في هذا الهامش كتبنا في 22 تشرين الثاني العام 2013 تحت عنوان «استقلال لبنان.. أمانة سمير جعجع» وتحدّثنا مستعرضين وجوهاً سياسيّة قياديّة قلّبناها عشيّة ذكرى الاستقلال فكتبنا عن هذه الوجوه وعن «أخطرها»، «أقذرها»، «أوقحها»، «أَنْتَنُها»، و»أَجْبَنُها»، وخَلُصنا بعد تقليب تلك الوجوه إلى أننا: «لا نجد من بينها [وجوه القيادات اللبنانية] إلا وجه الدكتور سمير جعجع، وجه لبنان الحقيقي في هذه المرحلة، ورَجُلُه الحقيقي في هذه المرحلة، وحكيمُه الحقيقي في هذه المرحلة، رجلٌ له وجه واحد وكلام واحد وصوت واحد، وهو خامة لبنانية أصيلة، وقامة لبنانيّة ما زالت صامدة على موقفها لم تتزحزح منذ ثلاثين عاماً، قيادة لا تغيّر جلدها ولا تلوّنه ولا تتزحزح قيد أنملة عندما يتعلّق الأمر بلبنان»
بالأمس سجّل المرشح الرئاسي الدكتور سمير جعجع موقفاً متقدّماً جداً، يؤكّد نظرتنا إليه و»رؤيويتنا» لتجربته على مدى ثلاثين عاماً عموماً، ومنذ تسع سنوات خصوصاً، فالرجل يأخذ على عاتقه قضيّة لبنان الكبرى وإرادة تخليصه من الذين يزجّون به في سياسات المحاور، وأنه يتعاطى السياسة انطلاقاً من منطق وعلم حقيقيين ومن بوابّة «الأخلاق السياسية»، فـ»السياسة بلا أخلاق إجرام» هكذا قال «كونفوشيوس» حكيم الصين العظيم، وتعطيل الاستحقاق الرئاسي «ممارسة سياسية لا أخلاقيّة لدور النائب في البرلمان»، وإذا كان الدكتور جعجع قال بالأمس: «هناك تعطيل، وأكثر من تعطيل لعملية الانتخابات الرئاسية»، فنحن نذهب إلى أبعد من كون الأمر مجرد تعطيل، بل هو احتلال إيراني ـ سوري للبرلمان اللبناني وقراره عبر مجموعة نواب رهنتْ مصير لبنان منذ العام 1988 بأي خارجٍ باستطاعته أن يوصلها إلى سُدّة الرئاسة، مهما كلّف الأمر لبنان وشعبه، مقتدين في ذلك بـ»ميكافيلي» وكتابه الشهير «الأمير»، الذي يغلّب السياسة على الأخلاق، بل أكثر من ذلك، كأنهم يفعلون ما كان يحكى عن أن هتلر كان يخفي تحت وسادته كتاب «الأمير» لميكافيلي لينام هانئاً فوق وصيته الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة»، والحكاية نفسها تروى عن ستالين وموسوليني وفرانكو وغيرهم»، وما أكثر أمثال هؤلاء في لبنان، ومن «السفاهة» ادّعاء كل الذين نعرف تاريخهم أنهم يريدون «إنقاذ لبنان»، أليس هذا ما ادّعاه «نجيب ميقاتي» رجل القمصان السود المفروض بانقلاب حزب الله على كلّ المواثيق والعهود وعلى نتائج الانتخابات النيابية، عبر أدوات كتلة ميشال عون نفسها التي يستخدمها حزب الله لتنفيذ «المهمات القذرة» لسياسته، وها هي تدّعي اليوم أنّ عون هو مرشح «وفاقي!!»
بالأمس وفي موقف شديد التقدّم والصدق والاكتراث لأمر لبنان ومصيره وشعبه، وفي موقف أخلاقي ـ سياسي، أطلّ الدكتور سمير جعجع ليقول وبصدق شديد يؤكد أنه يمارس السياسة بأخلاق رفيعة ونبيلة ليقول: «أنا مستعد للقبول بأي اقتراح عملي لتجنب الفراغ ولست من جماعة أنا أو لا احد وأي طرح جدي لرئيس جدي يحمل حداً مقبولا من القناعات الموجودة في برنامجي، فأنا مستعد لبحث الأمر»، ولا نظنّ أن في لبنان غير سمير جعجع قادرٌ أو يجرؤ على قول هذا، لأن الجميع يعيشون من ضمن منظومة ميكافيلية يبررّون لأنفسهم فيها كل الوسائل للوصول إلى غاية واحدة «كرسي الرئاسة».
هذا الكلام لا يمكن أن يصدر إلا عن «رئيس» يتمتع بنبل الأخلاق السياسية ويضعها فوق غايات السياسة، لأن «السياسة بلا أخلاق إجرام»، وما حدث على مدى ثلاث جلسات لانتخاب رئيس للجمهورية هو «إجرام» بحقّ لبنان، وبحق مصيره ومصير شعبه…
في 22 تشرين الثاني 2013 كتبنا في هذا الهامش ـ وعوتِبْنا فيما كتبنا ـ «تباً للمحاور، وتباً لخاطفي الوطن وشعبه، وتباً للممانعة وللاعتدال وللمفاوضات والصفقات، في هذا الظلام اللبناني الدامس، لم يعد هناك من نثق به ونأتمنه على لبنان وشعبه وسيادته وحريته واستقلاله إلا الدكتور سمير جعجع، وسط وجوه كثيرة خيّبت آمالنا وكفرنا بها وبتبعيتها منذ 14 آذار العام 2005 وحتى ذكرى استقلالنا السبعين»!!
وأمس واليوم وغداً؛ على المعطلين والمعرقلين، وقبل هؤلاء جميعاً على اللبنانيين أن يدركوا أنهم إذا ما أرادوا «إنقاذ» لبنان، فما عليهم إلا أن يتمسكوا بـ»الحكيم» بـ»رجل الدولة» سمير جعجع «رئيسَ إنقاذ لبنان».