IMLebanon

صديقي نعيم.. لا تدعني أنتظر طويلاً

صديقي نعيم عون،

تلقيت، أمس، رسالتك المفتوحة في «السفير» بفرح كبير وقرأتها بتمعن ودقة مراراً وتكرارا. لا اخفي عليك انني كنت على علم بحالك، وهي ليست مختلفة عن حالي ابداً. وبصراحة ايضاً، كنت انتظر رسالتك هذه منذ 7 آب 2005. لا بل كنت انتظر منك او من اي رفيق من رفاقنا اشارة ما تعطيني الامل بأن الحياة ما زالت بألف خير واننا نستطيع اصلاح ما افسده «متسلقو كل العهود ممن باعوا أنفسهم وكانوا مستعدين لبيع وطنهم لأجل المنصب والثروة والسلطة والجاه والنفوذ».

صديقي نعيم،

لم استطع تجاهل رسالتك وان كانت موجهة الى رفاقك في «التيار الوطني الحر». وبطبيعة الحال، وكما تعرفني، سأتجاهل ما اتيت على ذكره عن حال «التيار» في ما كان أو ما اصبح عليه، لا بل انصح الجميع وخصوصا منافسي «التيار» من المسيحيين، بعدم استثمار توصيفك للواقع الداخلي، ذلك أنه لكل فريق ما يكفيه من مشاكل وصعوبات ولو اختلفت طبيعتها.

نعم، لم استطع تجاهل رسالتك ولم اعتد ذلك، والسبب بسيط جداً، الا وهو انني قرأت بين سطورها وحروفها «نداء استغاثة»، عنوانه الخوف على المستقبل بالأحرف الكبرى. مستقبل منطقتنا، مستقبل وطننا، مستقبل اولادنا كل هذه هي هواجس مشتركة يعيشها كل صاحب قضية، ولست اظن انك تفصل بين مستقبلك وبين مستقبلي، فنحن، وان كنا قد اتينا من مشارب فكرية ونضالية مختلفة، لكننا اكتشفنا باللحم الحي، حين امتزج عرقنا ودماؤنا سوية في اقبية الذل، اننا ابناء تاريخ واحد ومصير واحد وقضية واحدة.

صديقي نعيم،

ان توصيفك للواقع اللبناني وما يواجهه من مخاطر وجودية، لم يكن اولها ولن يكون آخرها، خطر الفكر التكفيري والالغائي، ولعل تصويرك لكيفية مقاربة الطوائف الاسلامية بصورة موحدة لتلك المخاطر مقارنة بمقاربة المسيحيين المشرذمة، سبب اضافي يدفعني، ومن دون ادنى تفكير أو تردد، الى ملاقاتك حيث انت، غير آبه كما سابقاً، بكل ما سوف يقال او بكل من سينتقد أو بكل من سيخون على جاري عادته.

صديقي نعيم،

ان ما نعيشه من حالة عجز وشلل تجاه كل ما يدور حولنا وعندنا، ليس سوى نتيجة فشلنا في استثمار اللحظة التاريخية، لا بل الفرصة التاريخية التي اعطيت لنا، لا بل ربما استحقيناها عشية الانسحاب السوري في العام 2005.

ان استعادة القدرة على المبادرة والتأثير بحاجة الى عملية نقد قاسية للذات، يجريها كل منا من موقعه.

لسنا بحاجة مرة جديدة الى بلوغ قعر الهاوية، حتى ندرك حاجتنا لبعضنا البعض، حاجتنا لقراءة موحدة، حاجتنا لمواجهة موحدة.

صديقي نعيم،

سعدت كثيراً برسالتك، بندائك، باستغاثتك. ولا أخفيك القول إنني كنت قد بدأت افقد الامل مع تعاظم دور وتأثير «ثعالب مسيحيي الوصاية» على تفكير اهلنا ورفاقنا وضخ المزيد من الاحقاد بين المسيحيين أنفسهم أو بين المسيحيين والمسلمين.

صديقي نعيم،

انتظرك بفارغ الصبر. انتظركم جميعاً، فلا تدعوني انتظر طويلاً.