حتى ليل أمس، لم تكن قوى 14 آذار قد عقدت الاجتماع التنسيقي الذي أعلنت نيتها عقده للتشاور في شأن أسماء مرشحيها لرئاسة الجمهورية. مسؤولو هذا الفريق، أكدوا أن اللقاء «سيُعقد بين ساعة وأخرى قبل انعقاد الجلسة الثانية» من الانتخابات الرئاسية غداً، لكن الاجتماع، وإن عُقد، لن يكون الهدف منه، البحث عن اسم بديل للمرشح سمير جعجع. فقد أعلنت المكونات الآذارية استمرارها في تبني ترشيح قائد القوات اللبنانية، ليتحول الاجتماع إلى «لقاء لتقويم كل ما له صلة بالاستحقاق»، إذاً، مجدداً سيحضر حلفاء جعجع (في حال تأمين النصاب)
للتصويت له. هذا السيناريو الذي فرضه «الحكيم» كأمر واقع داخل فريقه، يدفع كثيرين إلى التساؤل عن نسف السيناريوهات التي وُضعت في البداية، وتقضي بإعطاء كل مرشّح آذاري فرصة لخوض المعركة، إذا لم يستطع جعجع حصد الأصوات المطلوبة. فأين هو الرئيس أمين الجميل والوزير بطرس حرب والنائب روبير غانم؟ ولماذا تراجعوا عن فرض أسمائهم داخل فريقهم؟
لا يزال حلفاء قائد القوات يلعبون في الوقت الضائع. يعلمون أن لا جلسة انتخاب هذا الأسبوع، ولا الأسبوع الذي يليه. تقول مصادرهم إن «أحداً لن يصوّت لجعجع اقتناعاً منه بأنه سيربح»، لكنهم يرون أن «اللعبة الرئاسية حتى اللحظة لا تزال مغلقة، ولا أفق لها. إذاً، فليلعبها جعجع وحده». في نظرهم، يعلم الأخير أن «حدود معركته انتهت عند الـ 48 صوتاً التي حصل عليها، لكنه ماضٍ في ترشّحه لإبقاء سقف التفاوض عالياً». أما اعتكاف المرشحين الآخرين، فـ «لا يُعد تراجعاً، بل تكتيكاً ذكياً منهم، في انتظار احتراق ورقة جعجع، ونضج الظروف التي تسمح لهم بدخول المعركة بقوة».
حدود معركة جعجع انتهت عند الـ 48 صوتاً التي حصل عليها
بالنسبة الى تيار المستقبل، لم يصل الرئيس سعد الحريري إلى مرحلة الانزعاج من ضرورة تسمية جعجع. التيار سيستمر في دعمه حتى يرى أن «الظروف باتت تسمح بالسير في اسم مرشّح آخر». أصلاً، في التيار أغلبية ساحقة مقتنعة بأن «جعجع لم يترشّح ليصبح رئيساً للجمهورية» كما يقول نائب مستقبلي، «لكن لرئيس القوات ثلاثة أهداف من وراء ترشّحه. الأوّل مسيحي داخل فريق الرابع عشر من آذار، يريد أن يقول من خلاله انه الزعيم الأوحد، وصاحب القرار داخل هذا الفريق، وخصوصاً في هذا الاستحقاق المعني به الموارنة بالدرجة الأولى. ثانياً، يسعى من خلال استمرار ترشّحه، إلى منع قيام أي تفاهم بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر». فوفق النائب المستقبلي، يعيش جعجع كابوساً حقيقياً جرّاء الاتصالات المفتوحة بين الحريري وعون، لا يعلم ماذا يحصل، ولا أحد قادرا على طمأنته. يرى أن «طحشته» تمنع هذا التفاهم، لأن سير المستقبل باسم عون يعني أن جعجع انتهى، وانتهت معه قوى 14 آذار. ثالثاً، يريد تلميع صورته في ذهن الرأي العام اللبناني». وبناء على ذلك، يضيف النائب المستقبلي، «لن ينسحب جعجع من المعركة الرئاسية. يريد أن يكون هو صاحب القرار في التسوية النهائية على أي اسم توافقي».
في ما يتعلّق بالشخصيات المستقلّة، كحرب وغانم ، تقول مصادر على تواصل معهما، إنهما «فوجئا بإصرار الحكيم على الاستمرار في معركته. كانا يعتقدان بأنه سينسحب بعد الدورة الأولى، إفساحاً في المجال أمامهما، لكنّ الاثنين قررا البقاء جانباً، بعدما لمسا أن أحداً داخل هذا الفريق لن يجرؤ على إلغاء هذا الترشح، ولعلمهما أن لا قدرة لأي منهما على خوض معركة ضد جعجع، قبل خوضها ضد مرشّح الفريق الآخر».
أما الرئيس الجميل، فله حسابات أخرى. يريد الرجل أن «يلعب لعبة الجنرال عون»، بحسب نائب كتائبي. الرئيس الأسبق للجمهورية هو «المرشح الصامت في فريق الرابع عشر من آذار. اتصالاته مستمرة، ومعركته يخوضها على نار هادئة، مسوّقاً أن في استطاعته استقطاب أصوات وسطية، أو حتى من داخل فريق 8 آذار». ما يفعله الجميل هو «عين العقل»، على حد قول نائب في كتلته. يرى أن «نزوله إلى حلبة المنافسة حالياً، سيجعل منه مرشحاً لا يختلف عن سمير جعجع، أي مرشحاً صدامياً». يؤكّد النائب الكتائبي أن «الاستراتيجية في البداية كانت تقضي بإيصال مرشح من داخل فريقنا، وعندما أعلن جعجع ترشّحه، استبق كل الترشيحات، ما ألزمنا بالتصويت له». يشير إلى أنّ «من الخطأ تغيير اسم المرشح كل أسبوع»، ومع ذلك «يبقى ترشح الآخرين قائماً ومستمراً، لكن توقيت دخولهم المعركة تحدّده المعطيات المتوافرة عند فريقنا». وأضاف «نحن لا نريد كسر الجرة مع جعجع، الذي يحق له خوض معركته بالنصف +1، لأنه ما زال مقتنعاً بأن حظوظه لا تزال مرتفعة»، أما «في ما يتعلّق بالرئيس الجميل، فظروف معركته لم تنضج بعد».
إذاً يستمر حلفاء جعجع، وتحديداً المرشحون من بينهم، في عملية بيع أصواتهم له، ما دامت «لحظة خوضهم الاستحقاق لم تحن بعد». ولعل أكثر ما يستغله الحلفاء لإغراق جعجع «في الجميل» هو حسمهم أن «لا جلسة ستُعقد يوم غد». هم يعوّلون على «تطيير النصاب من قبل فريق الثامن من آذار»، متكئين على التصريحات التي أكدت عدم الحضور، وعدم المشاركة، وعلى رأسها تصريح العماد عون، الذي قال «وداعاً إلى حين التوافق على رئيس».