ما إن أعلن الدكتور جعجع برنامج ترشحه للرئاسة حتى هاشت حناجر الحقد الرخيص في “لبنان الرسالة” وغاب عن بال أصحابها انه يوم كانت “القوات” تقاتل وعلى رأسها الدكتور جعجع لم تكن تلعب “لعبة البوليس والحرامية”. قاتلت لأنها كانت تواجه مثلثاً اكثر تسليحاً منها، وكان الحقد على مستويات متعددة. فمثلاً، كان رعد الرعد تهديداً ليس للمرشحين الى الرئاسة بل لكل مواطن لبناني لا يقدّس العقيدة التي اعتنقها مسؤول حزب التسامح والأخوة والمحبة.
في يوم القديسين في روما، طلب المواطن اللبناني من إله القديسين الجديدين، وخصوصاً ذلك الذي احب لبنان وزاره معتزاً، باعتبار أنه الوطن الصغير بحجمه، الكبير بأهله (وإن لم يكونوا كلهم) وأنه وطن الرسالة في التلاقي ومحبة الآخر، وقد قصده الانقياء فقط وكل الطوائف، غاب عنهم أصحاب العقول الخشبية التي تحولت الى ذهبية في ما بعد.
أسأل فقط: أهو الدكتور جعجع الذي أمطر مخيمات الفلسطينيين بالقنابل؟ أم هو الذي افتعل حرب الجيش وفرز المسيحيين وهجّرهم وهدم منازلهم؟
لن ننسى هوشة بعد شخصيات طرابلس على “قاتل الرئيس كرامي”. للتذكير أقول، ليس كمحقق بل كمواطن بكى يوم استشهاد الرئيس كرامي، رجل الدولة بامتياز، المعروف انه من مدرسة الرئيس فؤاد شهاب، إننا بكينا اكثر عندما تعرّفنا على الخلف. اما ما لا يعرفه الكثيرون فهو ان شهداء المقاومة اللبنانية هم من كل الطوائف. فمن يحضر مهرجان شهداء “القوات” يتأكد له هذا الامر. ووفاء لبعض النواب الذين صوّتوا بأوراق بيض او بأسماء لشهداء لاتهام الحكيم، أقدم تحية احترام الى الدكتور سلهب الذي طلبوا منه تقديم ورقة باسم شهيد فرفض.
ترى، بماذا الجنرال وفاقي اكثر من الدكتور جعجع؟ (ملاحظة: الدكتور سلهب من تيار الجنرال).
في الختام، أنا أتهم الدكتور جعجع بأنه مجرم، انما في حق ذاته. فيوم خيّروه بين أمرين: إما الاشتراك في الوزارة وإما السجن، اختار السجن وبقي فيه سنين طويلة، وهناك تعرف إلى تيّار دو شاردان وحكماء العالم، فإذا بالرجل الذي دخل السجن، خرج منه شخصاً جديداً مطهّراً من صغائر السياسيين اللبنانيين. فلو سايرهم لكان اليوم محتفظاً بكل أسلحته التي سلّمها للدولة، ولكان اليوم، بل منذ سنين سلطاناً. لكنه رفض، فربح نفسه وربحناه.