IMLebanon

شعار المرحلة الرئاسية :  أنا أو لا أحد … ومن بعدي الطوفان

بينما تتكرر تصريحات مرشح 14 آذار الرئاسي سمير جعجع مؤكدة بأنه مستعد للتراجع عن ترشيحه إذا ما اختارت قوى 14 آذار مرشحا آخر غيره، من تكتلها نفسه،ليخوض الإنتخابات الرئاسية في وجه من يختاره تكتل 8 آذار، سواء كان الجنرال عون أو أي مرشح سواه، ولتتم العملية الإنتخابية وفقا لقواعد النظام البرلماني المرتكز بجهاته جميعا على الأسس الديمقراطية الكاملة التي نشأ عليها لبنان، واستمر في تطبيقها رغم الإهتزازات العنيفة التي شابتها نتيجة لموجات العنف والإقتتال والفوضى التي ألهبت أرضه وكيانه وهددته بوجوده واستمراريته. وعليه وبينما تكتل 14 آذار متمسك بهذا الترشيح تمسكه بثبات الأسس الديمقراطية على حالها وعلى استمراريتها، وتأكيده على أن النتيجة الإنتخابية كائنا من كان الرابح فيها،تكون نافذة وفائزة وملزمة للجميع، إذا بالفريق الآخر، متمسك بالفراغ والتفريغ، ومتابع لعملية إفقاد النصاب الإنتخابي وناسف للعملية الإنتخابية شكلا وأساسا ومضمونا، زاعما أنه ضد اسلوب الفرض،وضد منطق التحدي، سالكا في تبرير وضعيته المعرقلة والرافضة، دروبا خطرة ومتهورة، ومدخلا البلاد والعباد في زواريب التمويه والتشويه واعتماد الأساليب الثعبانية الملتوية،فإذا به ينسى أن ألمرشحين المتبارزين، يعانيان كلاهما من عملية رفض متبادلة ترى في كـل منهما مرشح فرض وتحدي، فإذ ينبش أحدهما قبور الأمس، ويلصق مسؤولية ما فيها وما قام به من أعمال عنف وقتل وتدمير وجبايات غير شرعية بالنزعة الميليشيوية لدى الفريق الآخر، يتناسى خصمه أنه قد خرّب الأوضاع الشرعية منذ بداياتها، فكان رئيسا عينه رئيس جمهورية سابق رضوخا منه لوسائل الضغط والإكراه ليرئس حكومة الفراغ التي نشأت آنذاك، فقاطعها وانسحب منها جميع الوزراء المسلمين، وتحدى بالنصف المبتور المتبقي من وجود هذه الوزارة ومن ميثاقيتها فولدت وزارة مشلولة ومرفوضة لتنطلق على ذوقها وعلى هواها، مطلقة حروبا مدمرة بتسميات مختلفة أهمها «حرب التحرير» «وحرب الإلغاء» ، ونتيجة لهزيمة رئيسها واستسلامه واخراجه من القصر الجمهوري،الذي كان قد استعذب الإقامة فيه، إلى السفارة الفرنسية، متسببا بمقتل مئات من الضباط والجنود، ومئات من المواطنين، الذين أودت بهم مدافع اجتياحات ما أسمي بحرب الإلغاء، فما أدى ذلك كله إلاّ إلى إلغاء رئيس فقد رئاسته،بعد أن أشبعها من صنوف الخراب والدمار والمعاناة.

مرشحان متناقضان متعارضان وقد عادا مجددا إلى عراك الساحات القتالية، ولكـن أحدهما يعود بوجه إنتخابي يدعي الحيادية ويزعم أنه مرشح وفاقي أو توفيقي، يلقى ترشيحه قبولا لدى الجميع، انطلاقا من زعمه بأنه يملك الحل والترياق، متذاكيا بهذا الزعم ومتلاعبا بالجميع وبالوضع العام كله،طارحا ترشيحه إنطلاقا من مبدأ اخترعه لشخصه وتشبث بدهاليزه وخفاياه وخباياه، ليصل إلى النتيجة الوحيدة التي تركها لنفسه وللوطن وللمواطنين: أنا… أو لا أحد، ومن بعدي الطوفان، متنازلا عن قيادة الأوضاع لفخامـة الجنرال « فراغ»، بينما هـو والفراغ صنوان متماسكـان متلازمان،فراغ مشغول ومحبوك، تحاك من أجله المناورات والمؤامرات، وتخرب في سبيله كل دروب الديمقراطية والمسيرة الوطنية المنزهة عن ارتباطات الخارج وايديولوجياته ومصالحه التي جعلت من الحدود اللبنانية بل ومن منطقة البحر الأبيض المتوسط كلها، مصبا ومرتعا ومدى حيويا وعسكريا لنظام الملالي في ايران، مشفوعا بنظام الأسد في سوريا، الغارق حاليا في مسرحية الإنتخابات المجبولة بالدم والألم، ليتكون من ذلك كله تجييش عقائدي وطائفي وعسكري يقاتل في سوريا ويشارك في عملية تدميرها وقتل أهلها وتهجيرهم بشتى وأشرس وأعتى الأسلحة التدميرية، وسط عملية تمويه وتشويه للواقع وللحقيقة أطلق عليها المجتمع العربي والدولي تسمية «المهزلة الانتخابية».

ماذا يراد لهذه البلاد التي كانت قد بدأت تنعم بشيء من عودة الأمن والإستقرار، فإذا بالإهتزازات تعاودها لتؤشر على مستقبل قاتم ما زال يهددهـا بمصير مجهول، هذا المحور الممانع الذي يشد بعضه من أزر بعضه الآخر، يقاتل ويشتت ويدمر ويهجر أبناءه في كل مكان، ومصمما على ألاّ يخوض معركة وألاّ يمارس أعمالا جهادية إلا في الأمكنة الخاطئة وفي إطار التوجهات والأهداف المخطئة.

  اسرائيل تنعم حاليا بأيام من الهدوء والتراخي والرضى الكامل، وهي شعبا ودولة وجيشا، تنعم بشهر عسل ما كانوا ليحلموا بمثل أيامه وبمثل عسله، وجبهاتنا المحلية تزخر بدوي السلاح والإهتزازات والمجابهات العبثية ويعلو في أرجائها منطــق الفراغ، فراغ مــن الأوضـاع السليمة والإقتصاد القويم والحياة الوديعة المستقرة، وفـراغ من الأمـل والأفـق المشرق الواعـد، من خلال جملة مــن الإنهيارات المرعبة، كل الدلائل تشير إلى أن الجميع، بمن فيهم أولئك الغرباء الذين نعول عليهم في إجتراح الحلول، قد أصابهم القرف من مجرد الإقتراب من شؤوننا وشجوننا وسخافاتنا، بعضنا مع الأسف بدأ يمني النفس باستمـرار الفراغ الرئاسي إلى أن يحل الفراغ البرلماني المقبل بسرعة واندفاع، بعد انتهاء المدة الممددة لمجلس النواب الحالي، كما يمني النفس منذ الآن بأمل متجدد بمنفذ جديد صوب رئاسة الجمهورية متمثل بانتخابات نيابية جديدة، يأمل بأن تتحقق له منها أغلبية نبابية قد تمكنه بأي ثمن وأي أسلوب وأية طريقة من الصعود المظفر إلى قصر الرئاسـة والجلوس العتيد والعنيد على كرسيها الحافل بالسحر والإغراء،وشعاره الأساسي في كل ذلك، شعاران متلاحمان متلازمان : أنا أو لا أحد، ومن بعدي الطوفان.

وها هي الجهود تبذل لتعطيل أي قرار قد يصدر عن مجلس الوزراء عن طريق وضعه أمام استحالة الإجماع الوزاري على أي أمر يقتضي اتخاذه فيصبح بإمكان أي جهة وزارية بل أي وزير منفرد،الإمتناع عن التصويت لتكون البلاد خارج أي إطار من إطارات الحكم والإمساك بالأوضاع العامة0

  وعليه، لئن تمشى ذلك مع طموحات البعض ومغامراتهم، فهل يستوي بهذا النهج المفجر والمدمر مع وطن ومواطنين يصارعون بكل قدراتهم وطموحاتهم للحفاظ على أرواحهم وعلى وجود وطنهم واستمراريته ؟