IMLebanon

شروط الهجرة إلى… «خلافة» داعش

مطلوب مهاجرون الى «جنّة داعش»… بعدما أعلن أبو بكر البغدادي النفير العام، ونصَّب نفسه «خليفة للمسلمين». كان نفيره أقوى صدىً من زعيق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي لم يتحقق بعد من نية موسكو فيما ترسل طائرات «سوخوي» إلى فضاء بغداد، هل هي للدفاع عنه وعن كبريائه في كسب التحدي لولاية ثالثة على رؤوس الموالين والخصوم، أم لمنع «الدواعش» من إسقاط عاصمة العراق، خوفاً من ابتلاعهم ايضاً ما بقي من دولة الرئيس السوري بشار الأسد؟

«سوخوي» روسية في فضاء بغداد ومنطقتها الخضراء، وعلى الأرض فرق مستشارين أميركيين. المالكي محظوظ بجمع الأميركيين والروس على هدف واحد، بعدما انقسموا على الأسد… ولكن ما الذي يضمن «صمود» رئيس الوزراء العراقي للرهان على حرب شاملة بين «داعش» وسنّة العراق ممن يأبون الآن فتح المعركة مع «أبو بكر البغدادي»؟

الأكيد أن مشكلة المالكي ومأزق بلاد الرافدين، أعمق بكثير من مجرد «دولة خلافة» تبدو حتى الآن أقصر طريق إلى فتنة أخرى بين المسلمين. وأما الأميركيون و «بطتهم» العرجاء إدارة باراك أوباما، فيجتهدون في تلخيص العِبَر وتوزيعها يميناً ويساراً، كلما تدفقت حمم بركان آخر في المنطقة العربية. ووحدهم العرب، كما يُفهم من نصائح واشنطن، لا يدركون أن «الديموقراطية قد تشوبها الفوضى أحياناً»… في العراق!

فليُسأل المالكي عن ديموقراطيته التي تساوي مصير البلد بمصير ولايته الثالثة، وتجنّد العراقيين سنةً وشيعةً في معركته مع «الخليفة»!

بين نفير وزعيق واستغاثة، فلنعد إلى دعوة البغدادي المسلمين الى الهجرة، على طريق «دولة الخلافة» وقد زرعت بينهم بذور فتنة أخرى عمياء. أما شروط قبول طلبات المهاجرين الذين أغوتهم نشوة اكتساح «داعش» غرب العراق، ومحو الحدود العراقية- السورية، فبسيطة:

– ألاّ يقل شجاعةً عن أي انتحاري يقتل من المسلمين أكثر مما قتل أعداؤهم منهم.

– ألاّ يتردد في قتل أطفال يريدونَهم شهداء بالفطرة، لري «دولة الخلافة» بالدم.

– ألاّ يرفّ له جفنٌ في سبي النساء، وقتل شيعة وفي التنكيل بمسيحيين، لتهجيرهم رأفةً بهم!

– ألاّ يعتبر فرض الإتاوات والتهريب والترهيب محرّمات في الإسلام، ما دام الهدف تغذية خزينة «الخلافة»… دفاعاً عن الفقراء، ومسلمي بورما وأفريقيا الوسطى.

– ألاّ يجهر بما يعارض طاعة البغدادي، أو يعتبره من «الخوارج»، أو يتمرد على كتائبه.

– ألاّ ينطق باسم ما هبّ ودبّ من الفصائل التي تجمعت في «المحرقة» السورية… لاستكمال مشاهد ملحمة أمّ النكبات العربية.

– ألاّ ينطق باسم النظام السوري، لأن قطافه لم يحِنْ بعد… تمهيد أرض المعركة يحتاج مزيداً من الفتن.

… فمَنْ يلبي شروط الهجرة؟

إنهم «الدواعش» الذين باسم قتالهم بوصفهم تكفيريين، تُصادَر دول ومؤسسات، تنهار كيانات، ويدب الذعر على الحدود. هكذا تتناسل الكوارث في دنيا العرب، وبكل بساطة يطمئنهم الأميركي، لماذا العجب والخوف من كبوة الكيان العراقي، أيّ «ديموقراطية» قد تشوبها فوضى!

وإذا كانت المصيبة أن البطة الخرقاء الأميركية تغطي ما زرعته من قنابل موقوتة في وحدة العراق، فالمصيبة الثانية أن «مرشد» محور الممانعة، زعيم الكرملين، تلميذ الـ «كي جي بي» النجيب، ما زال يجتهد لإقناع العرب بأنهم مجرد ضحايا للمؤامرة الغربية. يخشى علينا من سيناريو «مرض» سورية وليبيا والعراق كأوكرانيا، يلتقط الإيراني الإشارة: تقسيم العراق ممنوع، وليحلم بارزاني بما يشاء.

وعلى طريقة المحور، يعزف المايسترو من موسكو: لولا بصيرتنا وقفزتنا الى القرم، لكان الحلف الأطلسي سبقنا إليها… ولولا بصيرة الأسد، والحرب القذرة لانهارت سورية في يد «الإرهابيين»… ولولا حكمة «حزب الله» لوصل «الدواعش» الى الضاحية الجنوبية، وسوليدير.

وبعد كل ذلك، ولو امتنعنا عن إحصاء الضحايا المدنيين، ممن يموتون بالبراميل المتفجرة بعدما هربوا من «الكيماوي»، ومَنْ ينتحرن أو يُقتلن في سورية بعد اغتصابهن، ومَنْ يُصلبون في دولة «الدواعش»، ويهربون من جحيم الحروب المجنونة في عالم سايكس- بيكو ومحور الممانعين ودول الذل، إلى المقابر الجماعية العائمة على قوارب الموت… إذا رفضنا إحصاءهم، قد نُغضِب البغدادي، وإذا شيّعناهم طاردتنا البراميل الطائرة، ولكل ذلك، أليس الأوْلى أن نقف مع المالكي؟!

صحيح ان «الدواعش» سليل طبيعي لكل ما حاصرنا من استبداد «الديموقراطيين»، وصحيح كذلك أن جبال الجنون التي نرتقيها أعلى من فضاء طائرات الاستطلاع الأميركية التي تستكشف المؤامرات من فوق بغداد.