IMLebanon

رهائن!

 

يبدو فعلياً أن اللبنانيين عادوا القهقرى الى زمن صعب وأسود ودماري موبوء.. زمن خطف الناس والتنكيل بهم وأخذهم رهائن في أداء مشتقّ من طقوس المافيا وآدابها وممارساتها!

وإلاَّ كيف وبأي منطق ولغة وثقافة يمكن تفسير قرار هيئة التنسيق النقابية بمقاطعة الامتحانات الرسمية.. وصلب آلاف الطلاّب على خشبة المطالب المعروضة في سلسلة الرتب والرواتب، التي صارت أو تكاد، سلسلة معلّقة برقاب عموم اللبنانيين تشدّهم في كل لحظة وفي أيّ لحظة، الى زاوية اعتبارها مقدّسة ولا تُمسّ ولا تُناقش ولا تُجادل، وانها كما هي، يجب أن تُقرّ وتُقبل.. وإلا الخطف!!

مئات الآلاف من الطلاب، ومعهم أهلهم.. أي تقريباً أكثر من نصف الشعب اللبناني، معنيّون بتلك الجلجلة وأشواكها وحصاها. ينتظرون بالشبر والندر، أواخر العام الدراسي للانتقال من مرحلة الى مرحلة، وجزء كبير منهم الى مرحلة تقرير المصير الجامعي والمهني.. أي تحديد طريق الحياة للسير عليها.. كل هؤلاء مأخوذون اليوم رهائن أداء أرعن لا يقيم وزناً إلاّ لأصحابه في هيئة التنسيق تحديداً، وكأن لهم الحق في تخريب حياة الناس لأن لهم الحق في زيادة معاشات ودرجات… إلخ.

لا مثيل لهذه الحالة إلا في الدول الفاشلة والمجتمعات الأكثر فشلاً.. وإلاّ كيف يحقّ لأي تجمّع حِرَفي أو نَقابي أو حزبي، وأيًّا كان سقف الحقوق التي يطالب بها، أن يتّخذ خطوات تدميرية تمسّ حقوق غيره بالطريقة المذلّة التي تعتمدها الحركات النقابية اللبنانية حالياً؟! وكيف يمكن أن تصل الرعونة الى ذلك الدرك بحيث يقف مسؤول نقابي ويُهدّد (حرفياً!) ليس فقط بتخريب عام دراسي كامل، وإنما بالاستعداد للذهاب الى القول بالفم الملآن، إن الفراغ سيكون شاملاً!

تَعاطَفَ معظم الناس مع مطالب أهل السلسلة، لكن هؤلاء لم يتعاطفوا مع أنفسهم بل كانوا أول أعدائها.. جمّعوا وكتّلوا ضدهم معظم بيوت اللبنانيين ومعظم الذين «تفهّموا» الواقع المرير لأصحاب المطالب والواقع الأكثر مرارة لخزينة الدولة والجزء الأكبر من القطاع الخاص، ودعوا تبعاً لذلك الى تسوية مقبولة!

.. خطف طلاب لبنان واعتبارهم رهائن لا يُردّ عليه إلاّ بالطريقة التي اعتمدها وزير التربية الياس أبو صعب من خلال إصراره وتأكيده على إجراء الامتحانات الرسمية بعد تأجيلها خمسة أيام..

برافو معالي الوزير