سلام يدق ناقوس الخطر: الوضع يتراجع نتيجة التعطيل
إنهيار التفاهم على قطع الحساب يهدّد الجلسة التشريعية .. ومواجهات القلمون تُفاقِم المخاطر
ينقضي هذا الأسبوع من دون مؤشرات على إحداث حلحلة، لا على صعيد عقد جلسة لمجلس الوزراء، ولا على صعيد الاتفاق على جدول أعمال جلسة تشريعية، ولو على قاعدة «الضرورة القصوى».
ومردّ هذه النتيجة، أن الاتصالات التي جرت، سواء، عبر المكوك الاشتراكي وزير الصحة وائل أبو فاعور أو المشاورات التي جرت بين نواب كتلة «المستقبل» والرئيس سعد الحريري في المملكة العربية السعودية، أو المشاورات الجارية بين عين التينة والرابية، عبر رئيس لجنة المال النيابية النائب ابراهيم كنعان، لم تفضِ الى أي نتيجة علنية، حتى أن بعض العاملين على خط الوساطة أُصيب بإحباط، نظراً لغياب خارطة طريق واضحة، وفي ما خصّ العملية السياسية اللبنانية، سواء في ما يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية أو التفاهم على قانون جديد للانتخابات، أو الالتزام بآلية التفاهم التي وضعها الرئيس تمام سلام وعنوانها: التوافق في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، وإدارة البلاد في المرحلة الانتقالية في ظل تحديات بالغة الخطورة، على المستويات الدستورية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن ملف النازحين السوريين الذي يشكّل بدوره «نقطة تجاذب خطيرة» بين من يدعو الى تشكيل لجنة لبنانية – سورية لمعالجة هذا الملف الضاغط على مكونات الدولة في لبنان وإمكانياتها الاقتصادية والمالية والخدماتية، وبين من يفضّل أن تبقى العلاقة محصورة بين الدولة اللبنانية والمفوضية العامة للاجئين التي بدورها تجري الاتصالات الضرورية مع الدولة السورية.
على أن التوافق الذي أدى الى ولادة حكومة المصلحة الوطنية، رفض الرئيس تمام سلام أن يتسلّل الى تعطيل السلطة التنفيذية بعدما أصاب السلطة التشريعية بالتعطيل.
وفي موقف تميّز بالشفافية والصراحة، حذّر الرئيس سلام في إفطار دار الأيتام الإسلامية في «البيال»، من أن الأوضاع العامة في البلاد بدأت تتراجع، الأمر الذي يترك انعكاسات سلبية على مصالح اللبنانيين وعلى المناخ الوطني العام.
وإذ عدّد الملفات التي تحتاج الى معالجة سريعة، سواء في ما يتعلق بملف النازحين أو الدين العام أو سندات الخزينة أو سلسلة الرتب والرواتب أو قضية الجامعة اللبنانية والمياه والكهرباء والنفايات، اعتبر الرئيس سلام أن تعطيل هذه المعالجات نتيجة التناحر والتجاذب السياسيين ينذر بعواقب وخيمة لا يحتملها أحد.
وأكد سلام أن الوضع الأمني متماسك وثابت، وأن لبنان ما يزال بعيداً عن التطرّف الديني الذي يولّد الإرهاب، وأن لا بيئة حاضنة فيه للتطرّف، معتبراً أن إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، يستجلب الأذية المجانية لأهلنا في لبنان، وأن الدولة ملتزمة جميع القرارات التي ترعى الوضع في الجنوب ولا سيما القرار 1701.
الجلسة النيابية
في هذه الأجواء، بقيت الجلسة النيابية عنوان الاتصالات الجارية، فكتلة «المستقبل» أعلنت أنها لا تقاطع المجلس في ما يتعلق بالقضايا الملحّة، كالموازنة وسندات الخزينة لتسديد الدين الخارجي، وتمرير سلسلة الرتب والرواتب ضمن مواصفات العدالة بين مختلف القطاعات والتوازن بين الواردات المرتقبة والإنفاق، لكن قضية رواتب موظفي القطاع العام لا تحتاج الى تشريع نيابي، بل يمكن السير بها استناداً الى قانون المحاسبة العمومية وموازنة 2005 بانتظار البت بموازنة الـ 2014 التي إذا أقرّت من شأنها أن تعالج جميع الأمور العالقة منذ السنوات الماضية.
ووفقاً لمصدر نيابي فإن لا تقدّم في تذليل نقطة الخلاف العالقة حول جدول أعمال الجلسة، ولا سيما حول مسألة قطع الحساب للموازنات السابقة من العام 2006 إلى العام الحالي، والتي يبدو انها هي نقطة الخلاف الرئيسية.
وأكّد نائب في كتلة «المستقبل» لـ «اللواء» أن موقف الكتلة في بيانها الذي صدر أمس، والذي اعتبره ايجابياً لجهة عدم ربطه بأي قضية أخرى، هو ما عاد به الوفد برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة من لقاء الرئيس سعد الحريري، لكن مصدراً قريباً من عين التينة اعتبر انه لا يتضمن مؤشرات توحي بالتقدم إلى الأمام، واصفاً مضمون البيان بأنه «سلبي».
الا أن الرسالة التي أتى بها النائب إبراهيم كنعان إلى عين التينة، ناقشت إمكان عقد جلسة من دون كتلة «المستقبل»، الأمر الذي لا يشجعه الرئيس برّي، لا سيما وأن ثمة طرفاً ثالثاً يعمل على التوسط إلى تفاهم يمهد لتمديد جديد لمجلس النواب بالاتفاق بين كتل التنمية والتحرير و«المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» ومسيحيي 14 آذار، تماماً كما حصل في التمديد الأوّل.
وإذ كشف المصدر النيابي المستقبلي بأن محادثات وفد الكتلة مع الرئيس الحريري في جدّة، كانت جولة أفق في كل شيء، مشدداً على أنه آن الأوان لنبحث في اتفاق في شأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إذا كانت هناك نية جدية لإخراج هذا الموضوع من وضع «المكربج»، أكّد زوّار الرئيس نبيه بري ان لا جديد لديه في ما خص انتخاب الرئيس، وأن الوضع ما زال على حاله.
ونقل هولاء الزوار عن رئيس المجلس حرصه على اجراء هذه الانتخابات في هذه اللحظات، حيث المنطقة تشتعل بغية الحد من تداعيات هذا الحريق على لبنان، مشدداً على أن المدخل الحقيقي للتحصين الداخلي يكون من خلال تفاهمات سياسية كبيرة، مؤكداً على ضرورة تفعيل عمل المؤسسات إن كان في الحكومة أو في المجلس النيابي.
ولفت الزوار إلى أن الرئيس برّي يبذل جهوداً لعقد جلسة تشريعية من أجل معالجة معاشات الموظفين التي تحتاج الى سند قانوني، موضحاً أن ليس هناك من شيء نهائي بعد بهذا الخصوص، لكن المساعي مستمرة.
وجدّد برّي على انه لا يجوز أن يفرمل عمل الحكومة التي عليها أن تأخذ دورها وتمارس صلاحياتها، مشدداً على أن تعطيل المؤسسات يزيد من الانكشاف الأمني وتداعيات الوضع في المنطقة.
ويتماثل موقف الرئيس برّي من الحكومة مع موقف كتلة «المستقبل» التي شددت على تعزيز هذا العمل لتسيير أمور البلاد والمواطنين لأن «الوقت الحالي ليس وقت ترف أو مزايدات»، داعية المسؤولين الى الارتفاع إلى مستوى المسؤولية.
مجلس الوزراء
اما على صعيد جلسات مجلس الوزراء، فالاقتراح الذي نقله الوزير أبو فاعور إلى السراي الكبير، ويقضي بتجاوز ملف الجامعة، باعتباره ملفاً خلافياً، وإقرار ما هو متوافق عليه من نقاط على جدول الأعمال، لم يلق جواباً فورياً من الرئيس سلام الذي أكّد التمسك بالتوافق وبأهمية التوافق على ملف الجامعة بشقيه المتعلق بالعمداء وتفرغ الأساتذة، نظراً لأهمية هذا الموضوع الذي يتعلق بآلاف الطلاب الذين ينتظرون إعلان نتائج امتحاناتهم في كليات الجامعة اللبنانية.
وازاء تعثر هذا الملف، ألغى الوزير الياس بو صعب لقاء مع الوزير الكتائبي آلان حكيم للتباحث في حصة الكتائب في مجلس الجامعة.
وفهم أن سبب ارجاء اللقاء كان تمسك الحزب التقدمي الاشتراكي بالعميد الحالي لكلية الطلب بيار يارد، وهو المنصب الذي يطالب الكتائب به مع مفوض الحكومة في مجلس الجامعة من الطائفة الكاثوليكية.
وأكدت مصادر السراي انه لم يحصل حتى الساعة أي تقدّم في الاتصالات التي يجريها الرئيس سلام مع القوى المعنية، وبالتالي فان لا دعوة لمجلس الوزراء ستوجه قبل الوصول إلى تفاهم على ملف الجامعة، في ظل تمسك الرئيس سلام بمبدأ التوافق المسبق على أي بند سيطرح على مجلس الوزراء التزاماً بالاتفاق الذي تمّ في هذا الشأن مع مكونات حكومة المصلحة الوطنية.
الصواريخ
وإلى جانب موقف الرئيس سلام الرافض لإطلاق الصواريخ من الجنوب، لأنه لا يستجلب سوى الأذية المجانية، أعلنت كتلة المستقبل رفضها القاطع لاستخدام الأراضي اللبنانية لإطلاق الصواريخ، معتبرة هذا العمل «محاولة مدسوسة لاستخدام الأراضي اللبنانية لتنفيذ سياسات إقليمية تناقض مصالح لبنان الوطنية الذي يلتزم بالقرارات الدولية، ولا سيما القرار 1701».
ولوحظ أن إطلاق الصواريخ توقف أمس، حيث لم تسجل أي عملية جديدة بعد العمليات الأربع التي هزّت الأمن الجنوبي على مدى ثلاثة أيام متتالية، وربما جاء ذلك نتيجة الاجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها قوات الجيش اللبناني و«اليونيفل» أو بعد الليلة القاسية التي عاشتها منطقة صور أمس الأول نتيجة القصف الاسرائيلي رداً على الصاروخين اللذين أطلقا من سهل القليلة، إذ استهدفت بلدات القليلة وسهلها والعزية والحنية ومجدل زون والمنصوري ومحيط مخيم الرشيدية بنحو 30 قذيفة مدفعية اقتصرت أضرارها على الماديات.
أما بالنسبة الى الجبهة البقاعية، الشمالية المشتعلة، والتي كانت شهدت معارك عنيفة أمس الأول بين «حزب الله» ومسلحي المعارضة السورية أدت الى سقوط عشرات القتلى، فقد استتبعت أمس بسقوط 7 جرحى في صاروخين استهدفا أحد بساتين وادي نحله في جرود عرسال، في حين بقيت مناطق عكار الحدودية عرضة لقذائف سورية من الجانب الحدودي السوري.