IMLebanon

سُمعة أوباما سيئة أم جيدة؟

سُمعة الرئيس الأميركي باراك أوباما في أوساط الشعوب العربية والأنظمة التي تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية خطراً مباشراً عليها، والتي تسعى إلى تقليص نفوذها من خلال ضرب حليفها الأساسي نظام الأسد في سوريا، هذه السمعة سلبية جداً. فهو حيناً متردد. وهو حيناً آخر متواطىء. وهو حيناً ثالثاً لا يهتم سوى بمصالح بلاده وبما سيكتبه التاريخ عنه مستقبلاً بعد خروجه من البيت الأبيض لا بل من الحياة السياسية. وسمعته أيضاً في أوساط أميركية عدة، بعضها محافظ وبعضها ليبرالي وبعضها مثقف يعمل في مجال الأبحاث وبعضها يعمل في إدارته، سمعته هذه هي أيضاً سلبية. فهو، من جهة، لم يقم بما تمليه عليه مسؤوليته كرئيس لأعظم دولة في العالم مثل إنقاذ شعب سوريا من العنف الإجرامي الذي يتعرّض له منذ سنوات. وهو، من جهة أخرى، لا يهتم كثيراً لحلفائه في الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل طبعاً، ويعتمد خيارات قد تؤذيهم من دون مشاورتهم فيها، ومن دون إعطائهم الضمانات التي تطمئنهم. وهو، من جهة ثالثة، ألحق ضرراً بالغاً بالهيبة الدولية لأميركا وبنفوذها، وسمح بسياساته غير المدروسة لروسيا بزعامة بوتين باستعادة الموقع والنفوذ في تلك المنطقة من العالم، وبإطلاق حرب باردة مع أميركا لا يضمن أحد عدم تحوّلها حارّة وإن على نحو غير مباشر. هل يستحق أوباما فعلاً السمعة السلبية والسيئة المشروحة أعلاه؟

يعتقد عدد من المتابعين الأميركيين والشرق الأوسطيين المحايدين أن فيها كمية لا بأس بها من التجنّي عليه. فهو أولاً صادق مع نفسه ومع شعبه. إذ تعهد قبل انتخابه رئيساً أول مرة بسحب القوات العسكرية الأميركية من العراق وأفغانستان ووفى بتعهده العراقي. وهو يعمل للوفاء بتعهده الأفغاني في الموعد الذي حدّده أو ربما في موعد لاحق إذا اضطرته الظروف إلى ذلك. كما تعهّد عدم توريط بلاده عسكرياً وعلى نحو مباشر خارج بلاده. ووفى بذلك في سوريا. هذا فضلاً عن تعهده إصلاح الاقتصاد الأميركي الذي أصيب بأزمة حادة جراء سياسات سلفه جورج بوش الابن. وقد وفى بالتعهد كذلك. وبسبب التزامه تعهداته على النحو المبيّن أعلاه، أعاد الشعب انتخابه رئيساً لولاية ثانية. أما في ما يتعلق بسوريا والشرق الأوسط وأزماته المتفجرة، وبنفوذ أميركا وبصعود روسيا دولياً على حسابها، فيقول المتابعون المحايدون أنفسهم الآتي:

1- شكّلت سوريا الأسد في نظر أوباما خطراً دائماً على حلفاء أميركا في المنطقة وفي مقدمهم إسرائيل. فأراد نزع الأنياب التي تهدِّد بها. فكان، أولاً، تدمير المشروع النووي الجنيني لها. وكان، ثانياً، نزع سلاحها الكيميائي الذي لا يقل خطورة عن النووي. إذ هدد بضربة عسكرية لها فهرع زعيم روسيا للتعهد بنزعه وتم ذلك بنجاح.

2- يلقى أوباما اللوم لعدم مدِّه ثوار سوريا بالسلاح، وخصوصاً بعدما أفاد الأسد من ذلك لاستعادة المبادرة العسكرية مستعيناً بالسلاح الروسي والإيراني والمقاتلين اللبنانيين والعراقيين. لكنه بما جرى في العراق أخيراً (انتزاع وسطه السنّي من الحكم المتحالف مع إيران بمشاركة غالبية سكانه وإن بقيادة “داعش”)، وسواء كان على علم به أو شارك في التخطيط له أو “طنّش” عليه رغم معرفته بدور حلفاء عرب له فيه، أعاد التوازن في سوريا من دون أن يتدخل، كما أنه أصاب إيران مباشرة. وربما يكون لذلك أثر مهم في المفاوضات النووية والاقليمية معها.

3- لم “يبلع” أوباما الموقف الروسي السلبي جداً منه ومن بلاده، وخصوصاً عندما تم التعبير عنه في مجلس الأمن بثلاثة “فيتوات” أي بممارسة حق النقض ثلاث مرات لمنع صدور قرارات دولية يتعلَّق معظمها بسوريا. ولم “يبلع” الطريقة التي تصرّف بها بوتين وحلفاؤه الاقليميون الذين ظنوا أنهم انتصروا. فالتقط ما يحصل في أوكرانيا للرد عليه. وكان موقفه متشدداً وواضحاً، ولكن من دون “عنتريات” وتهديدات جوفاء. وشاركه موقفه حلف شمال الأطلسي وأوروبا. ولم يعد من السهل على الروس الاستمرار في التحدِّي، وخصوصاً بعدما قبِل كل هؤلاء ومنذ البداية “احتلاله” شبه جزيرة القرم، وبعدما أكدوا عدم استعدادهم للتساهل حيال أي عملية قضم او احتلال جديدة للأراضٍ في أوكرانيا أو في أي دولة مجاورة أخرى يقطن مواطنون من أصل روسي مناطق معينة فيها. وقد أثمر حزم أوباما، إذ صار بوتين مستعداً للحل السياسي. كما أن كلامه عن سوريا خفّ بعض الشيء.

أيها أقرب الى الصحة السمعة السيئة أم الجيدة؟

نهايات ما يجري في المنطقة تجيب وحدها عن هذا السؤال، وهي ليست قريبة.