IMLebanon

صراع بين المبادرات الطيّبة ومشروع هدم الدولة

مجلس النواب معطل، لا نصاب مكتملا لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا نصاب للدرس والتشريع والمناقشة في اضيق الامور واكثرها اهمية.

ومجلس الوزراء، ايضا، معطل جزئيا وفي الطريق ليصبح تعطيله كاملاً، لان الجلسات الثلاث او الاربع التي عقدها الوزراء لمحاولة التوافق على كيفية، استخدام صلاحيات رئيس الجمهورية فشلت بسبب فشل الوزراء في التوافق على نوعية هذا الاستخدام وحدوده.

هذا الفشل المزدوج في السلطتين التنفيذية والتشريعية يأتي في اعقاب خلو منصب الرئاسة الاولى، بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان وعدم انتخاب رئيس جديد وفق الدستور والقوانين، وبتعطيل متعمد للنصاب في الدورة الثانية للجلسة الاولى، واستمرار التعطيل في خمس جلسات لاحقة، بسبب غياب اكثرية نواب قوى 8 آذار، وفي هذه الحالة، وقع لبنان كله، دولة وشعبا تحت ثقل الفراغ والتعطيل، وخطرهما على الامن والاستقرار والاقتصاد، خصوصا بعد التطورات العسكرية، والامنية والسياسية الدراماتيكية في العراق وسوريا، ومخاطر زحفها باتجاه الدول المحيطة مثل لبنان والاردن والكويت وحتى السعودية، وكأن ما يدور حولنا، لا يعنينا بشيء ويبعد عنا مسافة سنوات ضوئية.

البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي، وجميع قوى 14 اذار واعون على هذه الاخطار، ومدركون لنتائجها الكارثية، فالاول يطرح الصوت مع مطلع كل شمس لانتخاب رئيس لهذه الدولة يستطيع ان يدير ويحرك الجسم المشلول العاجز عن العمل والانتاج والمبادرة وقوى 14 آذار بالتوافق مع مرشحها للرئاسة الدكتور سمير جعجع، ملتزمة بتأمين النصاب وتلبية دعوات رئيس المجلس النيابي، وتتعهد بقبول اي رئيس ينتخبه مجلس النواب، كائنا من كان وبالتعاون معه، حتى ان الدكتور جعجع، اعلن بوضوح وعلانية استعداده للتنازل عن ترشيحه، والسير في مرشح يمكن التوافق عليه بين مختلف القوى، ولكن اقتراحه كما غيره. كان صرخة في وادي قوى 8 اذار ما دفع بالبطريرك الراعي يوم امس الى اعلاء صوته مرة جديدة متهما النواب بإهمال واجبهم الاساس، بانتخاب رئيس للبلاد، معتبرا ان الشعب لا يرضى بانتهاك الدستور والميثاق من دون ادنى رادع من ضمير ولا يرضى بانتهاك كرامة الشعب والوطن، ودعا الى مبادرة شجاعة ومتجردة ومسؤولة لانقاذ لبنان.

في هذا الوقت بالذات يسجل للنائب سليمان فرنجيه بادرة طيبة بارساله برقية تعزية للدكتور سمير جعجع بوفاة والده، رد عليها جعجع بمبادرة مماثلة، واتصل بفرنجيه شاكرا.

اصحاب النيات الطيبة، والحريصون على تفاهم اللبنانيين على مصلحة لبنان، يبنون امالا على مثل هذه المبادرات لتريح العلاقات المسيحية 0 المسيحية، والعلاقات المسيحية – الاسلامية، ويتمنون لو ان المصالحة بين المسيحيين التي حصلت في بكركي منذ سنتين، تنعكس على العلاقة السياسية ولو في حدها الادنى بين القيادات والاحزاب المسيحية، لينطلق منها البطريرك الراعي، اذا نجح في جمعهم مجددا، في تزكية بعض الاسماء من شخصيات مارونية ذات مستوى اخلاقي وسياسي عال. يمكن التفاهم عليها او على واحد منها. مسيحيا ليطرح بالاجماع، على الشريك الاخر، الملزم عندها بقبول من توافق عليه المسيحيون، او اكثريتهم الساحقة وقد يكون الوزير وائل ابو فاعور الذي وصف اجتماعه بالرئيس سعد الحريري، «بالممتاز» يمهد للتوافق على مرشح مقبول، عندما اعلن انه حان الوقت للوصول الى مرشح توافقي، الا اذا كان لدى البعض نية في تعطيل الدولة بالكامل، من ضمن مشروع ينفذ منذ سنوات لهدم هذه الدولة، واقامة دولة بديلة تشبه هذا البعض، على ما اعلن امس الوزير سجعان قزي في حديث تلفزيوني.