لماذ التمديد لمجلس النواب؟ هل لانه يصب في مصلحة جهة معينة، ام لان المجلس بدأ يفقد صفته المؤسساتية بعد فراغ الرئاسة الاولى حيث بات الرئيس نبيه بري بحاجة ماسة الى من يؤكد له ان منصبه غير فارغ على رغم التمديد الاخير الذي جرى الطعن به من غير السماح للمجلس الدستوري النـظر في دعوى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون، من غير ان يعرف المجلس كيف يتوصل الى قانون انتخابي متطور يبعد اللبس عنه؟!
صحيح ان المجلس لم يعد قوة فاعلة جراء ضياع موقعه لذا فان الذين يبحثون عن احياء دوره يعرفون انه لم يعد الحلقة الاقوى بالنسبة الى موقع السلطة الحاكمة، لاسيما في ظل حكومة تحكم بقوة الاستمرار، اضافة الى ان التسوية الرامية الى التمديد للمجلس قد اصطدمت برفض من يعرف كيف يقول لا للرئيس بري قبل ان يعرف دولته انه مطالب بانتخابات رئاسية، على رغم معرفة الاخير ان ذلك لن يؤدي الغاية المرجوة منه، فيما هناك من يجزم بأن من مدد لنفسه في المرة الاولى سيعرف كيف يكرر فعلته حيث ليس في الصورة من هو قادر على منع التمديد الا في حال كانت رغبة بافتعال مشكلة مع قوى 8 اذار وهذا مستبعد في المجال المنظور.
امام كل ما حصل ويحصل، هناك من يجزم بضرورة خلق تحرك سياسي – شعبي ضاغط يكفل اجراء انتخابات رئاسية بالفعل وليس بالكلام، بعد انقضاء ثمانين يوما على الشغور خصوصا ان الثقل الذي يمثله رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري يكفل تحقيق مثل هكذا انجاز سياسي، كون الغاية ملء الفراغ من جهة بما في ذلك ان انتخاب رئيس الجمهورية يجب ان يكون المهمة الاولى في هذا الزمان الصعب، لان الموقع يشكل قوة ضغط باعتباره رمزا لوحدة البلاد والقائد الاعلى للقوات المسلحة وضمانة للبلد واستقراره ومصدر ثقة لكل اللبنانيين.
كذلك فان قول الرئيس سعد الحريري ان لا فيتو على احد قد ازال الكثير من التعقيدات باستثناء قول رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد عون انه ضد التمديد لمجلس النواب مهما اختلفت الاعتبارات، قناعة منه انه من الافضل والاسلم عاقبة انتخاب مجلس نيابي جديد في سياق تجديد الحياة السياسية في البلد، من غير حاجة الى انتخابات رئاسية على رغم معرفة عون انه لا يجوز اجراء انتخابات نيابية، من غير مقاربة الانتخابات الرئاسية اولا؟
واللافت في خصوص رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط انه لم يقطع الامل من تسويق مرشحه للرئاسة النائب هنري حلو، بدليل تركيزه على وجود عيب وعجز في التشريع مع العلم ان تسويق حلو يقتصر على عدد محدود من نواب جبهة النضال الوطني من غير معرفة ما اذا كان جنبلاط قادرا على زيادة هؤلاء، اقله بالنسبة الى ما يطلقه من مواقف توحي بانه مرتاح الى تعاطيه السياسي، اضافة الى تركيز جنبلاط على محاولة لعب ورقة الاشادة بالجيش في «تصديه ببسالة في معاركه الاخيرة»، من غير حاجة الى ان يشير الى ذلك بالاسماء!
اما لجهة العيب والعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، فلانه يرى في ذلك تمديدا لمجلس النواب سنة او سنتين، من غير ان يحدد من هو المستفيد ومن هو المتضرر، طالما ان عدد نوابه محدد ولا مجال لان ينتقص منهم احد «شرط ان يكون التأجيل لبضعة اشهر ولاسباب تقنية»!
واذ اعتبر ان مجيء الرئيس سعد الحريري في هذه اللحظة التاريخية خطوة مباركة، فانه لا بد وان يكون لقاؤهما في سياق تنظيم التفاهم بينهما على اعلى المستويات بحسب ما صدر عنه من اشارات في جولته السياسية في عدد من مناطق عالية، كما لفت جنبلاط الى ما «يحصل حولنا من كوارث من الافضل لنا ان لا نتدخل فيها لما فيه حماية انفسنا»!
واذا كان من مجال للقول ان جنبلاط يتحرك على موجة مصالحه فان غيره يقوم بتحرك مماثل حيث لكل واحد مصالحه، في هذا الزمن الصعب، لاسيما في قول جنبلاط انه «مرتاح لان فوقنا مظلة امنية وجيشا على الرغم من خسائره الكبيرة استبسل وانتصر في عرسال».
المهم في خلاصة الوضع السياسي في هذه الايام، هو تجنب التمديد لمجلس النواب، مقابل اجراء انتخابات الرئاسة الاولى، وهذا بدوره سيكون في اطار غير منفصل عن كل ما من شأنه ان يحقق الابتعاد عن التشنج السياسي خصوصا، عندما يتعلق الامر بوقف العمل بتأييد الشغور الرئاسي، بما في ذلك الاتكال ضمنا على تجنب اجراء الانتخابات النيابية لما فيه مصلحة البعض للابقاء على التوازنات السائدة؟!