IMLebanon

«شيعستان» و«سنيستان» أو حلّ شامل

 

عراق صدام حسين انتهى. عراق ما بعد الغزو الأميركي ونوري المالكي، انتهى. العراق الجديد، قد لا يكون العراق.

«السورنة»، أحرقته، لا يمكن بناء شيء من الرماد. اما ماذا سيخرج من تحت هذا الرماد فان تقديره ما زال في عالم التطورات الدامية والدموية. «اللاعبون» ضائعون، لأنهم لم يتوقعوا هذا الانقلاب، لأنه حصل بسرعة الرصاص، ولهذا تبدو مواقفهم الحقيقية والنهائية ضبابية ومترجرجة.

«داعش» تنظيم اسود وإرهابي، يحارب تحت الراية الاسلامية وهو خارج من قلب جحيم القرون الوسطى. لكن هذا لا يكفي لتلخيص المشهد ولا للمضي في الحرب او السلام. بعد ايام على انهيار الموصل وسقوطها، اصبح مؤكدا ان «داعش» ليست اكثر من فصيل ضمن تحالف واسع، يضم البعث الصدامي بقيادة عزت الدوري من جهة وابنه اللواء احمد الذي يرأس «المجلس العسكري» وأطراف من العشائر وما تبقى من «الصحوات» الذين استخدموا وتركوا لمصيرهم (قائد الصحوات اغتيل قبل أسبوع من الهجوم وكأن شيئا لم يكن). امام هذا التشكيل المتضارب في أصوله وأهدافه يصبح حصر المواجهة بـ»داعش» انحرافا مقصودا لنزع المسؤولية عما حصل، وانزلاقا مبرمجا باتجاه الحرب المذهبية، والى المزيد من «سورنة» العراق خصوصا وان الفرق قيد شعرة بين «الأسدية» وا»لصدامية» و»المالكية».

اشتعال العراق على وقع الحروب في سوريا، رفع منسوب الخطر الى اعلى درجاته. كل ما كان يقال عن وجود «مقصات» لتقسيم المنطقة كان اما غلوا في نمو العقل المؤامراتي او نتيجة للإحباط من مفاعيل الربيع العربي ونتائجه المرحلية. الآن يمكن الذهاب بعيدا في استقراء هذه الإخطار التقسيمية وكأن تحققها سيتم الآن قبل الغد. ما يساهم في ذلك وضع عربي مهلهل، وغياب الدولة – المركز القادرة على طرح مشروع له شرعية المستقبل، والاهم المتمكنة من تنفيذه. كل ذلك في وقت والعالم العربي كله واقع في قلب مثلث من قوى اقليمية متنافسة ومتنازعة على الإمساك بالمنطقة منذ قرون مثل تركيا وإيران، وثالثها اسرائيل العدو الدائم، وجميعها لديها المشاريع والقدرات. وحتى تكتمل كل الأسباب المنتجة لتحوّل الموهوم الى احتمال واقعي، فان رياح حرب باردة جديدة تهب على العالم في وقت تبدو الولايات المتحدة الأميركية مستقيلة من دورها باسم محاربة الحروب.

اسرائيل سعيدة مؤقتا بالحروب المدمرة والمذهبية لانها تشغل العرب والمسلمين عنها لعقود، وتجعل المقاومة من القصص الشعبية المروية عن الزمن الجميل. المشكلة مع تركيا وإيران وما لف لفهما، من دول وشرائح مذهبية. سؤال بسيط، كيف ولماذا سقطت كسب بعد اقل من ساعة من لقاء اردوغان مع روحاني؟ ماذا قدم الرئيس الايراني لرئيس الوزراء التركي حتى انسحب المقاتلون؟ وأين سوريا والأسد من ذلك وماذا عن الأكراد والقلق من طموحاتهم الانفصالية المتجددة باسم التعامل مع اخطار الحرب المذهبية؟

اما ايران فإنها صاحبة مشروع تاريخي عنوانه قابع حاليا تحت «العمامة» الحاكمة. «الهلال الشيعي» يكاد يتحقق واقعياً، وهو اذا أنجز جغرافياً ولم تكن قد قامت مصر، فان «شيعستان» ستؤهل ايران للإمساك بالعراق حتى الأنبار نهائياً، لتفتح ممراً الى سوريا ولبنان، فتصبح على الحدود تقرر السلم والحرب والمقايضات. اما الشيعة العرب فليسوا اكثر من «بندقية» بخدمتها. ولتمسك بيدها «الحديدية» باقي منطقة الخليج.

أيضاً الحرب المذهبية التي يتم رمي الحطب على نارها، فإنها ستقود حكما الى هيمنة «داعش» بكل ما ترمز اليه وما تقوم به، وقيام «سنيستان « باسم الخلافة، على مثال أفغانستان «الطالبانية» وأسوأ.

اما الولايات المتحدة الأميركية فإنها وصلت الى لحظة الحقيقة. في الظاهر حقق الرئيس أوباما حلما عظيما وهو اقتتال الأصولية الشيعية مع السنية، وفي حين الثانية مضطرة للتفرغ للحرب ضد الشيعة والسنة الرافضين لها، فان الشيعة ممثلين بإيران يطلبون الحلف معها، بعد ان كانت لأشهر قليلة مضت « الشيطان الأكبر» والخ…

هل يجب الاستسلام امام هذا الاحتمال الذي يكاد يتحول الى واقع؟

توني بلير رئيس الوزراء الأسبق، اكتشف أن ثمن الخبث في التعامل مع الثورة السورية سيكون مكلفا جداً اذ قال بوضوح: طوال ثلاث سنوات تابعنا سوريا تسقط في الجحيم.. والآن تلفون الحبل حولنا وتجروننا معها». هذا الوعي المتأخر، يفتح ثقبا في جدار الموقف الغربي، ترجمته، ليس الحرب وإنما الإسراع في عقد مؤتمر دولي لا يحق لأحد فيه الفيتو.. وإلا فالجميع الى الجحيم.