بدأت «طبخة» التمديد للمجلس النيابي بالنضوج، مع استحالة إجراء الانتخابات النيابية في ظلّ التهديدات الأمنية. وبينما يستكمل النائب وليد جنبلاط تحذيره من التطرف، استقبل الرئيس نبيه بري مساء أمس الرئيس سعد الحريري، واستبقاه على العشاء
ختم استقبال الرئيس نبيه برّي الرئيس سعد الحريري في منزله في عين التينة، مساء أمس، صخب نهاية الأسبوع، وانتهت الجلسة بعشاء جمع الرئيسين. وفيما كان النائب وليد جنبلاط يتابع جولاته على قرى الجبل وزار أمس عبيه ودفون وعيناب، انتُخب الشيخ عبد اللطيف دريان مفتياً جديداً للجمهورية، بـ«التراضي». وبين تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق من عين التينة ظهر السبت، وكلام جنبلاط أمس، بدا التمديد للمجلس النيابي على خطى انتخاب دريان، على عكس انتخاب رئيس للجمهورية. وما كان همساً خلال الأشهر الماضية عن التمديد للمجلس، بات حدثاً تحاول القوى السياسية على مختلف انتماءاتها إيجاد «تخريجة» مناسبة قبل الإعلان عنه. كلام وزير الداخلية لا لبس فيه: «الوضع الأمني لا يسمح بإجراء الانتخابات في موعدها في تشرين الثاني المقبل»، وكلام جنبلاط أوضح: «عيب علينا كسياسيين أن نكون عاجزين عن انتخاب رئيس، لأن أي حل آخر هو التمديد للمجلس النيابي سنة أو سنتين، ويكون قد تأجل استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية».
وهذا ليس موقف جنبلاط وتيار المستقبل فحسب. فإن كان حزب الله لم يستكمل نقاشه الداخلي بعد ولا التشاور مع الحلفاء لجهة السير بالتمديد، كما أشارت مصادر مقرّبة من الحزب لـ«الأخبار»، فإنه يقدّر جيداً معطيات وزير الداخلية وتقارير الأجهزة الأمنية وتقديراته هو، لجهة الخطر الأمني المحدق بأي عملية انتخابية على مساحة لبنان. ومثله التيار الوطني الحرّ الذي تؤكّد مصادره أن موقفه لم يتغيّر بشأن ضرورة إجراء الانتخابات النيابية وليس التمديد، لكنّه يدرك خطورة الوضع الأمني، علماً بأن جهات وازنة داخل التيار تؤكّد أن إجراء الانتخابات النيابية الآن، في ظلّ مزاج مسيحي عام متفاعل مع توجّهات النائب ميشال عون، خصوصاً لناحية الأزمات التي تعصف بالمنطقة، قد تحصد للتيار فوزاً كاسحاً على خصومه المسيحيين، وبالتالي تحسم مسألة رئاسة الجمهورية.
حزب الله لم
يستكمل نقاشه الداخلي بعد لجهة السير بالتمديد
من جهته، يقول المشنوق لـ«الأخبار» إن موقفه من موضوع الانتخابات ليس موقفاً سياسياً، «موقفي تقني بحت على ضوء تقارير الأجهزة الأمنية وخطورة الوضع». وردّاً على سؤالٍ حول ما إذا كان المشنوق قد طرح الأمر مع برّي، بعد ترداد برّي في مجالسه أن القوى السياسية حمّلته التمديد للمجلس النيابي في المرة الماضية وأنه لا يريد تحمّله الآن، قال المشنوق: «لم أتحدث مع الرئيس بري في موضوع التمديد. أنا أزور دولته دائماً للتشاور كما أزور دولة الرئيس تمام سلام»، علماً بأن وزير الداخلية وقّع قرار دعوة الهيئات الناخبة للانتخابات، وسينشر في الجريدة الرسمية الخميس المقبل. التمديد للمجلس أمر واقع إذاً، ليبقى الاتفاق على الصيغة والمدّة رهن الأيام المقبلة.
جنبلاط وخطر التطرف
بدوره، أكد جنبلاط أن هدف زيارته «هو التنبه إلى الخطر الذي يمكن أن نشهده من قبل التطرف، ورأينا ما حصل في عرسال». وأشار إلى أن «هناك خلافات سياسية لا تعالج إلا بالحوار، لذلك ذهبت إلى السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون، وسأذهب إلى الدكتور سمير جعجع والنائب سليمان فرنجية والشيخ أمين الجميل. وسنذهب الأسبوع المقبل كلقاء ديموقراطي لزيارة الشيخ سعد الحريري»، مضيفاً « هناك خلاف في بعض الأمور (مع الحريري) حول التدخل في سوريا، ومن تدخل أولاً وثانياً. الكل تدخل، ولو طُبّق شعار النأي بالنفس الذي طرحته الحكومة السابقة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه». وشدد جنبلاط على «أننا لا نريد أن يتحول مشروع محاربة الإرهاب، وهذا عمل الدولة، إلى حساسية أو عنصرية تجاه اللاجئ السوري الذي ليس لديه مكان يعود إليه، متمنياً أن تنتهي غداً الحرب في سوريا، وعندها لن يبقى سوري في لبنان. المهم أن تنتهي الحرب، لكن متى تنتهي؟ لا أعرف».
باسيل: لتحرير عرسال والعسكريين
وفي السياق، أشار وزير الخارجية جبران باسيل إلى أن «عرسال بلدة لبنانية محتلة من جماعات أجنبية مسلحة ويجب تحريرها، وأن المخطوفين من جيش وأمن داخلي هم أبناؤنا من كل الأديان والمناطق». وأضاف أن «لبنان ليس بيئة للإرهاب، ولكن حذرنا من أن بعض تجمعات النازحين يمكن أن تكون بيئة حاضنة لبعض الإرهابيين». وعرّج باسيل على النقاشات داخل جلسة مجلس الوزراء قبل يومين، مشيراً إلى أنه «لا مفاضلة بين أهل عرسال والعسكريين، فكلاهما أهلنا ويجب تحريرهم جميعاً، إلا أننا لم نقل أبداً بتحرير عرسال من دون العسكريين، ولم نتصور حصول أمر كهذا بتأكيدات المسؤولين المباشرين عنه، ولم نعرف حتى بإمكان حصوله».
الموسوي: لبنان كله مستهدف
من جهته، دعا النائب نواف الموسوي جميع القوى اللبنانية إلى «تحييد خلافاتها السياسية والعمل معاً من أجل استئصال المسارب التي يمكن للعدوان التكفيري أن يهدد لبنان من خلالها». وأكد أن «الخطر التكفيري لن يطالنا وحدنا فحسب، طوائف لبنان جميعها، لا سيما القيادة السياسية للأكثرية السنية، هي الهدف الأول للمجموعات التكفيرية، ولو تمكنت المجموعات التكفيرية من اختراق لبنان لكان ضحيتها الأولى هو هذا التيار وهذه القيادة».