IMLebanon

صراع وهمين وعقدتين ومآسي النازحين قصص

أوروبا مرتبكة ومنقسمة حيال المسؤولية الأخلاقية والانسانية عن استقبال لاجئين سوريين هاربين من الموت. قارة غنية واسعة مسكونة بمئات الملايين ومهجوسة بحقوق الانسان، تخاف من ان تتوزع دولها أقل من عشرة في المئة من عدد النازحين السوريين الى لبنان وحده. ولا شيء يوحي ان حرب سوريا التي دخلت عامها الخامس تقترب من النهاية بما يفتح الباب لانهاء ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية: ثمانية ملايين نازح داخل سوريا، أربعة ملايين في دول الجوار، ومئات الألوف في بلدان العالم. وليس على أجندات اللاعبين في الداخل مكان للتأثر بأية ضغوط يشكلها نزوح نصف الشعب الذي يتقاتلون باسمه. ولا على أجندات اللاعبين الاقليميين والدوليين ما يتجاوز مهام الاغاثة. فالحسابات جيوسياسية. ومآسي الناس قصص وتفاصيل في عالم اختصر سلوكه الجنرال ديغول بالقول ان الدول وحوش باردة.

ذلك أن الحسابات التي تدار بها حرب سوريا متعددة ومختلفة لدى اللاعبين. لكن الحرب لا تزال أسيرة وهمين كبيرين لكل منهما من يؤمن به ومن يعرف انه وهم ويعمل على تسويقه في دور بائع الأحلام. الوهم الأول هو الحل العسكري الذي لم يتغيّر الرهان عليه، برغم فشله ونجاحه في تدمير العمران وتخريب النسيج الاجتماعي الوطني، وتكرار الكبار القول انه ليس للأزمة في سوريا حلّ عسكري. والوهم الثاني هو الحل السياسي الذي بدا التوصل اليه مستحيلاً بين طرفين يريد كل منهما تحقيق مطالبه كاملة، وما حدث في موازين القوى من تغيير لم يقد الى تسوية.

صحيح ان الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا وضع تصوراً للحل السياسي، وان موسكو تحاور الجميع باسمها واسم أميركا تحضيراً لجولة جنيف – ٣. لكن الصحيح أيضاً ان الرئيس بشار الأسد الذي تحدث عن مسار سياسي لا حل سياسي يرى دي ميستورا منحازاً لأميركا والغرب، وان الائتلاف المعارض يضع تصور الموفد الدولي وما تقوم به موسكو في اطار تشتيت صوت المعارضة بدل توحيدها. فضلاً عن أن عقدة الحل السياسي لا تزال على حالها منذ ٢٠١١ حتى اليوم، وهي مصير الرئيس الأسد. أما عقدة الأزمة، فانها ازدادت تعقيداً بدخول عامل داعش وجبهة النصرة ومئات التنظيمات المتشددة التي ترفض أي حلّ سياسي وتصف الديمقراطية بأنها كفر وتصرّ على دولة اسلامية، بحيث يبدو الخلاف مع داعش حول من يعلن دولة الخلافة ومتى.

والسؤال هو: هل تبدّلت حسابات الكبار، بحيث صار ممكناً تطبيق ما كان صعباً بعد ثلاث سنوات على بيان جنيف؟