IMLebanon

سليمان يتحدث لـ “الشرق” من باريس عشية عودته الى بيروت: شخصية ثالثة توافقية للرئاسة.

سليمان يتحدث لـ “الشرق” من باريس عشية عودته الى بيروت: شخصية ثالثة توافقية للرئاسة… لست انا من اخذ المقاومة الى الزواريب…حزب الله فعل ذلك… الفرنسيون والاميركيون كانوا يرغبون بالتمديد لي فرفضت بحزم

حاورته: تيريز القسيس صعب

ترك رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان قصر بعبدا في 25 ايار وغادر الى باريس لاسباب عائلية خاصة، و سدة الرئاسة مازالت شاغرة وسط التجاذبات السياسية الداخلية، والاتصالات الخارجية والاقليمية.

فما يمكن استنتاجه اليوم، ان الاستحقاق الرئاسي مازال يحظى باهتمام الدول الخا رجية والاوروبية المعنية مباشرة بالملف اللبناني، ولكن حظوظ انتخاب رئيس جديد مازالت باردة على الرغم من النداءات الدولية بضرورة توافق اللبنانيين في ما بينهم على تمرير الاستحقاق قبل فوات الاوان.

هذا الموقف الخارجي يتماشى مع الدعوات المتكررة للرئيس سليمان الى الاسراع في الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية قبل اي شيء آخر ، وذلك بهدف حماية لبنان من اي تداعيات او اخطار.

سليمان وفي اول حديث له ل»الشرق» منذ الشغور الرئاسي، وفي الشقة التي استأجرها في العاصمة الفرنسية، اكد ان لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين او الفرنسيين تركزت حول كيفية حماية الاستقرار في لبنان والسلم الاهلي. وقال ان تعطيل النصاب امر غير ديموقراطي لأن كل فريق متمسك برأيه وبمرشحه.

وكشف سليمان لأول مرة منذ تركه الرئاسة ان الطرفين الفرنسي والاميركي كانا يرغبان في التمديد له لتلافي الشغور، لأنهما يعتبران بحسب رأيهما ان التمديد هو بمثابة انتخاب رئيس جديد، لكن الدستور يمنع ذلك، وبالتالي فان موقفي كان حازما برفض الموضوع لأنني اعتبر هذه المسالة عنوان لحقبة معينة لا يحبذها الشعب، أضف الى ان التمديد للنواب رسخ الامتعاض الوطني.

سليمان جدد موقفه الرافض زج المقاومة في الحرب في سوريا، وقال لست ان من أخذ المقاومة الى الزواريب إنما «الحزب»هو الذي فعل ذلك، وهو الذي خرج من ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة. وقال هل سئل رئيس الجمهورية، ام الحكومة، أم الجيش… اذا كان لبنان يتحمل وجيشه عبء فتح الحدود بين لبنان وسوريا؟ ورأى ان الحزب هو الذي خربط»ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

الرئيس سليمان دعا الجميع للعودة الى الوطن وترك التدخل في الشان السوري،وان نحل امورنا مع بعضنا البعض.

واشار الى ان «اعلان بعبدا» الذي قبل ثم رفض ثم أعيد قبوله، دخل في تجاذبات كبيرة لأن الطرف الآخر اعتبره أباً للاستراتيجية الدفاعية والعقيدة السياسية له. ورفض سليمان اي تمديد جديد للمجلس النيابي، وقال ان من يعطل الدستور والانتخابات الرئاسية هو نفسه يستطيع ان يمدد ويفعل ما يشاء.

سليمان أشاد بالجهود الامنية المبذولة والتنسيق القائم بين المؤسسات الامنية، كما بالالتفاف الشعبي حولها، مستبعدا عودة الاضطرابات الى لبنان.

كلام الرئيس سليمان جاء خلال لقاء الحوار مع «الشرق» في مقر اقامته الموقت في باريس عشية عودته الى لبنان، وهنا النص:

التوافق على شخصية ثالثة

– «الشرق»: لا شك أنك اغتنمت وجودك في باريس لعقد محادثات مع الجانب الفرنسي وسواه من زوار باريس المحليين… فماذا كان محور تلك المحادثات؟

سليمان: تمحورت لقاءاتي في العاصمة الفرنسية مع المسؤولين الفرنسيين والاوروبيين حول حماية السلم الأهلي والاستقرار في لبنان عبر إجراء انتخابات رئاسية.

فالوضع في الرئاسة أصبح معروفاً، هناك طرفان مرشحان لا يتنازلان لبعضهما البعض، وهذا الأمر يتطلب حلاً سريعاً إما بالتنازل او بترشيح طرف ثالث، المطلوب ان يذهب النواب الى مجلس النواب وان يحاولوا اجراء الانتخابات والاتفاق في ما بينهم، فالممارسة الديموقراطية ترتكز على ثلاثة أفكار: اللقاء بين الأشخاص، النقاش في ما بينهم توصلاً للاتفاق واذا لم يحصل ذلك يتم التصويت، فتعطيل النصاب أمر غير ديموقراطي، واليوم نلاحظ ان الاقتراع غير متوافر لأن كل فريق متمسك برأيه، لذلك علينا العودة الى التوافق على شخصية ثالثة، وهذا ما يجب السعي اليه لنتمكن من ادارة شؤون البلد، وتبقى اللعبة السياسية موجودة في أيدي الزعامات السياسية ان عبر الحكومات أو من خلال استشاراتهم في أمور مصيرية.

المرشح حلو

… لكن فخامة الرئيس هناك النائب هنري حلو مرشح أيضاً؟

– جيد، فالنائب هنري حلو شخص صالح جداً لتولي هذا المنصب، وأنا أتمنى ان يصار الاتفاق عليه، وهو يمثل تكتلاً نيابياً معيناً. لكن عندما نتحدث عن الاتفاق، فهذا يعني موافقة الجميع على هذه الشخصية، فإذا تعذر الاتفاق على حلو، وطرح اسم آخر بديلاً كمرشح يحظى باتفاق الكل، فإن وليد جنبلاط سيؤيد الاسم الثالث المتفق عليه للانتخابات الرئاسية، وأعتقد ان وليد بك يفضل الاتفاق على حلو، فهو شخصية جيدة وتستحق تولي منصب الرئاسة.

وسئل: يفهم من حديثك، اننا مازلنا أمام حائط مسدود؟

أجاب: لا أريد ان أقول حائط مسدود إنما لم تحصل اتفاقات بعد بين اللبنانيين. فعندما نقول حائطاً مسدوداً يعني ذلك ان ليس هناك مجال للتفاهم او للحوار، فلا نريد دهم الدستور والطائف ولا نريد تغيير قواعد اللعبة، نحن ثابتون في اللعبة الديموقراطية.

وجهة النظر الفرنسية

وسئل: ما حجة الكلام عن ان الجانب الفرنسي كان يرغب وحاول البحث فعلاً في التمديد ولو لفترة وجيزة؟

أجاب: يرى الطرف الفرنسي مع أطراف دوليين آخرين ان التمديد ربما قد يكون حلاً لتلافي أزمة الشغور في لبنان وبحسب رأيهم فإنهم يعتبرون التمديد وكأنه انتخاب ثان للرئاسة كما يحصل في دولهم، ولا يتناولون الدستور في لبنان لأنه يمنع هذا الأمر. أما بالنسبة اليّ، فأني أرى ان التمديد هو عنوان لحقبة معينة لا يحبذها الشعب إضافة الى ان التمديد الذي حصل للنواب رسخ الامتعاض الوطني من هذا الأمر. لذا نحن ننظر الى الأمور بشكل مختلف عما يراه الأوروبيون او الأميركيون…

أضاف: أقول بصراحة، ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند صارحني منذ سنة في هذا الأمر، وكان جوابي منذ تلك الفترة قاطعاً وواضحاً في هذا الشأن، وكنت أرفض هذا الأمر اضافة الى ان أطرافاً آخرين في لبنان لا يرغبون في التمديد لدرجة ان البعض عاتبني على مواقفي الرافضة له، فبالنسسة اليّ المواقف التي اتخذتها خلال ولايتي وتصريحاتي أهم بكثير من التمديد الذي قد يكون لأشهر او لسنة، فمواقفي اما ستنفذ أم ستبقى حية للتاريخ الى حين تنفيذها.

التمديد والفراغ

وسئل: هل يمكن القول ان لبنان اليوم يتعايش مع الفراغ أكثر في التمديد؟

أجاب: للأسف، لقد حاولوا اقناع البعض بأن الفراغ لا يؤثر على حياة المؤسسات وليس هناك من مشكلة قد تطرأ على البلد، لماذا قالوا ذلك لأنهم بحسب رأيهم اعتبروا ان رئيس الجمهورية أثناء وجوده لم يكن موجوداً، للأسف، هذا الرأي تبدل وتنقل من جهة الى أخرى، فأنا مازلت ثابتاً في مواقفي وقد فاجأت البعض وقلتها في خطاب القسم، واذكر انني قلت ان المقاومة حاجة في ظل غياب الدولة وان عظمتها تأتي من خلال تضحيات ابطالها، ولحفظ انجازاتها يجب دعم الاستراتيجية الدفاعية لتستفيد من قدرات المقاومين لعدم وضعها في الزواريب الضيقة… هذا ما قلته منذ بداية عهدي فلست أنا من أخذ المقاومة الى الزواريب إنما الحزب هو الذي فعل ذلك. وأنا مازلت أرى ان للمقاومة اعتباراً كبيراً عند اللبنانيين، وهذا أمر جيد، لكن الحزب هو الذي خرج مما يسمى المعادلة الثلاثية الجيش، الشعب والمقاومة.

وقال هل أحد سأل الجيش او قائد القوات المسلحة أو رئيس الجمهورية، اذا كان لبنان يتحمل وجيشه عبء فتح الحدود بين لبنان وسوريا؟، اذا أردنا ان نتحدث عن ثلاثية فهذا الأمر حصل من دون مشاورة الجيش.

وهل سئل الشعب عن هذا الأمر خصوصاً وان الشعب منقسم حول هذه القضية، فالشعب يتمثل برئيس الجمهورية وبالحكومة؟ فهم أنفسهم «خربطوا» الثلاثية ولم يخربطها الا الطرف الذي شارك في الحرب في سوريا.

عودة الى الوطن

أضاف سليمان لذلك وبكل صدق ومحبة، أقول عود على بدء لنعود الى الوطن ونترك التدخل في الشأن السوري، ونحل شؤوننا بين بعضنا البعض، فنحن قادرون على ذلك، وما مرّ على لبنان الى اليوم على الرغم من بعض الأحداث هو أمر جيد، فلو كنا فعلاً ننأى بأنفسنا عن التدخل في سوريا، فكان وضعنا على المستويات كافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية أفضل بكثير.

ورداً على سؤال رأى الرئيس السابق ان «اعلان بعبدا» الذي أصبح وثيقة دولية، رفض ثم قبل ثم رفض من جديد من قبل بعض السياسيين في لبنان، لماذا حصل ذلك، لأنهم اعتبروا ان «اعلان بعبدا» هو أب للاستراتيجية الدفاعية، وهو العقيدة السياسية التي ستغطي الاستراتيجية الدفاعية، لذلك انا اعتبرت  ان رفض اعلان بعبدا هو رفض الاستراتيجية الدفاعية…

طائف جديد او دوحة

وسئل: هل ترى اننا اليوم أمام طائف جديد أم دوحة لحل الموضوع الرئاسي؟

أجاب: لا يجب اطلاقاً الحديث عن هذا الأمر، وعلينا ان نعرف أنه كلما تفرد أي طرف برأيه وبقراره عن ممثليه فهذا قد يؤدي الى تعزيز فرص التقسيم، فميزة لبنان هي الميزة الميثاقية والتعددية، وعلينا الاستفادة منها في التمثيل السياسي او النيابي، فإما ان نفكر بالقدرات الحضارية للطوائف في لبنا او يتكلم عن القدرات العددية؟… وأنا أرى ان ما يسري على رئيس الجمهورية يجب ان يسري أيضاً على رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب…

عون والتعديل

وسئل: ما رأيك بطرح العماد عون تعديل الدستور؟

أجاب: هذا لا يمنع النقاش ولا يتطلب الهجوم الصاعق، أنا أؤيد النسبية او أي مشروع يشبهها، فأنا مع قاعدة التشارك، ولا أريد ان أنقل عن البعض قولهم «يا ريت المسيحيين ينتخبون المسلمين، والعكس بالعكس…» لذلك علينا استكمال تطبيق اتفاق الطائف وان نصلح بعض التفسيرات التي طرحناها أثناء ممارستنا للسلطة، المهم أنه علينا استكمال من بدأنا به والا ننتقل من فكرة الى أخرى من دون الانتهاء منها، ولكن يجب ان يحصل النقاش ان بالحوار او بأدوات أخرى.

انتخابات نيابية

وسئل: بدأتا اليوم نتحدث عن انتخابات نيابية قبل الاستحقاق الرئاسي؟

أجاب: للأسف ما يتم طرحه اليوم، فعندما يوضع الدستور لا يمكن تعديله عن قصد إنما في حالات قاهرة، فالدستور يقول عند الفراغ الرئاسي تتولى الحكومة الصلاحيات، لكن الدستور لم يأخذ في الاعتبار انه سيكون هناك أشخاص يخربطون الدستور على هواهم، فمن يعطل الدستور والانتخابات الرئاسية هو نفسه يستطيع ان يمدد ويفعل ما يشاء، فليس هناك خطوط كبيرة وأخرى صغيرة. أنا أتمنى ألا يحصل تمديد آخر للبرلمان والا تدخل البلاد في سجالات دستورية وسياسية عقيمة.

الحل في لبنان يقضي اليوم قبل الغد، الذهاب الى مجلس النواب لانتخاب رئيس والاتفاق على مرشح ما، وعدم مغادرة المجلس قبل الاتفاق على اسم الرئيس، ليتم بعدها فوراً الاعداد للانتخابات النيابية.

قانون الانتخابات

أما بالنسبة الى قانون الانتخابات، فقال سليمان لقد أعطى قانون ال60 نتائج غير مرضية للشعب، فهل نحافظ عليه أم نسعى الى الاتفاق على قانون جديد، واذا لم نتمكن من التوصل الى قانون أفضل، فهل يجوز منع تداول السلطة، وعندها نصلح الخطأ بخطأ أكبر جراء عدم اجراء انتخابات والذهاب الى التمديد.

فلنجر انتخابات على القانون الموجود أفضل من ابقاء الذين نعتبر أنهم لا يمثلون الشعب، التمديد للنواب أمر مخيف حقاً، ويعني ذلك اننا رضينا بفراغ رئاسي، وهذا أمر لا يمكن قبوله فيجب انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن.

الوضع الأمني

وسئل: هل أنت متخوف من تطور الوضع الأمني في لبنان؟

أجاب: لا أبداً، وعلى الجميع ان يعرف ان لبنان هو مقبرة… الغزاة، صحيح ان أحداث أمنية حصلت خلال الفترة الأخيرة لكنها لم تخل بالسلم الأهلي وبقيت محدودة في مناطق جغرافية وزمنية.

أنا أقول ان لا عودة الى الاضطراب في لبنان، فالحوادث يمكن ان تحصل بين حين وآخر، لكن الاجهزة الأمنية واعية وهي تقوم حالياً بدور مميز، والشعب كله ملتف حول هذه الأجهزة. اليوم لا خلاف على دور الأجهزة الأمنية، فكل اللبنانيين حاضنين لهذه الأجهزة، السلم الأهلي متوفر.

وقال مع بداية الحرب في سوريا منذ 3 سنوات، لا أحد يعتقد ان الوضع الأمني في لبنان سيبقى هادئاً، والحمدلله، لقد قطعنا مراحل صعبة جداً، والقادم علينا أسهل بكثير، فالوضع الأمني أفضل وهذه رغبة اللبنانيين كل اللبنانيين العيش مع بعضهم بهدوء وسلم أهلي، وكل ما تبقى يتم التشاور والتداول به بين المسؤولين خدمة للبنان.