IMLebanon

شهران مصيريان.. قبل لجوء التكفيريين إلى “دفء” لبنان

مسعى حكومي لإخراج النازحين من عرسال

شهران مصيريان.. قبل لجوء التكفيريين إلى “دفء” لبنان

عرسال صارت العنوان الأول. ليس موضوع العسكريين المخطوفين، على أهميته القصوى، ما يجعل من البلدة الحدودية حديث الناس والسياسيين، وليست الاعتداءات التي يتعرّض لها الجيش من قبل المسلحين هي العنوان الوحيد للقلق. ثمّة خوف فعلي ومستمرّ مما يخبئه المستقبل للبلدة وأبنائها، وبالتالي للبنان وأبنائه. صار الخوف من “داعش” ملازماً ليوميات اللبنانيين. السياسيون ليسوا أقل خوفاً، بالرغم من أنهم أكثر قدرة على العمل من غيرهم، ومع ذلك.. لا يعملون. الاتهام للسلطة جاء أمس من قلبها، ومن أحد المعنيين الرئيسيين بالملف. وزير الداخلية نهاد المشنوق انتقد “قصور الحكومة عن التعامل مع الأولويات اللبنانية، ولاسيما أولوية مواجهة “داعش”، بعيداً عن منطق المزايدات”. لا أحد ينكر حالة القصور تلك، ولكن المشكلة الكبرى أن لا شيء يوحي في سلوك السلطة التنفيذية، أنها استعادت المبادرة، وقرّرت مواجهة هذه الظاهرة أو المخاطر التي يمكن أن تتزايد. المعنيون في الأمن صاروا شبه متيقنين أن الأيام المقبلة ستكون أسوأ إن حافظت الحكومة على مستوى “بلادتها”.

لدى لبنان نحو شهرين ليتصرّف. إذا لم يفعل، فهذا يعني أن الشتاء القارص سيجتاح الجرود، حيث يتمركز المسلحون ما سيضطرهم إلى البحث عن الدفء. عندها سيكونون أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التوجه نحو القلمون، حيث سيكون الجيش السوري و”حزب الله” بانتظارهم. أو نحو لبنان، حيث ستكون منطقة عرسال الملجأ الوحيد لنحو 7 آلاف مقاتل (3 آلاف ينتشرون في جرود القلمون و3 آلاف في جرود عرسال ونحو 700 في المخيمات العشوائية)، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر على البلدة والمنطقة والبلد.

ذلك الخطر ليس وحيداً، من يتابع التطورات السياسية والعسكرية في العراق يتوقع أن تلي مرحلة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية مرحلة أكثر جدية في التعامل مع الخطر الداعشي، من خلال بدء معركة ضرب التنظيم التكفيري في المناطق العراقية. وهو ما سيدفع المقاتلين إلى التوغل في الأراضي السورية، فاتحين جبهات جديدة لجهة الغرب السوري. وعليه، فإنه يُتوقع، وقد أكد المشنوق على ذلك أمس، بأن يكون لبنان أمام موجة جديدة من النزوح، الذي قد يستدعي قرارات صعبة كإغلاق الحدود، على سبيل المثال.

كل الاحتمالات التي تواجه ملف النزوح، كما ملف عرسال، ما تزال ممكنة الحل بحسب مصدر معني، لكن ذلك يعوزه بداية الاقتناع بأنه لم يعد بالإمكان التعامل مع ملف النازحين السوريين بالطريقة التي اعتمدت سابقاً والتي أوصلت البلد إلى استضافة نازحين يصل عددهم إلى نصف عدد سكانه، مع ما لذلك من تأثيرات متعددة الاتجاهات والمخاطر.

من بين المعنيين بملف عرسال، ثمة من يقتنع بأن الحلول ما تزال ممكنة. هي ليست عسكرية حكماً، لكنها مبنية على حل مسألة النازحين الذين يزيد عددهم عن ضعف عدد أبناء عرسال.

بالنسبة لـ”14 آذار” الحل الأمثل يبقى في نشر قوات دولية على الحدود، لكن هؤلاء يعرفون أن حلهم صعب المنال، ليس لأن “حزب الله” يرفضه فحسب، بل لأنه يحتاج إلى تفاهمات دولية لم تكن ناضجة حتى الأمس القريب. وقد تكون صارت مستحيلة بعد خطف “جبهة النصرة” لـ43 عنصراً من “الاندوف” في القنيطرة، والذي أعقبه أمس انسحاب الكتيبة الهندية من قوات حفظ السلام في الجولان.

الحل المباشر والممكن التحقيق إذاً، والذي يحظى بموافقة رئيس الحكومة، كما عدد من الوزراء، هو إنشاء مخيمات للاجئين في جرود البلدة. ثمة من يؤكد أن زيارة وزير الداخلية للعماد ميشال عون أمس كان هذا الموضوع على جدول أعمالها. وبالرغم من أنه لم يرشح شيء عن موقف عون، إلا أن المعلومات تشير إلى أن زيارة المشنوق للرابية تأتي في سياق مسعى منسق مع الرئيسين تمام سلام وسعد الحريري، وسيشمل عدداً من القيادات، يؤمل أن يتوج بتفاهم حكومي بشأن المخيمات. ولأن جبهة المعترضين على مبدأ المخيمات في الأراضي اللبنانية تتركز في “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، فالمسعى يهدف إلى إقناعهما باستثناء عرسال عن الفيتو اللذين يرفعانه. علماً أنه يجري الحديث عن إمكانية إنشاء 10 تجمعات في جرود عرسال، ينقل النازحون من البلدة إليها (بمعدل 10 آلاف نازح في كل مخيم). على أن تلي ذلك خطوة فصلها عن جردها، فيما تكون الخطوة الأهم هي الاهتمام بعرسال إنمائياً وتخصيصها بعدد من المشاريع.