شغلت مظاهر التضامن اللبناني مع غزة في مواجهتها للعدوان الاسرائيلي المتواصل عليها منذ اسبوعين جانبا واسعا من تعقيدات المشهد الداخلي وبرزت في هذا السياق المبادرة الاعلامية التي اطلقها ناشر “السفير” الزميل طلال سلمان والتي بثتها جميع محطات التلفزيون اللبنانية مساء امس عبر نشرة اخبارية موحدة تحت عنوان “فلسطين لست وحدك” وبدت بمثابة اختراق اعلامي فريد للانقسامات الداخلية في تعبير عن اجماع لبناني متضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته.
وسط هذه الاجواء، بدا الانشغال السياسي موزعا بين الاستعدادات الجارية لإعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء الذي اصيب بنكسة قبل اسبوعين ومعالجة الخلافات التي اثارتها ملفات الجامعة اللبنانية وتغطية الانفاق المالي والاجواء المقفلة في شأن الازمة الرئاسية التي بدا من آخر تفاعلاتها تصاعد سجالات مباشرة او بالواسطة بين الرئيس سعد الحريري وفريق العماد ميشال عون وهو أمر يتخذ دلالات بارزة لجهة المآل السلبي الذي بلغه الحوار العوني – الحريري.
أما على صعيد الاستعدادات لجلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل فبرزت طلائع ايجابيات يجري العمل عليها في محاولة للخروج بحلول لملفي الجامعة اللبنانية والتغطية القانونية لرواتب الموظفين في القطاع العام.
سلام
وصرح رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لـ”النهار” امس بأنه بناء على طلب وزير المال علي حسن خليل أضيف ملحق بند الرواتب الى جدول أعمال جلسة المجلس الخميس، موضحا ان بند الجامعة لا يزال يحتل أولوية البنود. ووصف الجلسة المقبلة للحكومة بأنها بمثابة “امتحان لاظهار النيات حيال تسيير عمل مجلس الوزراء، وكنا أعطينا الفرصة الاسبوع الماضي للهدوء، ولكي يراجع جميع الاطراف ظروفهم من دون ممارسة الضغط على احد بل باعتماد التوافق”. ولفت الى سلسلة اجتماعات عقدها مع الوزراء تحضيرا للجلسة.
وردا على سؤال عن التطورات الامنية في طرابلس قال الرئيس سلام: “انطلاقا مما أبلغته لوفد “هيئة العلماء المسلمين” نؤكد الحرص على تثبيت الامن”. وتساءل: “هل المطلوب ابطاء تنفيذ الخطة الامنية من اجل ايجاد توازن على هذا الصعيد؟” وأضاف: “لن يقف امامنا أي عائق لتمضي الاجهزة الامنية في عملها والتي لن تطبّق الخطة الامنية بالتراضي بعدما أظهرت جهوزية متقدمة جدا في مواجهة الارهاب الخارجي والخلل الامني الداخلي مع تركيزنا على التنسيق بين هذه الاجهزة مما يعطينا الثقة بهدوء البلد واستقراره واستئصال الارهاب والعبث الامني في أي منطقة. لذا نرجو الجميع ان يعلموا ان الاستقرار الامني ليس لإراحة البلد او ازالة الارهاب فحسب، بل وهذا هو الاهم، نزع فتيل الفتنة المذهبية. لقد أحبطت ثلاث عمليات ارهابية فلم تحقق اهدافها في قتل الابرياء وهدم الممتلكات فقط بل أخفقت في زرع الفتنة والاجرام في لبنان وذلك بفضل أجهزة أمنية لا تعترف بلون الارهاب ولا بطائفته بل ستواجهه بالوسائل المتاحة حتى ازالته”. وأعاد الرئيس سلام الى الاذهان “الاستهداف الامني الكبير الذي تعرّض له لبنان العام الماضي لكننا الآن وبفضل غطاء سياسي توفره الحكومة الحالية نتحرّك بفاعلية أكبر”.
جنبلاط
وعلمت “النهار” ان رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط وحرصا منه على تسيير عمل مجلس الوزراء في ظل عدم وجود أفق في انتخابات رئاسة الجمهورية وحرصا منه على الجامعة اللبنانية كمرفق مهم جدا، أبلغ الرئيس سلام مساء امس وكذلك أبلغ وزير التربية الياس بو صعب انه مستعد للسير بالاقتراح الذي يبقي الدكتور بيار يارد عميدا لكلية الطب ولو على حساب التمثيل الدرزي في العمداء على رغم ان اسم العميد الدرزي المقترح لكلية السياحة هو الدكتور فهد نصر وهو من أفضل الكفايات في الوسط الاكاديمي.
وقالت مصادر وزارية مواكبة لـ”النهار” ان “التطور الايجابي الوحيد الذي حصل عليه الرئيس سلام هو قبول جميع الاطراف بأن أي خلاف داخل مجلس الوزراء لن يعطّل عمله، كما أن أي خلاف على أي بند لن يعطّل جدول الاعمال”. ولفتت الى ان “التيار الوطني الحر” لا يزال متمسكا بمرشحه لكلية الطب في الجامعة اللبنانية. وتوقعت ان تكون الجلسة المقبلة هادئة.
الرئاسة
في الملف الرئاسي، علمت “النهار” ان السفير البابوي في لبنان غبريالي كاتشيا أجرى امس اتصالات مع عدد من سفراء الدول الاساسية المعنية بالاستحقاق الرئاسي في محاولة لاستكشاف آفاق العمل على تحريك ملف الاستحقاق وهو سيلتقي قريبا جدا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لهذه الغاية. ويقول مواكبون لهذا التحرك انه جاء في صورة لافتة بالتزامن مع ما طرحه الرئيس الحريري على هذا الصعيد مما يشير الى ان حركة جديدة قد بدأت. وعلم ان السفير البابوي كان له لقاء مع السفير الايراني الجديد محمد فتحعلي الذي كشف خلال زيارته امس لوزير العمل سجعان قزي ان طهران “أكدت بشكل قاطع رفضها طلبات أكثر من طرف لبناني ممارسة ضغوط لانجاز الاستحقاق الرئاسي”، موضحا “ان اصدقاء ايران في لبنان لا يتأثرون بالخارج”. وفهم ان زيارة السفير الايراني للوزير قزي هي مقدمة لانفتاح على حزب الكتائب في القريب العاجل.