IMLebanon

زعامة الإعتدال والوعي الوطني

أصبح للبنانيين عدوَّان لا يختلف إثنان على عداوتهما ويحظيان بإجماعٍ في ذلك، وهما دولة إسرائيل والدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة اختصاراً ب داعش.

وكما ان إسرائيل خطرٌ داهم منذ العام 1948، هكذا داعش بدأت تتحوَّل إلى خطرٍ داهم وانْ كانت تلبس زوراً لباس الدين.

وما يعنينا في لبنان من هذا الخطر هو كيف نواجهه ليس على المستوى الرسمي فقط بل على المستوى الشعبي أيضاً، لأن هذا الخطر لا يستهدف الدولة بمؤسساتها وإداراتها وأجهزتها فقط بل يستهدف القرى والبلدات والمواطنين العُزَّل، وأكبر دليل على ذلك ما قام به تنظيم داعش في العراق وسوريا، ليَتبيَّن أن هدفه الشعب بمقدار ما هو هدفه المؤسسات.

***

هذه المواجهة تستلزمُ تحقيق أمرين يتكاملان: الوعي الشعبي والتحصين المناطقي، وهذان الامران ليس سرًّا أنهما بدأا ليس في منطقة واحدة ومحددة بل في أكثر من منطقة لبنانية: ففي المنطقة الحدودية مع سوريا من جهة البقاع، هناك وعيٌ وتحصين في مناطق القاع والجديدة ورأس بعلبك بالتكافل والتضامن بين جميع الاهالي وأبناء المنطقة، وسبب هذا التطور ان الجميع لا يريدون لأي مفاجأة ان تعبث بمنطقتهم، ابناء تلك البلدات والقرى وضعوا جانباً تبايناتهم الحزبية وانصرفوا إلى التنبُّه لعدو لا يميز بين منطقة ومنطقة ومذهب ومذهب ودين ودين.

***

وكما في مناطق البقاع فإن منطقة الجبل تشهد الوعي ذاته، النائب وليد جنبلاط يجول في قرى وبلدات قضاء عاليه لترسيخ اللحمة والتعايش ولتوجيه رسائل في كل الإتجاهات مفادها ان استقرار الجبل خطٌ أحمر وأن وحدة ابنائه باتت مرسَّخة، وهو لهذا السبب يلتقي الامير طلال إرسلان كتأكيد على ان الخلافات والتباينات ليس اوانها في هذه الظروف.

وفي ذروة الوعي يتم اختيار حسينية كيفون للبدء بالجولة، فبلدة كيفون بما تختزنه من تنوُّعٍ داخل منطقة الجبل، يُعتَبَر البدء منها في جولة الجبل إشارة ذكية من النائب جنبلاط لكل الشركاء في الوطن ورسالة إطمئنان وطمأنة.

بهذه النفسية، وبهذه الروحية يتبيَّن ان الوعي هو الشرط الاول للإستقرار، كما ان تحصين الوضع الداخلي هو الشرط الملازِم للشرط الاول.

***

وفي خضم هذه التطورات والملفات الكبرى ينبري البعض للإنشغال في الصغائر والتلهي والإلهاء، فيطرح مواضيع لا تخصّ إلا صاحبها، ومن هذه المواضيع: متى سيعود الرئيس سعد الحريري إلى بيروت ؟ فماذا يهم هؤلاء الغيارى من أن يأتي الرئيس الحريري بعد يوم او بعد اسبوع او بعد شهر مثلاً ؟ بماذا تؤثر هذه المواعيد على خططهم ؟

ليس في هذا الإلحاح اي بُعد مهني او سياسي او وطني، بل كل ما في الامر ان هناك مَن يريد ان يتسلّى ولهم نقول: إرتاحوا، الرئيس الحريري يعرف تماماً متى يعود ومتى يغادر، وما عليكم الا التحلّي بالصبر ان كانت غيرتكم تفوق معدّل الأنصار والاوفياء والمخلصين.

وحين عاد الزعيم الشاب منذ اسبوع، إنقلبت الاوضاع رأساً على عقب، وهو حين عاد وغادر مجدداً فلأسباب جوهرية يعرفها هو وليس ملزَماً ان يعطي جدول رحلاته.

يكفي حين خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز اراد مشكوراً تقديم المليار دولار لمساندة لبنان والقوى الامنية، سلم الأمانة الى الرئيس الحريري وهذه الثقة عنوانها: تقدير وتعزيز لدور الزعيم الشاب.

إذا كنتم تريدون العمل فهناك ما تقومون به غير تتبع ساعة إقلاع وهبوط طائرة الرئيس الحريري حماه الله من الغيارى.