عندما قرأ احد السفراء الغربيين ان المرشح ماهر حجار الذي أجبر على منافسة بشار الاسد في الانتخابات الرئاسية المزعومة يرفع في منطقة البرامكة لافتة تقول “سوريا لمن يبنيها”، علّق بالقول: هذا مرشح غبي لأن سوريا لمن يدمرها !
ليس في هذا التعليق أي مبالغة، فلعل اصدق شعار مرفوع في سياق الحملة التي تمثل مهزلة ديموقراطية هو لافتة جديدة يابوس على الحدود اللبنانية التي تقول “بالدم ننتخب بشار الاسد”، ولا ندري اين ذهب الروح الذي يلازم الدم عادة في الهتافات، لكن من المؤكد انه ازهق مع سقوط ما يزيد عن 150 الف قتيل.
السفير لم يتوقف عند هذا فقد تساءل عن معنى الشعار الذي اختاره الاسد لحملته أي كلمة “سوا”، فهل تعني ان على السوريين ان يمضوا “سوا” أي معاً الى المقابر تحت شعار “الاسد او ندمر البلد”، ام ان المقصود من كلمة “سوا” تسوية ما تبقى من البلد بالارض؟
ما يجري في سوريا نوع من الهذيان الذي لا يصدق، فقبل انطلاق العملية الانتخابية المزعومة، قال طلال البرازي محافظ حمص المدمرة والتي كانت تحترق تحت البراميل المتفجرة “ان المدينة مكان مناسب لانتخابات جيدة… وان القتال والنزوح لا يشكلان أي عقبة امام التصويت. ان المدينة آمنة”، وطبعاً آمنة لانها اشبه بمقبرة اسطورية.
تجمع الوكالات على ان النظام السوري يعيش حال انفصام كبرى عندما يتجاهل الوضع الجحيمي الذي تغرق فيه البلاد ويتحدث عن الانتخابات وكأن تدمير 60% من سوريا وتشريد ما يقرب من عشرة ملايين لا يعني شيئاً، فها هو وزير السياحة بشير يازجي يتجاوز طلال البرازي في الهذيان، عندما يتنبأ بموسم سياحي مزدهر في محافظة حمص التي دمرت معالمها السياحية كقلعة الحصن وتحولت احياؤها القديمة اكواماً من الركام والانقاض، ربما ظن [حرام!]، ان المواطنين المنكوبين الذين دخلوا لتفقد ما تبقى من منازلهم، سياح سويسريون نزلوا للتو في جحيم حمص!
ولكن لماذا نلوم محافظ حمص او وزير السياحة اذا كان الاسد لم يتوانَ عن اصدار بيان “ترحيب بالاجواء الانتخابية الديموقراطية والتعددية التي تعيشها سوريا هذه الايام”، في حين وصفت المعارضة العملية بأنها “انتخابات الدمار والدم والموت”؟
عندما يقول البيان الرئاسي “ان ما تعيشه سوريا اليوم من مظاهر انتخابية حضارية تعددية شفّافة، يعبّر عن ثقافة السوريين وتاريخهم العريق في احترام الآخر والتعبير عن الرأي بالطرق المناسبة”، ليس غريباً ان تجمع دول العالم على القول انه نظام مصاب بانفصام كبير وغارق في الهذيان… فمن اغرق الصناديق بالجثث يمكنه اغراقها بأشلاء الديموقراطية الممزقة بالبراميل المتفجرة!