IMLebanon

شريك واشنطن في طهران وليس في الضاحية الجنوبية!

كانت جلسة المفاوضات المباشرة الأخيرة بين واشنطن وطهران أكثر من ضرورية لإنهاء النقص الحاصل في تداول الأفكار الواجب اعتمادها مسوّدةً لتوقيع اتّفاق بين الجانبين.

هذا ما أكّده مصدر أميركي مُطّلع، مشيراً إلى أنَّ هذا التطوّر الذي قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف أنه يهدف إلى «إضفاء شيء من الواقعية على مطالب الفريقين»، إنّما يعكس تفاهماً تمَّ التوصّل إليه مع الإسرائيليّين أيضاً.

وقد عبَّر رئيس مركز البحوث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال إيتاي برون عن هذا الأمر صراحةً، حين اعتبر أنّ إيران «تلتزم» اتفاق جنيف الذي أبرمته مع الدول الست المعنية بملفّها النووي في تشرين الثاني الماضي، ما يعني أنَّ التشاؤم الإسرائيلي تراجعَ لمصلحة ضمانات، يبدو أنّ الأميركيّين أوشكوا على انتزاعها من إيران.

لكنّ السؤال المطروح في واشنطن اليوم هو: «إذا كان توقيع اتفاق كهذا مُمكناً قبل نهاية مرحلة الأشهر الست في تمّوز المقبل، فما هي الملفات التي ستطرح فوراً على طاولة المفاوضات، ليس بين الأميركيين والإيرانيين فحسب، بل على سائر الأطراف الإقليميّين في المنطقة، فضلاً عن ملفّ الأزمة السورية»؟

أوساط أميركية أخرى تصف كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخير في لبنان بأنه حمّال وجوه. الإدارة الأميركية تدرك أنّ خطاب «النصر» الذي يواصل «محور الممانعة» ادّعاءه، يعني أنّ الحديث عن حلّ سياسيّ في سوريا بمشاركة ايران وروسيا و»حزب الله»، ما هو إلّا وصفة استسلام، وهذه ليست حال السياسة الاميركية تجاه ما يجري في هذا البلد.

وتؤكّد هذه الأوساط أنّ تردّد الإدارة الأميركية حتى الساعة في ترجمة وعودها بتقديم الدعم النوعي إلى المعارضة السورية، هو أيضاً حمّال وجوه، طالما إنّ الهدف الأكبر هو التوصّل إلى اتّفاق نووي مع طهران.

في هذه الحال، قد يكون ملائماً أن تشعر طهران بأنّ جهدها السياسي والعسكري والإقتصادي، وتضحياتها في الساحة السورية، يمكن تعويضها إذا ما أُعيد تنسيبها مجدّداً إلى المجتمع الدولي، من بوّابة ما حقَّقته وتُحقّقه، نتيجة سياساتها في هذا المجال على امتداد الأعوام الاربعة أو الخمسة الماضية.

لكن كيف يمكن ضمان مستقبل تلك الإنجازات في حال تحوَّلت ايران دولة «طبيعية» في المنطقة؟

عندها، يصبح السؤال مشروعاً أكثر حين تتحوّل طرفاً بين متساويَين، فيما حجم المشكلات التي تعصف بالمنطقة يحتاج على الدوام الى ضابط ورعاية لكي لا تفيض عن حدودها.

وتُشدّد الأوساط الأميركية على عدم التهاون في تقدير موقف واشنطن وعدم اعترافها بالنتائج السياسية التي ترتّبت حتى الآن عمّا يحصل في سوريا، وصولاً إلى إعادة «تنصيب» الرئيس بشّار الاسد. فهو لا يمكنه البقاء في السلطة، وإيران التي تحاول الإمساك بأوراقها الإقليمية تحضيراً لجولات التفاوض المقبلة ما بعد اتّفاقها النووي، تدرك جيّداً أنّ شراكتها السياسية لا يمكن أن تستقيم إذا ظلّت تراهن عليه.

هناك من يقول إنّ واشنطن حين سحبت جيشها من العراق، بعدما تغيَّر وجهُه كلّياً، وقَّعت اتفاقاً غير مكتوب مع طهران، ولم يعد احتكار السلطة في يد أقلية مُمكناً. وإذا كان الحديث عن «حلّ» في سوريا مُمكناً، فإنّ «قاعدة القياس العراقية» قد تكون نموذجاً يمكن اعتماده، بعدما تبيَّن للجميع أن لا مكان للأسد في أيّ حلّ، وأنّه تحوّل عبئاً على الجميع. وتستدرك تلك الأوساط: «إنّ صانع الحلّ يجلس في طهران، وجزئيّاً في موسكو، وليس في الضاحية الجنوبية لبيروت».