IMLebanon

رفض التمديد «مُناورة محدودة الزمن»

وضع مجلس الوزراء، بتوقيعه مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، حدا لكل الضجيج الذي رافق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ولكل السيناريوهات التي حيكت حول الدخول في المهل،في خطوة تضع الانتخابات على سكتها في موعدها على أساس القانون النافذ، رغم علم وخبر الجميع بأن الانتخابات باتت خارج البحث، راميا المسؤولية ذلك على القوى السياسية في المجلس النيابي، الممثلة نفسها في الحكومة التي اعتبرها رئيسها «ميني مجلس نواب».

فالانطباع السائد في الشارع السياسي يدل على ان أزمة الفراغ الرئاسي بدأت تهدد بجدية النظام اللبناني من خلال اعتماد سوابق دستورية وقانونية في انتهاك الأصول والمهل والاستحقاقات على اختلافها، في ظل مناخ سياسي بدأ يشهد شد حبال تصاعدي في شأن التوجه الى التمديد للبرلمان، وسط الخشية من الانزلاق الى متاهة جديدة في الانقسامات والحسابات السياسية التي من شأنها ان تُحدِث تداخلا بين تداعيات الأزمة الرئاسية ومصير الانتخابات النيابية والبرلمان الحالي، بما من شأنه ان يضع البلد أمام التهديد الأكثر خطورة والمتمثل بأزمة نظام مفتوحة بلا أي أفق للحلول.

مصادر 14 آذار متابعة توقعت ان يبلور مطلع الاسبوع المقبل الصيغة التي تعتمدها قوى الثامن من آذار للسير بالتمديد للمجلس، لافتة الى ان اعلان رئيس المجلس وبعض الفرقاء رفض التمديد ما هو الا مناورة محدودة الزمن ولن تطول، مشيرة الى ان الرئيس نبيه بري وفي اطار مناورته التمديدية، سيترك الملف عالقا حتى اليوم الأخير من المهلة الدستورية، واضعا الجميع امام امر واقع ربط التمديد الذي بحاجة الى انعقاد مجلس النواب بموضوع سلسة الرتب والرواتب، رغم تفريغها من مضمونها، والافادات الرسمية لطلاب البكالوريا، وسندات اليورو بوند.

بناء عليه تؤكد المصادر نفسها، الى ان كأس التمديد التي تجرعتها القوى السياسية جرعة جرعة، والذي يمليه اولاً عدم التفاؤل بإمكان حصول الانتخابات الرئاسية قبل النيابية، بات في مرحلة التفاوض على فترته بين السقف الاعلى الذي حدده اقتراح التمديد الذي تقدم به النائب نقولا فتوش هو سنتان وسبعة اشهر، والمدعوم من بري، والحد الادنى الذي تطرحه قوى اساسية كــ«تيار المستقبل» ورئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط وهو ستة اشهر او سنة كحد اقصى مع تعهّد بأن يجري تقصير ولاية المجلس النيابي بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي ليجرى الاستحقاق النيابي في اقرب وقت، كاشفة ان اجتماع الثلاثاء المسائي لقوى الرابع عشر من آذار في بيت الوسط، تمحور حول التمديد للمجلس النيابي وضرورة سير كل المكونات به بما فيها الاحزاب المسيحية الرافضة وفي مقدمها القوات اللبنانية، مشيرة الى ان المجتمعين لم يخلصوا الى نتيجة على ان يتابع الملف في اجتماعات اخرى، موضحة ان المستقبل والاشتراكي مكرهان على دعم التمديد كي لا يقع الفراغ الكامل في حال استمرار تعثر انتخاب رئيس للجمهورية.

مصادر مقربة من الرئيس تمام سلام اشارت الى أنّه قرر اللجوء إلى خطوة توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة رفعا للمسؤولية عن الحكومة وتاكيدا على جاهزيتها لهذا الاستحقاق، مؤكدة انه أبلغَ المعنيين عزمه طرح الموضوع وفق الآلية المتفق عليها، فإذا وافق الوزراء يناقش الموضوع وفي حال العكس يؤجل، معتبرة ان التأخير التقني الذي حصل يمكن تجاوزه، فالقرار في شأن إجراء الانتخابات هو قرار سياسي، وعن التأخير في تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات وتأمين الاعتمادات المالية للعملية الانتخابية، اعتبرت المصادر أن لا ارتباط بينه وبين مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ويمكن في أيّ لحظة تشكيل هذه الهيئة وفتح الإعتمادات اللازمة، رغم ان القرارات المتبقية ذات طابع سياسي وليست تقنية.

خطوة راى فيها خبراء دستوريون وقانونيون امكانية استلحاق التأخير الذي حصل من خلال اعتماد تمديد تقني محدود لأيام حتى موعد إجراء الانتخابات من الناحية الاجرائية، يرى آخرون ان الآلية الدستورية الواجبة الاعتماد واضحة بموجب القوانين المعمول بها، وهي لا تحمل اي لبث، اذ كان من المفترض أن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل 16 آب، على ان يترافق توقيع المرسوم مع مرسوم آخر يقضي بنقل الاعتمادات اللازمة من احتياط الموازنة لتغطية نفقات إجراء العملية الانتخابية، تعيين اعضاء الهيئة المشرفة على الانتخابات باعتبارها اجراء مكملا للعملية الانتخابية. وعليه فان التأخير في بت هذه الامور يعارض العملية الانتخابية برمتها، في حال تقرر اجراءها، للبطلان امام المجلس الدستوري.

الا ان فضيحة اخرى لا تقل اهمية برزت مع توقيع المرسوم، حيث أفاد مصدر ديبلوماسي بأن العدد الذي لبّى الدعوة الى التسجيل من أجل الإقتراع في الإنتخابات المقبلة لا يتعدى الـ11 ألف مقترع، إلا انه وبناء على القانون الذي يلحظ للإغتراب عدد الدوائر الإنتخابية نفسه، الموجودة في لبنان وفي 26 دائرة، فان من يحق لهم الإقتراع لا يتعدى عددهم 4 الاف شخص موزعين على بلدين فقط هما استراليا والكويت، موضحا ان عدد أهالي قضاء زغرتا والضنية مثلا الموجودين في الكويت تخطى عدد الذين سجلوا أنفسهم بمئتي اسم، وبالتالي أصبح يحق لهم الإقتراع. أما في ديترويت فعدد أبناء بنت جبيل الذين سجلوا أسماءهم بلغ 195 لذلك حرموا من الإقتراع. الأمر الذي يعتبر ثغرة كبيرة في القانون الحالي، ويستوجب إعادة النظر فيه، لجهة اعتبار الإغتراب قضاء واحدا ولفت المصدر الى ان وزارة الخارجية ستعد نفسها لإجراء الإنتخابات في الكويت وأستراليا وفقا للمرسوم الصادر.

بات من المؤكد تقول المصادر في 14 آذار ان لا انتخابات تشريعية في المهلة المحددة وبالتالي فالتمديد هو الخيار الذي بدأ فرقاء سياسيون يروجون له، خصوصا ان مشروع قانون التمديد بات في ادراج المجلس النيابي. فتوقيع مجلس الوزراء مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وإصدار قرار بنشره فورا في نشرة خاصة من الجريدة الرسمية لا يعنيان أن الامور أخذت مسارها القانوني السليم. فالمهلة القانونية تم تجاوزها، وبالتالي لا انتخابات في موعدها. وهذا التصرف الخطر من قبل الحكومة هو نتيجة واحد من أمرين: إما عن اهمال وعدم دراية، وإما عن قصد لفرض أمر واقع يؤدي الى تمديد المجلس ولايته مرة ثانية. وفي الحالتين نكون امام انتهاك واضح وصريح للدستور واغتيال للمهل القانونية، ما يطرح أسئلة حول النية الكامنة خلف هذا التأخير. فإذا كان الهدف إجراء الانتخابات فعلا، لم لم يوقع المرسوم ضمن المهلة القانونية؟