IMLebanon

سوريا في لبنان… ثانية!

للمرة الأولى منذ نحو نصف قرن تجري انتخابات في سوريا، فمنذ ان تسلم حزب البعث الحكم لم نرَ سوى استفتاءات “بالروح وبالدم” تأيّد الأسد الأب والابن بـ 100 في المئة، أو، عذرا، بـ 99 او 98 في المئة لإعطائها الصدقية اللازمة! واليوم وسط الدماء والحرب والقتل والدمار، نشهد انتخابات يقال انها ديموقراطية. اذ تجرأ على الترشح أكثر من واحد. انتخابات بشروط ديموقراطية جدا، كمنع ترشح أي شخص غير مقيم في سوريا، أو متزوج بغير سورية، أو بمزدوجة الجنسية، (كما حال زوجة الرئيس) أو إلزامية التصويت في اماكن محددة!

النتائج، المعروفة مسبقاً، لن تغير شيئا في المعادلة، فمن لا يعترف بالاسد لن يقر بنتائج الانتخابات، ومن يؤيده سيهلل للفوز كأنه لم يكن يتوقعه. كل هذه المسرحية لتأكيد الأسد استمراره قوياً أمام المجتمع الدولي، وأنه يحظى بشعبية واسعة في مقابل معارضة لا تمثل أحداً. لكن اللافت، بغض النظر عن العملية الشكلية هو ربطها، لسوء الحظ، بانتخابات الرئاسة اللبنانية. وما يهمنا كان ما رأيناه الاربعاء الماضي في اليرزة، عندما استيقظ اللبنانيون على مشهد لم يكن متوقعاً أو مألوفاً، تظاهرة معدّة ومدروسة بإتقان لإيصال رسالة محددة في اتجاهات متعددة، مشهد مصطنع يظهر التأييد الشعبي العارم للأسد. رسالة لم تكن موجهة فقط للبنانيين، بل للعالم كله لتأكيد تعلق السوريين برئيسهم الذي حوّله إعلامه رمزاً لمحاربة الارهاب الذي صنعه.

والسؤال: هل يعقل ان تنظم انتخابات بهذه الفوضى في لبنان؟ وكيف أمكن الطباخين أن يزودوا الناخبين تلك الشعارات المستفزة، في أثناء اندفاعهم في تظاهرة غير مرخص لها، فاجأت الدولة وأجهزتها الأمنية؟

ثمة في تلك التظاهرة ما يفهم منه ان الوجود السوري الموقت الذي دحر عن لبنان عام 2005، ما زال ماثلاً في شكل مختلف. خرج الجيش السوري الذي كان عديده نحو ثلاثين ألفاً، لكن جيش اللاجئين اليوم يتجاوز عدده المليون!

فمن سمح بالوصول الى هذا الوضع البالغ الخطورة على لبنان؟ وهل من خطة حقيقية لمواجهة هذه المعضلة الاجتماعية والأمنية والاقتصادية؟ يقال ان آلاف السوريين دخلوا من سوريا ليصوّتوا في لبنان، كي تكتمل الرسالة المهزلة والمسرحية الممجوجة التي شهدتها السفارات السورية في العالم.

في كل حال، فإن ما هو محسوم أنه سيكون للسوريين خلال يومين او ثلاثة رئيس للجمهورية هو بالتأكيد الرئيس السابق واللاحق بشار الأسد، والذي يهيئ لتوريث نجله حافظ بعد انتهاء الولاية الجديدة في 2021، والأهم بالنسبة الينا هو ان على لبنان تأمين عودة اللاجئين الى بلدهم في أسرع وقت ممكن، ما دامت الأوضاع مستقرة لإجراء انتخابات، بدلاً من استجداء الدول لمساعدة لبنان في تحمّل عبئهم، وحتى لا يتحولوا الى أزمة دائمة كاللاجئين الفلسطينيين، وهذا، ان حصل، سيكون أهم انجاز لحكومة المصلحة الوطنية.