كتب عبد الامير بيضون:
على نحو ما كانت نبهت اليه بعض التحذيرات والتنبيهات، من احتمال استغلال العدوان الاسرائيلي المفتوح على قطاع غزة، وسقوط المئات بين شهداء وجرحى…
وفي ظل غياب أي بارقة أمل بتجاوز لبنان أزماته المتشابكة، والبالغة التعقيد، سياسياً ومعيشياً وأمنياً…
وفي ظل المراوحة في أبرز الملفات حيوية وأهمية، ودخول لبنان يومه التاسع والأربعين على التوالي من دون رئيس للجمهورية.
وفي ظل تعقيدات إقليمية بالغة الخطورة والتداعيات، وأوضاع ملتهبة شكلت أرضاً خصبة لكل راغب في توظيف «اللحظات الحرجة» من أجل تحقيق المبتغى.
الأمن يتصدر المتابعات
ومن الساحة الجنوبية عادت لغة «اطلاق الصواريخ المجهولة الهوية والهدف» تفعل فعلها على المسرح الأمني والسياسي في لبنان… حيث لايزال الوضع الأمني في لبنان يتصدر الاهتمامات والمتابعات المحلية والدولية، حيث عرض الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي، في احاطة، أمام مجلس الأمن الدولي، الوضع الداخلي في لبنان وعلى الحدود، ولفت الى «ان الخطر الأمني حقيقي جداً في لبنان…» مشيداً بـ«عزم وتصميم حكومة الرئيس تمام سلام والقوى الأمنية اللبنانية على جعل مسألة التصدي للإرهاب أولوية…» لافتاً الى ان ذلك «يحظى بالاجماع..».
بدورها أبدت سفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان انجلينا ايخهورست خلال لقائها وزير الداخلية نهاد المشنوق دعم الاتحاد للأجهزة الأمنية اللبنانية في مواجهة التحديات لاسيما في الملفات الشائكة….
صواريخ جنوباً… وتوقيف مشبوهين
وإذ لم تكن مضت أربع وعشرون ساعة على تحذير أمين سر حركة «فتح»، وفصائل منظمة التحرير في لبنان فتحي ابو العردات، من أية محاولات من شأنها ان تكون «ذريعة لإسرائيل كي تمارس أي عدوان آخر على لبنان، (تحت ستار الانتصار لغزة) حتى شهدت جبهة الجنوب فجر أمس حادث إطلاق صواريخ باتجاه فلسطين المحتلة ردت عليها «إسرائيل باطلاق 25 قذيفة مدفعية…».
وبحسب بيان مدير التوجيه في قيادة الجيش، فإنه ما بين الواحدة فجراً والسادسة صباحاً أقدمت جهة مجهولة على اطلاق ثلاثة صواريخ من منطقة مرجعيون – حاصبيا باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى الاثر سيرت قوى الجيش دوريات في المنطقة، وقامت بحملة تفتيش واسعة، وتمكنت خلالها من العثور على منصتي اطلاق صواريخ مع صاروخين مجهزين للاطلاق، فيما حضر الخبير العسكري الى المكان وعمل على تعطيل المنصتين… وقد تعرّض خراج بلدة كفرشوبا لاطلاق 25 قذيفة مدفعية مصدرها العدو الاسرائيلي من دون الابلاغ عن اصابات.
وعلى رغم عدم اعلان أي منظمة مسؤوليتها عن العملية… فإن الأجهزة الأمنية تمكنت من وضع يدها على رأس الخيط الموصل الى الجهة التي تقف وراء هذه العملية، بعدما أوقفت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي شخصاً من بلدة الهبارية وصادرت سيارته من نوع «رابيد»، عثر في داخلها على بقع دماء يعتقد أنها للشخص الذي أطلق الصواريخ وأصيب باحداها الذي انفجر في موقعه… وما لبثت الشعبة ان أوقفت لاحقاً مطلق الصواريخ في مستشفى البيرة، حيث كان يخضع للعلاج، وهو من الهبارية أيضاً، وينتمي الموقوفان، وفق المعلومات التي جرى التداول بها، الى «منظمة أصولية».
ورأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم، الذي تفقد المنطقة، «ان الصواريخ المشبوهة والمجهولة الهوية التي أطلقت من منطقة العرقوب لا يمكن ان تكون مبرراً للاعتداء الاسرائيلي الذي يستمر في عدوانه على شعبنا في فلسطين… واستكمله في الاعتداء اليوم (أمس) على هذه المنطقة…».
وقد أجرى رئيس الحكومة تمام سلام اتصالاً هاتفياً بنائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع سمير مقبل، واطلع منه على تفاصيل الاعتداء الاسرائيلي على لبنان والتطورات الأمنية في الجنوب…» ووصف النائب محمد الصفدي اطلاق الصواريخ بأنه «عمل مشبوه» و«تخدم اسرائيل».
أمن طرابلس وتشدد سلام والمشنوق
أمنياً أيضاً، فقد استحوذ الوضع الأمني في عاصمة الشمال طرابلس على اهتمامات ومتابعات كبار المسؤولين، لاسيما بعد محاولات البعض الصيد في الماء العكر، واللعب على عواطف الناس…
وفي هذا، أكد رئيس الحكومة تمام سلام ان «لا تراجع عن الخطة الأمنية مهما كلف الأمر، ولن نرضخ للابتزاز ولا لحملات التهويل، والموضوع الآن بيد القضاء ونترك له الصلاحية الكاملة للبت في ملف الموقوفين…
بدوره قال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق: «يخطىء من يعتقد أننا سنرضخ للابتزاز، وما يحصل الآن، ما هو الا قصة قديمة مملة وممجوجة، ومن يحرك من ينزل الى الشارع عليه ان يدرك منذ الآن، بأنه من غير المسموح اللعب بالسلم الأهلي…» مؤكداً اننا «لن نتدخل سياسياً في طرابلس للافراج عن أحد، لأن قضية الموقوفين ليست بيدنا ولا بيد الأجهزة الأمنية، إنما بيد القضاء…».
وكان النائب السابق مصباح الأحدب، لفت في افطار، الى أنه «لا يمكن الاستمرار بادارة الأمن بهذه الطريقة، إذ ان الأشخاص الذين كانوا يطلقون النار على أبناء الطائفة العلوية، وعلى عناصر الجيش في طرابلس، لاتهامنا بأننا بيئة تكفيرية تريد إقامة إمارة ولا تقبل الدولة، هؤلاء أنفسهم يطلقون النار على المفطرين في المدينة للقول إن «داعش» أصبحت في طرابلس…».
ملف الجامعة… والعصف الحكومي
واللافت ان هذه التطورات الامنية الضاغطة، من الجنوب الى الشمال الى البقاع لم تحجب كلياً تطورات الايام الماضية، لا سيما ما جرى في جلسة مجلس الوزراء اول من امس، حيث «بلغ التوتر ذروته» في اعقاب الجلسة، التي اتصفت بأجواء محتدمة على خلفية ملف الجامعة اللبنانية، بشقيه: تثبيت الاساتذة المتفرغين، وتعيين العمداء، ما عزز الخشية من ان يكون ما جرى جزء من السيناريو لزعزعة الوضع الحكومي العام واضعاف مناعته، في حين ان المطلوب تحصينه بأوسع تكاتف وتوافق، لكون الحكومة هي المؤسسة الوحيدة العاملة راهناً، بعدما تعذر التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وملء الفراغ في سدة الرئاسة الاولى.. وبعد الشلل الذي ضرب مجلس النواب على خلفية ايهما اولاً بيضة انتخاب الرئيس ام دجاجة التشريع».
وقد اثار تبادل وزراء في الحكومة الاتهامات علناً بعرقلة ملف الجامعة، امتعاض الرئيس تمام سلام واستياءه الشديدين، داعياً الى تقدير خطورة الوضع وضرورة التعالي عن المصالح الخاصة من اجل المصلحة الوطنية العامة..» بدوره اسف حزب «الاحرار» ان تنسحب المحاصصة على ملفات الجامعة.. مكرراً الدعوة لابعاد السياسة عن صرح العلم هذا…».
وفي هذا، اكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان رئيس الحكومة لن يدعو الى جلسة الا عندما يلمس رغبة حقيقية من الاطراف كافة في الحكومة بالتعاون…»
رئاسة الجمهورية.. دعوات خجولة
ومع كل هذا فلم تغب كلياً المواقف الداعية الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية فقد رأى «حزب الوطنيين الاحرار» ان «التمادي في تعطيل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية يشكل جريمة في حق الوطن..».
من جهته دعا النائب والوزير السابق عبد الرحيم مراد الى «انتخاب رئيس للجمهورية باسرع وقت ممكن، وانجاز قانون انتخابي عادل، يعتمد النسبية، واعتبار لبنان دائرة واحدة…».
من جهتهم حمل العمداء والمديرون وممثلون عن الاساتذة المتفرغين والمتعاقدين في الجامعة اللبنانية الحكومة والمسؤولين السياسيين مسؤولية تردي الاوضاع… وقرروا الاعتصام امام مقر مجلس الوزراء من قبل اهل الجامعة في تاريخ انعقاد الجلسة المقبلة.
غزة … مواقف منددة واعتصامات
إلى ذلك، ومع استمرار الحرب الاسرائيلية المفتوحة على قطاع غزة، لليوم الرابع على التوالي، وسقوط مئات الضحايا بين شهداء وجرحى، غالبيتهم الساحقة من النساء والاطفال والمدنيين العزل، فقد تواصلت في لبنان حملات انتقاد الصمت العربي والعالمي، والتنديد بجرائم العدو الاسرائيلي …
وفي هذا، فقد انتقد الرئيس الدكتور سليم الحص «صمت العرب والعالم على ما يجري في فلسطين» وقال: «هو وصمة عار على جبين الامة والمجتمع الدولي بينما يمعن العدو الاسرائيلي بإبادة اهلنا في غزة … ومع ذلك فليس في الامة من ينبس ببنت شفة، لو كان في هذه الامة حياة لكانت انتفضت انتفاضة رجل واحد لكرامتها وانتصرت لاولئك الذين يدفعون الثمن غاليا كل يوم..»
بدورها «ندوة العمل الوطني» اعتبرت ان ما يجري على ارض فلسطين عموما وغزة خصوصا انما يؤكد ان الكيان الصهيوني هو العدو الاكبر… وان ما يمارسه يدعو الى دفع جميع الطاقات وكل امكانيات القتال والصمود والدفاع في مواجهة هذا العدو المجرم…»
كذلك صدرت بيانات منددة بالعدوان الاسرائيلي عن النائب مروان حمادة والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، والشيخ عفيف النابلسي.
وفي صيدا نظم «اللقاء السياسي اللبناني – الفلسطيني» في ساحة الشهداء اعتصاما تضامنا مع الشعب الفلسطيني واستنكارا للحرب العدوانية على غزة، واختتم الاعتصام بحرق علمي اسرائيل والولايات المتحدة…
سلام اطلع من مقبل على تفاصيل الوضع جنوبا وعرض مع زوار السراي شؤونا عامة
إطلع رئيس الحكومة تمام سلام خلال اتصاله بنائبه وزير الدفاع سمير مقبل، على تفاصيل الاعتداء الاسرائيلي على لبنان والتطورات الامنية في الجنوب.
وإستقبل الرئيس سلام في السراي سفير تركيا إينان أوزلديز الذي اشار الى أنه أجرى مع رئيس الحكومة جولة أفق في شأن تطورات الأوضاع العامة وتم البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وكان سلام التقى محافظ جبل لبنان فؤاد فليفل يرافقه العميد حسان فليفل اللذين سلماه كتابا أصدرته العائلة عن سيرة الأخوين فليفل، وكانت مناسبة استذكر فيها سلام انجازاتهما مشيدا بالتركة الفنية والوطنية والتربوية التي خلفاها.
ومن زوار السراي، مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود ورئيس الهيئة العليا للتأديب القاضي مروان عبود، رئيس الجامعة الاميركية في بيروت بيتر دورمان يرافقه وكيل الشؤون الاكاديمية في الجامعة الدكتور احمد دلال، وتم البحث في اوضاع الجامعة الاميركية اضافة الى شؤون اكاديمية، ووفد من «مؤسسات محمد خالد الاجتماعية» ضم مدير عام المؤسسات الشيخ احمد دندن ورئيس مجلس العمدة نبيل بدر وامين سر المجلس نبيل سنو.