عبثاً يحاول النظام السوري، أو ما تبقّى منه، تصوير نفسه أمام العالم الغربي أنه شريك في الحرب الدولية على الارهاب الذي كان سبباً رئيساً في تعزيزه وتغذيته وإحاطته وتوجيهه خدمة لمصالحه العائلية، وهو الموقف الذي حاول وزير خارجية النظام في دمشق وليد المعلّم، وللمرة الألف بعد المئة، تظهيره في مؤتمر الصحافي الباهت مطلع الأسبوع الجاري.
وإذا كانت محاولات النظام الطاغية في دمشق قد انطلت في السابق على بعض المجتمع الدولي، إلا أنه من الواضح أن المحاولة «الغزلية» الأخيرة للمعلم لن تفلح هذه المرة، إذ قوبلت باستهجان ورفض واضحين من قبل الأسرة الدولية، فكان جواب البيت الأبيض على كلام المعلّم أن الولايات المتحدة لن تتعاون بأي شكل من الأشكال مع نظام الأسد ضد الارهاب وهي لن تطلب أذناً من النظام السوري إذا أرادت تسيير طائرات من دون طيار لرصد مواقع «الدولة الاسلامية في العراق والشام» في سوريا وقصفها، في الوقت الذي كان فيه الموقف الألماني أكثر تعبيراً من خلال رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شيفر الدخول في أي حوار مع نظام الأسد بشأن مواجهة تنظيم «داعش» داخل الأراضي السورية، نافياً في الوقت نفسه وجود أي اتصالات ديبلوماسية مع حكومة الأسد وأن بلاده «لا تعتزم إحياء العلاقات معه بسبب التهديد الذي يمثّله داعش».
قد يكون الرد المختصر على مؤتمر وزير النظام الأسدي هو أن المجتمع الدولي لن يقع فريسة أكاذيب دأب «المعلم» في ترويجها، وأن هذا المجتمع اقتنع بأن الحرب العالمية على الارهاب التي يشنّها منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، ستطال جميع «الارهابيين» مهما اختلفت تسميتهم وأشكالهم من «تنظيم» إلى «نظام»، وجميعهم آيل إلى الزوال.
ويعتبر عضو كتلة «اللقاء الديموقراطي» وزير الزراعة أكرم شهيب أن مؤتمر وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم الأخير «محاولة زحفطونية جديدة فاشلة، ولن تنجح في محو الصورة الحقيقة للنظام التي حفرها في أذهان العالم من خلال استخدام السلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة ضد شعبه، وقتل الأطفال وذبح الشيوخ والنساء، وتعزيز الفتنة المذهبية التي بكل أسف أدّت إلى تشويه الصورة الحقيقية للثورة السورية«.
ويضيف شهيّب لـ «المستقبل» إن نظام الأسد «لن يبقى إلى الأبد، ومتى عرف السبب بطل العجب. إذا كان المعلم يعتقد أن المجتمع الدولي أعمى، فهو قصير النظر، لأن فتح أبواب السجون السورية أمام الارهابيين منذ ما يسمّى فتح الاسلام وصولاً إلى داعش، وتسليحهم وتدريبهم لإثارة الفتنة الطائفية في لبنان وإرساله الانتحاريين إلى العراق ما دفع حليفه آنذاك رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى التهديد بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضده، فالأمر لم يعد مجردّ تحليلات سياسية أو صحافية، بل وقائع أصبح القاصي والداني يعرفها وبالتالي لن يسامح المجتمع الدولي النظام السوري على فعلته، حتى لو أنه تأخر عن ذلك حتى الآن».
ويشدّد وزير الزراعة على أن الهم الأول للنظام السوري هو البقاء حتى ولو كان ذلك على حساب تدمير سوريا وشعبها، ويتذكر في هذا المجال قول الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أثناء الحديث عن حرب أكتوير 1973 وزعمه حينها أنه «صحيح أننا فقدنا بعض الأرض لكننا ابقيناعلى النظام« فكان التعليق الشهير للمعلم الشهيد كمال جنبلاط «يا ليت بقيت الأرض وذهب النظام«.
ويختم شهيب «هذا هو الهم الأول والأخير لبشار ودائرته الضيقّة التي استنزفت الشعب السوري واقتصاده وموارده وثرواته، ولا يريد التخلّي عما هو باق ويريد تدميرها. لا شيء يردع بشار وزمرته الدموية في سبيل تحقيق ذلك، حتى لو كان صنع الارهاب الداعشي ثم الانقلاب عليه وزعم الاستعداد للمشاركة في محاربته، لكن حان الآوان للمجتمع الدولي أن يتحرّك وان يكف عن خذل الشعب السوري وأن يقدم على نصرته، وتقديم الدعم اللازم له للتخلّص من نظام الأسد، لأنه بذلك يخطو الخطوة الأولى الحقيقة على طريق التخلّص من الارهاب الداعشي لتستقرّ المنطقة ويرتاح لبنان«.
ويؤكّد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا من جهته أن مؤتمر الوزير المعلم «محاولة فاشلة لتعويم النظام السوري كشريك للعالم الحر في محاربة الارهاب» مشدّداً لـ «المستقبل» أن «العالم الحر لن يكون مغشوشاً بكلام المعلم إذ أنه أصبح واضحاً أن نظام الأسد هو أحد أهم أسباب نشوء الارهاب في المنطقة والدلائل على ذلك كثيرة».
واعتبر زهرا أن «المعلم لن يفلح في خداع العالم الحر أو أي من المهتمين بمكافحة الارهاب الحقيقيين في العالم، وبالتالي لن يفلح في جرّهم إلى إعادة إحياء علاقات ديبلوماسية مع نظام الأسد حتى لو كان ذلك بهدف التخلّص من الارهاب الداعشي الذي كان هذا النظام الأساس في وجوده وانتشاره».
ويتقاطع موقف عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري مع موقف زهرا من حيث أن النظام السوري «لن يفلح في جرّ المجتمع الدولي إلى التعاون والتنسيق معه في الحرب على داعش».
وقال حوري لـ «المستقبل» إن مؤتمر وزير خارجية النظام السوري عبارة عن «أحلام مزمنة لدى محور ما يسمّى بالممانعة للتعاون والتنسيق مع الشيطان الأكبر وفق تسميتهم، لكي ينتزع شرعية افتقدها منذ حتى ما قبل ثورة الشعب السوري عليه».
ويضيف «برأيي أن هذه الأحلام تختلف كثيراً عن الواقع، إذ أن نظام الممانعة يراهن على تقاطع المصالح مع الغرب في وجه الارهاب، لكن المجتمع الدولي على قناعة تامة بأن دفع الارهاب لا يكون من خلال التحالف مع إرهاب آخر» مشدّداً على ان تجربة العالم ونحن في لبنان بشكل خاص مع النظام السوري تؤكّد أن «هذا النظام قدّم دروساً في فنون الارهاب وكان نموذجاً عن كيفية استخدامه مع الجميع وضد الجميع».