IMLebanon

سلّة “داعش”!

لا يجادل أحد في ان نوري المالكي هو رجل ايران في بغداد وانه ينفّذ المشروع الايراني في العراق، وليس خافياً ان فرضه رئيساً للحكومة خلافاً لنتائج الانتخابات الاولى كان نتيجة صفقة اميركية – ايرانية لطالما كانت مثار انتقادات كثيرة.

الآن بعد انهيار الجيش العراقي امام “داعش” وثورة العشائر في المناطق السنيّة التي تعرضت على يد المالكي للتهميش والتنكيل والاضطهاد، بدأت تظهر معالم تناقض مثير في الخطاب السياسي بين ما يعلنه المالكي من بغداد، وما يحاول المرشد علي خامنئي ان يصححه من طهران، في محاولة واضحة للتعمية على حقيقة ما يجري، وتصوير الأمر وكأنه مجرد حركة “داعشية” ارهابية تكفيرية دموية موغلة في القتل والجريمة، وان ليس هناك معارضة او ثورة في المناطق الكردية والسنّية وحتى الشيعية ضد “ديكتاتورية المالكي” كما قال علي السيستاني عشية الانتخابات!

في خطابه بعد انهيار الموصل تحدث المالكي عن مؤامرة وخيانة وأثار كل الضغائن المذهبية دفعة واحدة عندما قال: “ان ما يحدث هو مواجهة بين أنصار يزيد وأنصار الحسين”، وفي دعوته الى تشكيل الجيش الشعبي شاهد العالم المتطوعين الشيعة يتقدمون صفوفاً تلبية لهذه الدعوة، لكن خامنئي أعلن الاحد “ان الصراع ليس طائفياً ولكنه يدور بين من يريدون العراق في المعسكر الاميركي ومن يريدون استقلاله”!

طبعاً هناك اجماع عراقي وخارجي على ان نكبة العراق هي نوري المالكي. السيستاني ومقتدى الصدر وعمار الحكيم اتهموه بممارسة الديكتاتورية قبل ان يتهمه زعماء المناطق السنّية بذلك، وقبل ان يسوق الاميركيون الذين راهنوا عليه، سلسلة من الاتهامات ضده اقلها انه “عامل تسميم للعراق”، كما قالت هيلاري كلينتون او “انه كارثة” كما يجمع الضباط الذين أشرفوا على تدريب العراقيين وقد وصفوه بأنه على غرار صدام حسين أراد ان يبني لنفسه ميليشيا وليس جيشاً ومارس التهميش والاضطهاد والتنكيل بخصومه من العسكريين والسياسيين!

المثير اكثر ان المالكي يطالب الاميركيين بأن يتدخلوا وان يساعدوه بشن غارات جوية ضد “داعش” والعشائر والتنظيمات الاخرى وعددها عشرة، في حين يعلن خامنئي معارضته “التدخل الاميركي وان العراقيين يمكنهم انهاء العنف في بلادهم”، بينما تكرر واشنطن انها لن تتدخل، وإن كانت قد زودت المالكي شحنات كبيرة من السلاح والذخائر قبل اسابيع، ويؤكّد جون كيري ان ايران هي التي ارسلت قوات لدعم المالكي!

المالكي يعلن انها حرب مذهبية وخامنئي يسارع الى التصحيح، “انها ليست حرباً بين السنّة والشيعة”، والهدف من ذلك هو التعمية على حقيقة ما يجري في العراق، واختصار كل الاعتراض الوطني الكردي والسنيّ وحتى الشيعي على المالكي رجل طهران، بوضعه في خانة “داعش” الارهابية التكفيرية التي يكرهها العالم كله… لكن من يصدق؟