النائب جنبلاط «حتى تبلور الصورة».

ولا تشير المعلومات إلى أن الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، بصدد التراجع عن الموقف الذي أطلق في إطلالته الأخيرة حين أطلق يد عون في الملف الرئاسي، لافتا إلى أن ثمة «اسما واحدا وعنوانا واحدا للحديث معه في هذا الموضوع»، ناصحا بعدم انتظار تطورات وتسويات خارجية. وتقول المصادر إن «(حزب الله) عاد وأبلغ المعنيين بالموضوع بأن المرجع المخول التفاوض في الملف الرئاسي هو عون ومن ثم فإن الحزب ليس بوارد الدخول في أي مفاوضات مباشرة، ولا يزال يوكل الملف لعون».

وقد أثار الموقف الذي أطلقه جنبلاط أخيرا حين تحدث عن مسعى مع بري ونصر الله للوصول إلى تسوية في الملف الرئاسي، استياء القوى المسيحية التي عدته محاولة للالتفاف عليها، خاصة أنها المعنية الأولى بالموضوع الرئاسي.

وعد النائب السابق سليم عون، القيادي في «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه العماد عون، أن «ما قاله جنبلاط، سواء عن قصد أو عن خطأ في التعبير، لا يجوز، لأنه يتحدث بذلك عن إخراج المسيحيين من دائرة المفاوضات»، وقال: «ما يستطيعون أن يقوموا به من دوننا فليحاولوا أن يقوموا به.. موقفنا واضح، والموضوع الرئاسي غير خاضع للمساومة، فإما تكون الشراكة الحقيقية اليوم وإما لا تكون».

وأشار عون، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تياره غير مطلع على الحراك الذي يقوم به بري وجنبلاط: «ونحن غير معنيين به، كما أن لا معلومات لدينا ما التسويات التي يعدونها». وأضاف: «يتهموننا بالتمسك بمبدأ عون أو لا أحد، ونحن بالمقابل نتهمهم بالتمسك بمبدأ أي رئيس كان إلا العماد عون».

ولم يقتصر الاستياء من تصريح جنبلاط الأخير على تيار عون، إذ كان النائب ستريدا جعجع، وهي زوجة رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع المرشح الرسمي الوحيد للانتخابات الرئاسية، عبرت في وقت سابق عن استيائها، متسائلة: «هل يقبل الصديق وليد جنبلاط أن يتفاوض سمير جعجع مع نبيه بري على مقاعد الدروز في المجلس مثلا، أو أن يتفاوض هو وجعجع على رئاسة الحكومة من دون سعد الحريري؟».

وعد أمين السر العام في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ظافر ناصر، الردود على جنبلاط «غير مبررة وأخذت الأمور باتجاه تفسيرات مغلوطة»، لافتا إلى أن «الاستحقاق الرئاسي استحقاق وطني ولا يخص طائفة محددة، ومن ثم يحق لأي فريق سياسي أن يكون له رأيه بهذا الاستحقاق ومقاربته للخروج من الأزمة».

وأشار ناصر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن النائب جنبلاط سيستكمل زياراته إلى الأقطاب المعنيين بالملف الرئاسي بعدما كان قد التقى نصر الله وعون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، على أن تشمل هذه الزيارات جعجع ورئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل. وأضاف: «وصلنا إلى مرحلة بات واضحا فيها أن نصف اللبنانيين لا يؤيدون أحد المرشحين المطروحين، فيما النصف الآخر لا يؤيدون المرشح الآخر (بإشارة إلى عون وجعجع)، مما بات يستلزم البحث عن تسوية تضمن وصول رئيس يحظى بأكبر توافق ممكن إلى سدة الرئاسة».

وأكّد ناصر أن حراك بري – جنبلاط حاصل: «ويتم التداول بالخيارات والأسماء، ولكن لا شيء ناضج بعد على صعيد الرئاسة».

ورأى السفير الأميركي في بيروت، ديفيد هيل، أنه «من دون رئيس جمهورية، فإن الوحدة التي يحتاجها اللبنانيون في تحديهم مفقودة»، مشددا على أن «رئيس الجمهورية هو رمز الوحدة للوطن، وعندما يكون هناك شغور في هذا الموقع، فإن لبنان يكون ضعيفا وكذلك أصدقاء لبنان، ومن ثم فإن المستفيد الوحيد في النتيجة هم المتطرفون».

وأكد هيل بعد لقائه بري يوم أمس (الثلاثاء)، أن «عملية اختيار الرئيس اللبناني تعود فقط للبنانيين، لكن على القيادات اللبنانية تهيئة الظروف الملائمة لانتخاب الرئيس من أجل وحدة لبنان واستقراره».

ووصف النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت حراك بري – جنبلاط بـ«المحاولة الجيدة»، عادا أنها «فقط لتبريد الأجواء ولن تصل إلى نتيجة»، مبديا أسفه «لرهن بعض الأفرقاء الاستحقاقات للخارج وتطورات المنطقة».