جدل سياسي حول تمديد رئاسي «مؤقت» يشبه «تصريف الأعمال» منعا للشغور
عاد الحديث في لبنان عن «تمديد مؤقت» لولاية الرئيس ميشال سليمان بعد انسداد أفق التوافق بين الأفرقاء اللبنانيين قبل عشرة أيام على انتهاء المهلة الدستورية، وفشل البرلمان في انتخاب رئيس خلال ثلاث جلسات متتالية إثر تعطيل النصاب من قبل كتلتي حزب الله والنائب ميشال عون.
وفي حين يأتي هذا الطرح بصيغة معدلة بما يشبه «تصريف الأعمال» إلى حين انتخاب رئيس جديد، على غرار ما يحصل في رئاسة الحكومة، لا يبدو لغاية الآن أن الاقتراح قابل للتطبيق، علما بأن البطريرك الماروني بشارة الراعي كان أول من طرحه. وتعليقا منه على ما يتداول حول هذا الموضوع، قال سليمان في تغريدة له على موقع «تويتر» أمس: «الأحد في 25 مايو (أيار) هو يوم آخر بالنسبة إلي، لم أشهد مثيلا له منذ 47 سنة (مدة خدمته في الدولة ابتداء من السلك العسكري) وأنتظر مجيئه بفرح، ولا علاقة لي بمشاريع تمديد الولاية».
وفي حين أعلن بعض الأفرقاء اللبنانيين رفضهم التمديد، لا سيما في قوى «8 آذار»، وعلى رأسها حزب الله الذي وضع «فيتو» على سليمان بعد الحرب الكلامية الأخيرة بينهما على خلفية سلاح المقاومة، رأى النواب من «تكتل التغيير والإصلاح» في الاقتراح فكرة جيدة قابلة للتحقيق لمنع شغور منصب الرئاسة. غير أن هذا التكتل الذي يرأسه عون اشترط أن يطبق بعد انتهاء ولاية سليمان، وفق ما كشفت عنه مصادر في قوى «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط»، من دون أن تستبعد أن يكون هذا الحل مخرجا مؤقتا إلى حين التوصل إلى تسوية ما تفضي إلى التوافق على هوية الرئيس المقبل.
في المقابل، لا يمانع «تيار المستقبل» السير بهذا الطرح إذا لم ينص على فترة معينة، وحدد التمديد إلى حين انتخاب رئيس جديد، وفق ما كشفت مصادره لـ«الشرق الأوسط»، مضيفة: «لكن ما يحول دون انتخاب رئيس بتأمين نصاب الثلثين من شأنه أن يمنع تأمينه لتعديل الدستور». وهذا ما أشارت إليه كذلك مصادر رئيس الجمهورية، رافضة الرد على المعلومات التي جرى تناقلها في بيروت لجهة «التمديد المؤقت» لسليمان، واكتفت بالقول: «موقف الرئيس معروف، وهو رفض الفراغ وضرورة إجراء الاستحقاقات الدستورية في موعدها». وأشارت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «سليمان أعد خطاب نهاية عهده الذي سيلقيه في 24 مايو الحالي في اليوم نفسه الذي سيغادر فيه القصر إلى منزله في بلدة عمشيت» قرب مدينة جبيل إلى الشمال من بيروت.
وفي هذا الإطار، أوضح النائب في «تيار المستقبل» هادي حبيش، الذي كان من أوائل النواب الذين اقترحوا هذا التعديل من دون أن يعمد إلى طرحه بشكل رسمي، أن الاقتراح لا ينص على تمديد ولاية الرئيس بقدر ما يهدف إلى تفادي الشغور في منصب الرئاسة من خلال استمرار الرئيس في مهامه إلى حين إنجاز الانتخابات، وذلك انطلاقا من التوازنات القائمة بين الرؤساء الثلاثة الموزعين على الطوائف الثلاث.
وأضاف حبيش، وهو عضو لجنة الإدارة والعدل النيابية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في حال استقالة الحكومة، يبقى الرئيس في مرحلة تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، وكذلك لا يصبح موقع رئاسة مجلس النواب شاغرا، فإما أن يمدد للرئيس إذا مددت ولاية البرلمان، أو أن ينتخب رئيس جديد فور حصول الانتخابات النيابية، أما في موقع الرئاسة الأولى فالشغور مشروع»، سائلا: «لماذا نسمح بإبقاء المنصب المسيحي الأول شاغرا؟».
وأشار حبيش إلى أن الاقتراح يقول بتعديل المادة 62 من الدستور التي تنص على «في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة لمجلس الوزراء»، بالتالي «استمرار الرئيس في القيام بمهامه إلى حين انتخاب رئيس جديد». واستبعد في الوقت عينه أن يتفق الأفرقاء اللبنانيون على تعديل هذه المادة من الدستور التي تتطلب موافقة ثلثي مجلس النواب، مضيفا: «إذا تأمن النصاب لتعديل المادة من شأن مجلس النواب عندها أن يجتمع بالنصاب نفسه لانتخاب رئيس».
كذلك، أكد النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار أن التيار يرفض الفراغ ويسعى لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية. وقال في حديث إذاعي إن «فكرة التمديد طرحت من قبل البطريرك الراعي في وجه من يسعى للفراغ»، مشيرا إلى أن «بقاء الرئيس الحالي يحتاج إلى موافقته أولا وإلى تعديل دستوري بثلثي أعضائه وهو ما يبدو صعب التحقيق».
وبدوره، علق النائب في «كتلة القوات اللبنانية» أنطوان زهرا على اقتراح التمديد، بالقول: «الرئيس سليمان يرفض التمديد، والدستور اللبناني عالج هذا الموضوع بشكل واضح، وذلك بتولي مجلس الوزراء صلاحيات الرئيس إلى حين انتخاب رئيس جديد، وبالتالي هذا الأمر يستدعي تعديلا في هذه المادة الدستورية، وعندما تتوفر النية لدى غالبية قادرة على تعديل الدستور، فإن هذه الغالبية نفسها بإمكانها أن تنتخب رئيسا وتعدل الدستور في اتجاهات أخرى، والطرح بالتالي غير واقعي، لأن الانقسام السياسي الذي يمنع انتخاب رئيس سيكون قائما، ولن يتحول إلى إجماع يؤمن ثلثي مجلس النواب لتعديل مادة من أجل حل مؤقت وغير طبيعي، ولهذا أعتقد أن الأمر غير مطروح». بينما قال ميشال موسى النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، إن «التمديد للرئيس سليمان لم يطرح ضمن الكتل النيابية لدراسته، كما أن سليمان واضح لناحية رفضه الموضوع».