IMLebanon

سنيّو 8 آذار قوّة في الساحة السنيّة لم يعد «المستقبل» وحده

يشعر «سنيّو 8 آذار» ومنذ سنوات انهم مهمشون من الفريق الوطني الواسع الذي ينتمون اليه سياسياً واستراتيجياً، ولا يختلفون على المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، ولا على العلاقة مع المحور السوري ـ الايراني الداعم للمقاومة ويتفقون على تشخيص الازمة اللبنانية، الا ان هذه المجموعة ترى نفسها خارج القرار، بحسب مصادر ولا يعطى لها الدور المناسب، وقد اقلقها ان 8 آذار مختصرة بطرفين سياسيين الثنائي الشيعي (حركة «امل» و«حزب الله») والثنائي المسيحي («التيار الوطني الحر» و«تيار المردة»)، وجرت محاولة لاصلاح هذا الخلل، بعد أن ظهرت اعتراضات من قيادات سنية بارزة كالرئيس عمر كرامي والوزير السابق عبد الرحيم مراد والنائب السابق جهاد الصمد واسامة سعد وشخصيات اخرى، تلقوا هم وفي مناطقهم عبء الصراع مع «تيار المستقبل»، فعقد لقاء موسع ضم الرئىس نبيه بري والعماد ميشال عون والرئيس عمر كرمي والسيد حسن نصرالله والنائب طلال ارسلان وقيادات احزاب وتيارات وشخصيات في 8 اذار، وجرى الاتفاق على تفعيل وهيكلة هذا التجمع السياسي الذي التأم مرة ثانية واندثر، بعد أن نعاه الرئيس بري، واختلطت التحالفات، وانقلبت المواقع والمواقف بعد اتفاق الدوحة، وما تلاه من مصالحة سورية ـ سعودية، الى زيارة الرئىس سعد الحريري الى سوريا وبعده النائب وليد جنبلاط.

في ظل هذه التطورات السياسية والامنية والتحولات الخارجية التي رافقت ظهور ما سمي «الربيع العربي»، وصعود «الاسلام السياسي»، فان «سنيو 8 اذار» الذين ينتمون فكرياً وسياسياً وممارسة الى تيار العروبة، والتزامهم بالقومية العربية، وانخراطهم في النضال الوحدوي العربي مع الظاهرة الناصرية التي مثلها حضور الرئىس جمال عبد الناصر والتجربة الرائدة لها في كسر الحدود والقفز فوق الحواجز الطائفية والمذهبية، فان هذه المجموعة لم تكوّن لنفسها حالة سياسية ووطنية، كما تقول مصادر فيها، وهي تبحث منذ سنوات على انشاء كيانها السياسي كاطار يمكن التعاطي معه داخلياً وخارجياً، ولا يذوب في الآخرين، فتداعت مجموعة من الشخصيات الوطنية الملتزمة بالفكر القومي والوطني واللاطائفي الى لقاء بدأ منذ اكثر من عام، لم يأخذ اسماً له بعد، ويطلق عليه في البيانات التي صدرت عنه مؤخراً، انه «لقاء وطني» وليس «اللقاء الوطني»، حتى تتبلور الصيغة النهائية له، وقد برز دوره في موضوع انتخابات مفت للجمهورية، حيث عقد لقاءات له في منزل رئىس «حزب الاتحاد» عبد الرحيم مراد، وناقش موضوع الانتخاب، ليخلص المجتمعون الى ان المصلحة الوطنية والاسلامية، هي ان يعود الازهر كمرجعية دينية لدار الفتوى في لبنان، بعد استفحال الفتاوى الدينية المتعددة المصدر، ومنع دخول الفكر السلفي والاخواني والوهابي الى مرجعية المسلمين في لبنان.

ولقد كان انتخاب مفت للجمهورية، امتحان لهذه المجموعة، وان اختلفت بعض الآراء فيها لمقاربة ازمة دار الفتوى، الا ان النتائج الايجابية التي افرزتها، هي ان الداخل والخارج بات يعلم ان للسنة في 8 آذار، او خارج «تيار المستقبل» مرجعية، يمكن الحوار معها، وسماع رأيها وموقفها، وهذا ما حصل تقول المصادر، فانفتحت مصر عبر سفارتها في لبنان على هذا اللقاء الذي لاعضاء فيه كمراد وكمال شاتيلا علاقات مع مرجعيات رسمية وسياسية ودينية في مصر، وهو مكسب تحقق، وبات «سنّة 8 آذار» شركاء في القرار على الساحة السنية، ولا ينفرد فيه «تيار المستقبل»، ولا تقتحمه القوى السلفية والاصولية، حيث تم تثبيت هذا الموقع الذي كان مشتتاً، وان كل طرف فيه يدلي بموقفه منفرداً، فتقرر وخلال اللقاءات، ان يصدر موقفاً موحداً. فيعطي للتجمع قوة سياسية ومعنوية، وهو ما ظهر في ازمة دار الفتوى.

فاللقاء فيه شخصيات وأحزاب فاعلة ووازنة وصاحبة نضال وطني، ونال مرشحون اعضاء فيه في الانتخابات النيابية ارقاماً عالية، ولم يكن الفرق كبيراً بين الفائز والخاسر الا بالمئات وبضعة الاف، وهو ما يعطيه حجماً سياسياً وشعبياً لا يمكن انكاره، سيكون له موقفه من الاستحقاقات، وسيعبر عن شريحة واسعة داخل الطائفة السنية، ومن موقع وطني وليس مذهبي، كما تقول المصادر، اذ ان تنظيم هذه القوى لنفسها، لا يعني انها تنشىء «حالة سنية سياسية»، بل حالة سياسية وطنية متواجدة وفاعلة في الساحة السنية لاظهار حقيقة توجه وقناعات وثقافة اهل السنة في لبنان، وهي الثقافة الوطنية والقومية والانتماء الى العروبة واعتبار فلسطين قضية مركزية، ورفض الانقسام المذهبي والتصدي لمروجي الفتنة المذهبية، والسعي الى تطوير النظام السياسي باتجاه دولة مدنية لا تقوم على قوانين طائفية ومنها قانون الانتخاب الذي هو مدخل لاصلاح النظام باعتماد النسبية والدائرة الموسعة، وفق ما تؤكد المصادر التي تشير الى ان هذا اللقاء الذي يعقد اجتماعات دورية، ستكون له هيكلية وامانة سر ونشاط شبابي، وحضور اعلامي، وخطاب سياسي وطني وحدودي، وهو ليس بديلاً عن «الجبهة الوطنية الموسعة» والتي تبقى هي الهدف، وما اللقاء الا نواة لها، ومتى وجدت، فلا ضرورة له، وكل ما تقوم به الشخصيات السنّية الوطنية، هو تكوين مرجعية سياسية لها، وقد نجحت في مرحلتها الاولى، وهي سائرة وفق الخطة المرسومة، وان ما قامت به هذه الشخصيات التي من ابرزها: فيصل كرامي، عبد الرحيم مراد، عدنان عضوم، العميد مصطفى حمدان، العميد حافظ شحادة، اسامة سعد، كمال شاتيلا، جهاد الصمد، عمر غندور، قاسم هاشم، كامل الرفاعي، وليد سكرية، الشيخ ماهر حمود، رفعت بدوي، زهير الخطيب، وجيه البعريني، عبد الرحمن البزري وسمير صباغ. وتقول المصادر ان هذه الشخصيات تنطلق من عنوان واضح وصريح، هو تظهير عروبة السنة، بعد ان جرت عملية مذهبة هذه الطائفة، وحرفها عن قضية فلسطين والمقاومة، وتشجيع التطرف داخلها، وان الاعتدال فيها له عنوان واحد الالتزام بالعروبة التي تجمع وخارجها مذهبية وطائفية وفتن.