أولى رئيس الحكومة تمام سلام، خلال اليومين الماضيين، اهتماماً بالغاً بقضية العسكريين المخطوفين، وتابع أولاً بأول تطورات الاتصالات والمساعي الجارية لإطلاقهم، مرحّباً بالإفراج عن العسكريين الخمسة.
وشدّد سلام لـ«السفير» على «أنّنا سنواصل مساعينا المكثّفة من أجل الافراج عن جميع العسكريين وعودتهم إلى أهلهم وحضن وطنهم سالمين، لكنّنا نتعامل مع القضية بكثير من السرية والحكمة»، متمنياً على «جميع الأطراف السياسية وعلى وسائل الاعلام، وحتى على أهالي العسكريين، التعاطي مع القضية بمسؤولية كبيرة، لأن كل كلمة محسوبة وكل تصرف محسوب ويمكن أن تنعكس سلباً أو إيجاباً على القضية».
واستغرب حملات الشحن والتحريض التي ترافق القضية، محذراً من «تحولها إلى فتنة مذهبية تزيد البلد مشكلات خطيرة اذا لم يتدارك الجميع ردات الأفعال والتصرف اللامسؤول». وتساءل: «لماذا ولمصلحة من يجري تصنيف العسكريين بين سني وشيعي ومسيحي ودرزي؟ والى أي نتيجة سنصل بهذا التصرف؟ واذا كان المسلحون يتصرفون على هذا النحو لمصلحة خاصة بهم، فهل ننجرّ نحن إلى هذه التصنيفات؟».
وأكّد سلام أنّ «قضية العسكريين وطنية بامتياز وتعني جميع اللبنانيين، كما تعني الحكومة والجهات الامنية المعنية، ونحن حذرون جدا في كيفية التعاطي مع هذه القضية نظرا لدقتها وحساسيتها، حتى انني لم أُبلّغ اهالي المخطوفين بكل المعلومات والمعطيات حرصاً على سرية القضية التي نتابعها بشكل دقيق وساعة بساعة».
ورحّب بـ«أي مسعى يقوم به أي طرف محلي او عربي او دولي من اجل الإفراج عن العسكريين، ولا يجوز التحامل على أي بلد عربي يريد مساعدتنا في حل القضية، سواء قطر أو غيرها».
وأضاف سلام «إن الوضع في عرسال، امنيا واجتماعيا وانسانيا، دقيق للغاية ولا يجوز التهور والتسرع، والجيش يقوم بواجباته على اكمل وجه في ضبط الوضع والتصدي للمسلحين، ويكفي الجيش ما يتحمله في هذه القضية».
وكان سلام قد ترأس مساء أمس في السرايا الحكومية اجتماعاً وزارياً أمنياً لمتابعة قضية العسكريين المخطوفين والوضع الامني بشكل عام في عرسال وسواها، وحضره نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، ووزير العدل اللواء أشرف ريفي، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمّود.
كما حضر الاجتماع قائد الجيش العماد جان قهوجي، والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع محمد خير، ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، ومدير المخابرات العميد ادمون فاضل ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد عماد عثمان.
واستمع المجتمعون إلى عرض من القادة الأمنيين للأوضاع الأمنية في جميع المناطق اللبنانية، وخصوصا في منطقة عرسال، التي ما زال المسلحون غير اللبنانيين المنتشرون في الجرود يشكلون مصدر تهديد لها.
وجرى في الاجتماع «نقاش مسهب حول جميع المعطيات الأمنية والاجراءات الواجب اتخاذها لتحصين الاستقرار، واتخذت القرارات المناسبة»، بحسب البيان.
سلام يلتقي أهالي العسكريين
كذلك التقى رئيس الحكومة، أمس الأوّل، في دارته في المصيطبة بحضور وزير الداخلية نهاد المشنوق، وفداً من اهالي العسكريين في عكار يرافقهم مفتي عكار الشيخ زيد زكريا، والنواب: خالد الضاهر، معين المرعبي وخالد زهرمان، وعدد من رجال الدين ورؤساء البلديات، الذين طالبوا الدولة بـ«تحمل مسؤولياتها لإعادة أبنائهم».
وأعلن سلام خلال الاجتماع أن «هناك خلية وزارية برئاسته، وعضوية وزراء الدفاع والخارجية والداخلية والعدل، تعمل بعيدا عن الاضواء على متابعة ملف المخطوفين، وتجري اتصالات مع كل من يستطيع أن يساعد داخليا وخارجيا لايجاد حل لهذه المأساة».
وقال مطمئِنا الوفد: «أولادكم أولادنا، وهم أولاد الدولة اللبنانية. لن نفرط بهم، ولن نتوقف لحظة واحدة عن السعي إلى تحريرهم، ولن نتوقف عما باشرناه في البحث عن كل المخارج الممكنة لهذا الموضوع». ودعا أهالي المخطوفين الى «التزام الصبر والحكمة»، مشدداً على أنّ «الموضوع شائك ومعركتنا مع الارهاب طويلة. الطريق أمامنا ليست معبدة، والنتائج قد لا تكون سريعة. لا عصا سحرية عندي، ولا عند الحكومة. كل ما استطيع أن أعد به هو أننا لن نتخلى عن مسؤولياتنا لحظة واحدة، وننبه إلى وجوب الابتعاد عن المزايدات السياسية في معالجة الملف، لأن الاستعراضات الاعلامية في هذه المسألة الدقيقة، ليست مفيدة ولن تساعد في إعادة أبنائنا».
ودعا أهالي العسكريين المخطوفين الى «الوقوف خلف الجيش ومنحه الثقة الكاملة، لأنه كان وسيبقى درعنا الحامي»، مشددا على أن «أي انتقاد للجيش في هذه المرحلة الحساسة، لن يكون في محله».
بدوره، دعا المشنوق أهالي العسكريين إلى «الثقة بالحكومة وبالجهود، التي تبذلها للوصول الى خاتمة سعيدة لهذا الملف». وطمأنهم إلى أن «الاتصالات التي نجريها في جميع الاتجاهات وبعيدا عن الاضواء، لم تتوقف لحظة واحدة، وسوف تستمر بكل زخم للوصول الى نتيجة».
ودعا أبناء عكار وجميع أهالي الأسرى إلى «عدم الوقوع في فخ الاستعراضات الاعلامية، التي لن تحقق أي نتيجة ايجابية».