اتت عملية التفجير الاخيرة لتؤكد حقيقة بسيطة وواضحة مفادها ان استمرار تورط “حزب الله” في الصراع في سوريا، ربما الآن في العراق سيمنع تحييد الساحة اللبنانية عن تداعيات اعادة رسم خريطة المنطقة بالدم. ورغم حزن اللبنانيين على الضحايا الذين سقطوا اما قتلى او جرحى، فإن “البروباغندا” العمياء حاولت حرف الانظار عن اصل المشكلة الذي يهز الاستقرار اللبناني راهنا. فتورط “حزب الله ” في القتل في سوريا، وتورطه ايضا في اللعبة الامنية – العسكرية في مناطق اخرى من الاقليم، يؤديان الى اثارة الاحقاد الكبيرة التي لا يمكن الهروب من تبعاتها مهما صار. فضحايا التفجيرات منذ ان بدأت قبل عام ونيف هم في رقبة “حزب الله” المتورط في القتل في كل مكان. واذا كان الاستقلاليون اللبنانيون قد اختاروا طريق العدالة والقانون لملاحقة المتورطين بجرائم الاغتيال السياسية الارهابية، فإن اطرافا عدة في المنطقة اختاروا الردّ على “ماكينة القتل” بالقتل والدم. والحق يقال ان الدم يجر الدم، والارهاب يجر الارهاب.
بناء على ذلك كله، حان الأوان لتحميل “حزب الله” مسؤولية كل الضحايا اكانوا من البيئات الاخرى، ام من بيئته الحاضنة، فكلها بيئات معتدى عليها بطريقة او بأخرى. ونحن هنا نتحدث عن كل النواحي التي يمارس فيها الارهاب أكان ارهابا معنويا كتخوين المختلفين معه من داخل بيئته او خارجها، والتضييق على من لا يبتلع “البروباغندا” التحريضية، او كان اقتصادياً عبر نهب مقدرات الدولة بشكل منظم بالتهريب والفساد والافساد والتبييض، واخيرا وليس آخرا عبر جعل البلاد بلاداً معلقة بكل ما في الكلمة من معنى.
ان “حزب الله” هو اساس الازمة اللبنانية راهنا، بسياساته، ووظيفته، وسلاحه، وسلوكياته. وكل ما يحكى خلاف ذلك ليس سوى نفاق سياسي، اما خوفا وهلعا او استسلاما، او ضلالا. وعليه ينبغي ان تسجل كل قطرة دم تراق في تفجيرات كالاخيرة في سجل الحزب المذكور قبل تسجيلها في سجلات التنظيمات المنفذة وهمية كانت ام حقيقية.
صحيح ان البلاد لا تزال في مرحلة التهدئة التي اتت بعد اغتيال الوزير السابق محمد شطح، لكن الحقيقة ايضا ان ما اتخذ حتى الان من “اجراءات” للتهدئة لم تقارب اساس الازمة. ولذلك بقيت اسس الازمة اللبنانية وتبقى قائمة باستمرار “حزب الله” على نهجه، أكان في السياسة او الامن.
ان التهدئة جيدة ومطلوبة، لكن حدودها ألاَ يصبح ممثلو القوى الاستقلالية في الحكم او في كواليس “الحوار” شهود زور امام ما يحصل. وبكلام اوضح: الا تصبح القوى والاجهزة الامنية والمؤسسات العسكرية في خدمة قتلة اللبنانيين والسوريين الذين يستخدمون لبنان ساحة انطلاق، او ساحة لملاحقة كل من يرفض الخضوع للمشروع الايراني أكان في لبنان أم في سوريا. فحذار