IMLebanon

شتاء قطبي رئاسي!

يحضرنا في اللفتة الرئاسية العابرة والسريعة للسيد حسن نصرالله في كلمته الاخيرة التي تعد الاشارة الاكثر تقدماً الى تزكية العماد ميشال عون مرشحاً حصرياً للرئاسة، اسلوب تفاوضي اتبعه وزير الخارجية الاميركي سابقاً جيمس بايكر لدى انطلاق التحضيرات لاطلاق مفاوضات السلام بين العرب واسرائيل في بداية التسعينات من القرن الماضي في مؤتمر مدريد. آنذاك اخذ الغضب الاميركي النادر من الحليف الاستراتيجي الاول للولايات المتحدة لفرط ما عقدت اسرائيل شروط انعقاد المؤتمر حد اعلان بايكر انه اقفل هاتفه مع المسؤولين الاسرائيليين وقال لهم علناً “تعرفون رقم البيت الابيض”.

لا ندعي امتلاك المعطيات التي تسمح بالاعتقاد بأن السيد نصرالله قد حسم الاسم الذي لا رجوع عنه للرئاسة والذي يبدأ اسمه وينتهي كما تبدأ ازمة الفراغ الرئاسي وتنتهي به والا لا رئيس ولا جمهورية. ما يتركه لنا السيد في هذه الخطوة ينهي الغموض الذي اكتنف موقف الحزب من حليفه الاستراتيجي الاول على قاعدة ان ما بعد عرسال هو كما قبلها واكثر امعاناً في التشبث بالجنرال مرشحاً غير قابل للتفاوض الا اذا قرر الجنرال نفسه الانسحاب من المعترك. وهي في الواقع خطوة ترمي الكرة بكل ناريتها في مرمى سائر الاطراف الآخرين بمن فيهم الحلفاء المنقادين عن غير اقتناع بترشيح العماد عون بما يجعل موقف السيد وخصوصا بعد مواجهة عرسال وما اضافته من تعقيدات وتداعيات على مجمل المشهد المأزوم في لبنان كأنه أمر عمليات للحلفاء وحشراً غير مسبوق للخصوم والوسطيين.

اغلب الظن ان موقف السيد يغلب الاعتقاد بأن شتاء قطبياً طويلاً سيمر بعد، وقبل ان يبدأ التفاوض الذي لا مفر منه لانهاء الازمة الرئاسية لان سحب المواجهة الطويلة والصعبة مع “الخطر الوجودي التكفيري” لن تكفل تمدد التسوية التي قامت في العراق واسقطت نوري المالكي، الى لبنان في وقت سريع. ولكن في الوقت نفسه ثمة ما يحفز على الظن ان السيد بدأ الاعداد لهذا الاحتمال والا لما كان رسم السقف الأعلى من الآن وقال على غرار بايكر “تعرفون العنوان”. ولا ندري كم فعلت عودة الرئيس سعد الحريري من دون “حسم” موافقته التي طال انتظارها لتزكية العماد عون فعلها في هذه الخطوة ام تراه الفراغ الذي لا يزال معظم الساسة اللبنانيين ينتظرون ان يملأه تفاهم سعودي – ايراني يتقاطع عند تسوية هو الذي دفع بالسيد الى تثبيت السقف الاعلى. كل ما تتركه هذه الخطوة وسواها لا يبدل في ما قبل عرسال وما بعدها وهو ان احداً لا ولن يضمن ان مواجهة المد الارهابي ستخرج لبنان سالما وآمنا ما دام النظام الدستوري عندنا لا يعرف ما اذا كان سيعبر الى يومه التالي طالما ظل اسير التعطيل المتلون الاساليب.