IMLebanon

سعدنايل تنضم الى خسائر الحريري الجغرافية

بعد عودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الشهر الماضي الى بيروت، اعتقد كثيرون ان العودة نهائية واتت في توقيت حساس، لشدّ عصب الطائفة السّنية المنقسمة بين الزعماء السّنة والجماعات الاصولية، وحينها إستبشر مناصروه خيراً، كذلك فعل اللبنانيون اذ اعتقدوا ان رمز الاعتدال السّني في لبنان يحمل حلاً اقليمياً ودولياً وسيبادر الى الاسراع في المساعدة لإنتخاب رئيس للجمهورية، لكن سرعان ما تبددت هذه الامال بعد مغادرته الفورية، اذ لم تدم الزيارة سوى ايام معدودة، كانت كافية لإعادة مناصريه الى زمن الاحباط فعادوا للانقسام من جديد، هذا الكلام لأوساط سياسية سنية تعتبر أن الحريري يخسر البلدات السّنية الواحدة تلو الاخرى، وقد بدأت هذه الخسارة في طرابلس لصالح الجماعات السلفية المنتشرة بكثرة، خصوصاً بعد التصريحات الغاضبة التي اطلقها قادة المحاور ضد الحريري على أثر اعلانه الاستعداد للمشاركة بحكومة إئتلافية مع حزب الله بإعتباره حزبا سياسياً، وقوله بأن المتهم بريء حتى تثبت ادانته، ما جعل التكفيريين يُسيطرون على طرابلس تحت عنوان: «إعادة الحقوق الى اهل السّنة»، في وقت يحتاجون فيه الى شدّ عصبهم كي يشعروا ان زعيمهم باق الى جانبهم وسط كل ما يجري، وذكرت الاوساط بما جرى في طرابلس وتحديداً قبل اسابيع قليلة من معركة عبرا، حين تم إنزال صورة الرئيس الحريري ليتم إستبدالها بصورة احمد الاسير الذي رأوا فيه زعيماً يدافع عن حقوقهم، ما يعني ان طرابلس لم تعد منذ ذلك الحين في قبضة تيار «المستقبل»، لان التشاور قائم حالياً مع مشايخ المدينة والتيارات السلفية فقط.

اما على صعيد عرسال، فتشير هذه الاوساط الى ان ما جرى على ارضها الشهر الماضي وما تكبّده اهلها من خسائر جعلتهم غير آبهين بكل اهل السياسة، ورأت أن هبة الـ 15 مليون دولار قد تعيد الزعامة لفترة وجيزة فقط، لان المطلوب احتضان الاهالي والمؤيدين، ومَن يريد ان يكون زعيماً عليه ان يكون حاضراً مع اهله ومناصريه، لا ان يُطلق الخطابات الرنانة من الخارج، معتبرة بأن العديد من رجال السياسة يتلقون تهديدات ولم نرهم خارج لبنان، ناقلة عن الاهالي قلقهم من وضع البلدة الواقع اليوم على خط الزلازل الامنية، اذ ان هذا القلق لم تعشه المنطقة في أوج الحرب اللبنانية وعلى مدى عشرين عاماً من الصراع الطائفي في البلد، لان بلدتهم دفعت ثمن حروب الاخرين.

ورأت الاوساط السنية أن ما جرى منذ يومين في سعدنايل فاق كل التوقعات، حين تم إنزال صور الحريري والسنيورة لتستبدل بصور امير الدولة الاسلامية «داعش» ابو بكر البغدادي ولأول مرة، ما أكد خروج البلدة عن عباءة الحريري، وهي التي كانت تعتبر اول معاقل تيار «المستقبل» مثلها مثل الطريق الجديدة التي خف وهج الحريري في شوارعها خصوصاً بعد زيارته الخاطفة الى بيروت، معتبرة أن رفع صورة رمز الارهاب في سعدنايل يعتبر تطوراً خطيراً جداً، لكن المفاوضات التي جرت في البلدة وما سبقها من اشكال تخلله اطلاق نار اسفر عن سقوط جريح ، ادت الى إعادة صورة الحريري الى مكانها.

ورأت الاوساط أن كل هذا يعني خسائر جغرافية للحريري ، مشددة على ضرورة عودته الى لبنان اليوم قبل الغد، وإلا ستتوالى خسائره اكثر وغداً سيأتي دور منطقة اخرى، وكل هذا يحتاج الى رفع السقف السياسي عالياً من تيار «المستقبل»، للحؤول دون انتشار التيارات السلفية والتنظيمات الارهابية في كل لبنان، وبصورة خاصة في طرابلس وعرسال وسعدنايل، واعتبرت أن بعض قادة السّنة غير البارزين سياسياً يشّجعون الحركة الناقمة على الحريري وتياره، في حين عليه ان يعود من جديد زعيماً سّنياً قوياً لانه دفع ثمناً باهظاً هو إستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، خصوصاً ان دمه ودم رفاقه أخرجا الجيش السوري من لبنان، وسياسته لطالما تميّزت بالاعتدال والابتعاد عن التطرف والمناداة الدائمة بالعقلانية. لذا لن تتغلب السياسة الضيقة على السياسة المنفتحة مهما حصل. وختمت الاوساط بأن الكرة السياسية اليوم في ملعبه، وعليه ان يعي خطورة ما يقوم به من اخطاء سياسية قد تجعله ضعيفاً على الساحة السياسية.