IMLebanon

رفض عراقيون والسعوديون والإيرانيون الفيديرالية…

مسؤولية العراقيين بمكوّناتهم عن وصولهم إلى الحال الراهنة كبيرة جداً. ولا يفيد تحميلها فقط لدول الجوار العربي والإيراني كما يجري حالياً. فالدستور العراقي الذي وضعه عراقيون مفوضون من مرجعياتهم الدينية السنّية والشيعية ومن مرجعياتهم السياسية، والذي حاز موافقة الشعب العراقي بوسيلة ديموقراطية، فالدستور هذا لم يطبّق. وهو نص على أمور كثيرة أهمها اثنان بدا مع الوقت إنهما صارا “اللغمين” الأكثر خطورة وقدرة على تفجير صيغة الحكم والبلاد. الأول تطبيق الفيديرالية، والثاني إجراء استفتاء لأبناء كركوك لمعرفة إذا كانت ستتبع كردستان العراقية ذات الحكم الذاتي أو العراق العربي، إذا جاز التعبير، ومذهبياً العراق السنّي. ولو طبّقت الفيديرالية لما وصل العراقيون إلى وضع تحوّلت فيه كردستان الحكم الذاتي شبه دولة وجاهزة للافادة من أي تطور محلي أو إقليمي وربما دولي لإعلان نفسها دولة. ولما شعر السنّة العراقيون بالتهميش والاقصاء على يد حكومتَي نوري المالكي الأولى والثانية نظرياً ورسمياً، وعملياً على يد مواطنيهم الشيعة الذين كانوا يسعون إلى السيطرة على المكوِّن السنّي العربي بوسائل متنوعة، في رأي كثيرين.

هل العراقيون على تنوع مكوناتهم مسؤولون وحدهم عن عدم تطبيق الدستور وتالياً عن إيصال بلادهم إلى حافة التقسيم الفعلي؟ تفيد الوقائع والمعلومات والمعطيات عند الشخصية الشيعية نفسها، المتابعة أوضاع بلادها من داخل ومن خارج، أن جهات خارجية عدة تتحمّل قسطاً مهماً من المسؤولية عن رفض تطبيق الدستور. ففي البدايات أي بعد التخلّص من صدام حسين ونظامه ووضع الدستور، كان أحد القادة البارزين في المكوِّن الشيعي السيد المعمّم عبد العزيز الحكيم مقتنعاً بأن وضع العراق على طريق السلامة والسلام يستحيل من دون تطبيق الفيديرالية وإنجاز الاستفتاء على كركوك. وفاتح في هذا الأمر السنّة العراقيين فرفضوا ربما لاقتناعهم بأنهم ليسوا حقيقة أقلية كما يؤكد الشيعة ومعهم مرجعيات إقليمية ودولية عدة. وربما لاقتناعهم بأنهم سيعودون إلى السلطة يوماً ما بمساعدة معينة توفرها ظروف خارجية. لكنهم غيروا رأيهم بعد وفاة السيد الحكيم وصاروا يطالبون بولاية خاصة بهم. لكن الوقت كان فات. ولم يقتصر سعي السيد الحكيم على أبناء وطنه من السنّة بل توجّه إلى السعوديين محاولاً إقناعهم بوجهة نظره. لكنه أخفق في ذلك. كما فاتح الإيرانيين بالأمر نفسه فوجدهم غير متحمسين. ولماذا يتحمسون في حينه ومشروعاهم الإقليمي والعراقي ينفذان بالطريقة التي أرادوها والتي تحقق مصالحهم؟

هذا كله من الماضي. وربما لم يعد مفيداً نبشه إلاّ للاسترشاد به ربما. لكن السؤال المهم الآن، وبعد انتقال السنّة في العراق إلى موقع الهجوم، ونجاحهم مجتمعين عشائر وقبائل وبعثيين ونقشبنديين وإسلاميين و”داعش”، رغم الكثير الكثير الذي يفرِّقهم، في بدء رسم حدود لولايتهم أو لكيانهم في وسط العراق. لكن السؤال المهم هذا هو: العراق إلى أين؟

تفيد معلومات أوروبية، جانب منها من دولة عرفت العراق جيداً منذ عشرات العقود، أن رئيس الوزراء نوري المالكي سيذهب إلى البيت خلال ستة أشهر. وأن الاستفتاء على مصير كركوك سيتم وأن الفيديرالية ستُطبِّق، الأمر الذي يحفظ “وحدة” الدولة العراقية وإن هشة. وتلفت الشخصية الشيعية المتابعة نفسها التي تمتلكها، إلى أن العراق كان هادئاً عندما تفجّرت أو انفجرت سوريا. وإلى أن الهدوء في سوريا اليوم النسبي طبعاً، يعني أن العراق سينفجر أو يتفجر. وفي النهاية “تُدفش” “داعش” العراقية إلى شريط حدودي مع سوريا و”داعش” السورية إلى شريط مع العراق، وتُحاصر الحركتان اللتان لا بد أن تختفيا مع الوقت بفعل الملاحقة السورية (نظام) والعراقية (عشائر) والاقليمية والدولية. وهذا يعني أن “داعش” لن تبقى في المشهديْن العراقي والسوري إلى النهاية. وتفيد المعلومات نفسها إلى أن العمل العسكري داخل سوريا بين النظام والثائرين عليه، وفي مقدمهم اليوم الإسلاميون و”داعش”، لم يكن ليحقق النظام نجاحاً ملموساً فيه لو لم يكن هناك قبول وربما ترجمة عملية له من جهات عدة إقليمية ودولية. وهذان القبول والترجمة ساهما في استعادة الرئيس الأسد مدينة كسَب. وهما سيسمحان له باستعادة مدينة حلب ولكن من دون ريفها. فضلاً عن أن المناطق القريبة من الأردن ستبقى خارج سيطرته.

هل أصحاب المعلومات المفصلة أعلاه واثقون من عدم وجود معلومات تناقضها تتحدث عن تقسيم العراق؟