المذبحة الاسرائيلية مفتوحة على مداها والعار الدولي مفتوح على مداه، اما العجز العربي فيكفي أن يتذكر المرء مسلسل الحرائق المندلعة بين المحيط والخليج لكي تستكمل دائرة المأساة مداها، وهكذا يدخل الهولوكوست الاسرائيلي الذي يحرق غزة يومه الرابع والعشرين وليس هناك من يوقف النازيين الجدد!
لكن الفلسطينيين، لا “حماس”، لا يملكون بعد ما يخسرونه، وعندما يقول محمد الضيف قائد قوات “حماس” انه لا وقف لإطلاق النار إلا بعد وقف العدوان ورفع الحصار فهذا يعني ان الغزاويين سيقاتلون ما أمكنهم القتال، وهذا يعني انه لن يكون في وسع اسرائيل ان ترتاح من كابوس الصواريخ الذي كسر فضاءها ومن أشباح الأنفاق.
ربما على نتنياهو ان يستمع جيداً الى كلام قائد المشاة عنده نداف لوتان الذي قال: “إن المعارك معقدة وسيكون علينا التعامل مع الأنفاق مرة اخرى بعد انتهاء الحملة”، وهذا اعتراف بأن “الجرف الصامد” لن يكون في النهاية اكثر من حلقة في مسلسل جرائم النازيين ضد القطاع.
ان ما حصل في كيبوتز “نحال عوز” يوم الاثنين يمكن ان يتكرر في كل يوم، فقد خرج المقاتلون الفلسطينيون من النفق وقتلوا خمسة من جنود العدو عند برج المراقبة وعادوا بعدما استولوا على اسلحتهم، ونتنياهو يدرك ضمناً انه لن يتخلص من تهديد الأنفاق ولو حرث غزة بالقنابل!
كان على جون كيري الذي فشل في وقف العدوان ان يلوذ بالعيب، لا ان يحاول مرّة جديدة إسباغ اقنعة الحملان على وجوه الذئاب بالقول ان نتنياهو طلب ترتيب وقف للنار، وخصوصاً ان كلامه ترافق مع قصف اسرائيل مدرسة الاونروا في جباليا، حيث سقط عدد كبير من الأطفال والذين لجأوا الى احضان الأمم المتحدة.
بعد سقوط أكثر من ١٢٧٠ شهيداً وآلاف من الجرحى لا يتردّد نتنياهو في طلب “هدنة انسانية” هكذا بالحرف هدنة انسانية لمدة أربع ساعات يستثنى منها بيت حانون والشجاعية وخان يونس، بما يعني ان القتل سيستمر في تمزيق هذه المناطق، ربما لهذا سارع المستر كيري الى ابلاغ العالم ان نتنياهو يطلب وقفاً للنار، وهذه ليست مخاتلة قبيحة فحسب بل مشاركة بشعة في العدوان!
على الوفد الفلسطيني الموحد الذي يتوجه الى القاهرة للبحث في “المبادرة المصرية” والاتفاق على خريطة طريق مناسبة لوقف النار وفتح المعابر الستة وخصوصاً معبر “رفح” ولرفع الحصار الذي يخنق القطاع، ان يتخلص مما سبق ان سمّاه بان كي – مون “الحسابات السياسية” التي عرقلت البحث الجدي في هذه المبادرة، لأن الدم الفلسطيني أغلى بكثير من محاولات تركيا وقطر تسوية الحساب الاخواني مع عبد الفتاح السيسي عبر مأساة الغزاويين!