IMLebanon

شروط جعجع خط احمر؟!

الذين طبلوا وزمروا لترشح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للرئاسة الاولى، لم يختلفوا عن اولئك الذين طبلوا وزمروا عندما سمعوا استعدادا من جعجع لسحب ترشحه، خصوصا ان الفارق السياسي بين الاثنين لم يستوعب شرط جعجع للانسحاب، مقابل اصراره على ان يكون البديل من قوى 14 اذار، اي انه حدد مصير المعركة في الوقت الذي خرج منها رافعا قبعة التحية لمن يمكن ان يحمل برنامجه الرئاسي. وهو حسنا فعل ليس لانه انسحب، بل لانه حدد الاطار الواجب وضع الرئاسة الاولى فيه، بعد طول كلام على انه خاض غمار معركة خاسرة من المستحيل عليه ان يجني من ورائها منصبا يحتاج  الى طاقات وطنية من الصعب عليه وعلى من في موقعه ان يصله مهما بذل من تضحيات؟!

الاهم من كل ما تقدم ان جعجع نقل معركة الرئاسة من  مجرد البحث عن منصب الى البحث عن مصير الجمهورية حيث لا بد وان يكون اخذ في حساباته من بوسعه ان يأتي بعده منافسا، خصوصا  ان اللبنانيين اعتادوا على معارك في الشكل الرئاسي من دون الجوهر، قياسا على الاسماء المطروحة للوصول الى بعبدا، وهو عندما عرف كيف يجيش معه ووراءه قوى سياسية قادرة على المنافسة، فانه كان يدرك ان «قدرات الخصم» تعرف كيف تمنع الوصول الى مرحلة الانتخاب الجدي، من خلال اتكالها على لعب ورقة «افقاد النصاب» حبا بعدم الوصول الى الاقتراع، كما حصل في اول جلسة انتخابية اكتمل نصابها لاسباب معروفة من خارج دائرة قوى 14 اذار 0…)

والمقصود هنا هو من يحرك قوى 8 اذار حتى ولو اقتضى الامر اللعب باصول الانتخاب وقانونيته ودستوريته؟!

ليس المهم ان يكون جعجع قد عبر عن استعداده للانسحاب من المعركة، بل ان يكون الخلف بمستوى حلم الجمهورية الواعدة وليست الجمهورية المسخ التي بوسع هذا وذاك الركوب على ظهرها تحت  عناوين مختلفة في مقدمها، ما تردد عن معادلة الجيش والشعب والمقاومة، مع العلم ان اصحاب هذه النظرية يمنعون على الجيش ان يكون جيشا عندما يخترقون صفوفه في حربهم على الموجة السورية حيث لا ناقة للبنان ولا جمل جراء لعب ورقة الحرب السورية، المرشحة ان تصل الى غير ما هو قائم حاليا مهما اختلفت معاييرها الاقليمية والدولية، وكي لا يقال لاحقا ان جماعة لبنانية اخرى ترى ان بوسعها الحرب على موجة اخرى؟!

من حيث المبدأ، فان سمير جعجع قد قصد الانسحاب من معركة الانتخابات الرئاسية للاتاحة لغيره خوض حربها، الا انه ترك بصماته على مشروع الجمهورية التي من المرتقب ان يحتلها بديل، لمجرد انه يحمل بطاقة مؤهلات مختلفة، مع الاخذ في الاعتبار امكان التعاطي المستقبلي مع الموضوع من خلال ورقة بيضاء او من خلال افقاد النصاب وعندها لن يكون معنى لرئاسة غير واضحة المعالم باستثناء ما هو مرجو من الرئيس العتيد الذي سيكون مطالبا ببرنامج عمل، من غير حاجة لان يكون قد تبناه مسبقا!

والاهم من كل ما تقدم ان البديل المرشح ان يصل الى بعبدا سيبقى مطالبا  بحال من التقشف السياسي الذي يشبه ترشح احد النواب مع انه يعرف انه غير قادر على  ان يحل «سيور العقد المعروفة من جانب من دفعه الى الترشح لمجرد الزكزكة وممارسة لعبة شد الحبال في اكثر من اتجاه في وقت واحد؟!

كلمة حق تقال في مقاربة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد الاعراب عن استعداده للانسحاب من معركة الانتخابات الرئاسية، لانه ضحى بحلم   كان ولا يزال يراوده، قياسا على ما هو مأمول سياسيا من الذين يمثلهم جعجع على الساحة الوطنية. والامر عينه ينطبق على الذين استفزهم جعجع يوم اعلن ترشحه، وهو يعرف انهم على استعداد لان «يطربقوا السماء على الارض»كي يحولوا دون وصوله الى قصر بعبدا.

واللافت اكثر من كل ما عداه ان ترشح جعجع بما في ذلك استعداده للانسحاب قد حشر من كان يتصور نفسه صاحب مشروع جمهورية قابلة لان تعيش في كنفه وفي رعاية من خدعهم طويلا جراء عناوينه وادعاءاته  الفارغة من اي محتوى ، فضلا عن ان جعجع  في حال قصد صراحة الانسحاب من المعركة الانتخابية يكون قد عرف كيف يلتقط انفاسه في الوقت الذي منع عن غيره معرفة كيفية التنفس لكثرة ما خدع المحيطين به بعناوين ومشاريع ليس بوسع احد اخذها عن جد، والايام القليلة المقبلة كفيلة بايضاح هذه الحقائق؟!