منذ تشكيلها عام 2005، كان سحب سلاح حزب الله البند الوحيد على أجندة قوى 14 آذار. لم تفوّت معركة ولا حرباً ولا أي مناسبة إلا استغلتها في سبيل ذلك. آخرها الحرب الارهابية على الجيش في عرسال. تريد هذه القوى دبّ الرعب في قلوب الداعشيين بنشر قوات دولية على الحدود وفق القرار 1701!
دأب رئيس حزب الكتائب الراحل بيار الجميّل، على ترداد أن قوة لبنان في ضعفه. كتائبيو اليوم لا يزالون يؤمنون بهذه النظرية. عوضاً عن العمل داخل الحكومة من أجل زيادة عديد العسكر وتأمين ميزانية للأسلحة العسكرية، يجاهرون بعجز الجيش وضعفه. لذلك، تخلّى النائب سامي الجميّل، سريعاً، عن استراتيجية «جندي وناضور» على كل كيلومتر من الحدود. مع خوض الجيش معركة ضد الإرهابيين المتسللين إلى عرسال، يرتئي النائب الشاب «توسيع تطبيق القرار 1701 لضبط الحدود الشرقية وتطبيق تحييد لبنان عن صراعات المنطقة». النائب الكتائبي ايلي ماروني نقض، هو الآخر، «رؤية» الجميّل الابن، مشيراً إلى «استحالة لوجستية لانتشار الجيش على الحدود الشمالية». وتقرّ مصادر كتائبية بأن طرح «الشيخ سامي» مجرد «كاريكاتير» أمام الواقع الذي «أظهر عدم قدرة فوج الحدود البري على لعب أي دور جدّي إذا ما تعرّض لأي هجوم. لا بل سيكون مصيره مماثلاً لمصير الجنود في ثكنة عرسال». هكذا فتح حزب الكتائب بازار القرارات الدولية منذ اليوم الأول للمعركة، محيّداً الأنظار عن سوء إدارة تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية للملف السوري.
يعزو أحد المسؤولين الكتائبيين «استفاقة» حزبه على القرار 1701 إلى التطورات الأخيرة التي أشارت إلى افتقاد الجيش للعديد والعتاد. فـ«معركة عرسال أفرغت كسروان وعكار من عناصر الجيش الذين استدعوا للقتال في عرسال»، ما يعني أن «لا أعداد كافية لضبط حدود جردية تمتد مساحات شاسعة. من هنا دعونا إلى توسيع قرار مجلس الأمن الذي يتيح لقائد الجيش طلب مساندة اليونيفيل له، أسوة بما هو قائم في جنوب الليطاني». يستغرب أن يتهم المطالبون بشمول هذا القرار الحدود الشمالية باستهداف حزب الله: «همّ الحزب حماية خط إمداداته، فيما همنا مكافحة الإرهاب وحماية لبنان»، مؤكداً أن «أهدافنا تختلف عن أهداف القوات أو تيار المستقبل الداعم للقرار كبديل لمطلب انسحاب حزب الله من سوريا».
لكن هل يمكن اليونيفيل، وهل تملك القدرة أساساً، على صدّ غزو «داعشي» كذاك الذي تعرضت له عرسال أخيراً؟ يجيب المسؤول الكتائبي بأنه «لا يصحّ استباق النتائج قبل اختبارها على أرض الواقع». علماً بأن «الاختبار الواقعي» يشير إلى أن القوات الدولية في لبنان، منذ 1978، لم تحرّك ساكناً لمنع الانتهاكات الإسرائيلية اليومية للسيادة اللبنانية أو لمنع اجتياحه وعدوانه على لبنان في 1982 و1993 و1996 و2006.
يشير كتائبي عتيق إلى خطورة توسيع القرار 1701، فضلاً عن استحالة تطبيقه في أي حال من الأحوال لأسباب عدة: «أولاً يشجع هذا المنطق القوى الارهابية على التمادي في اجرامها، ويبرر وجودها ودورها، فضلاً عن السماح لها باستعمال اليونيفيل كوسيلة ضغط للحصول على مطالب ومكاسب. وأبرز مثال على ذلك خطف المسلحين لعناصر من القوى الدولية في الجولان. ثانياً، ليس طرح وزراء الكتائب للقرار في الحكومة ثم سحبه تفصيلاً، بل نتيجة قناعة رئيس الحزب بعدم واقعيته. لكنهم عمدوا الى اعادته الى الواجهة خوفاً من حشر باقي قوى 14 آذار لهم في الزاوية عبر استنهاض حالة شعبية للتغطية على تخاذلهم في شجب الارهاب. ثالثاً، رغم تمكن قوات اليونيفيل من ضبط الصواعق على الحدود الاسرائيلية، الا أنها فشلت في نزعها وهي، إن كانت مرتاحة، فبسبب التزام حزب الله بالقرار. وهو ما لا يمكن أن تضمنه على الحدود الشمالية المتوترة، ما يعرض جنودها للخطر الدائم نتيجة عدم قدرتها على محاورة كل التنظيمات المسلحة». بناءً عليه، يضيف الرجل، لا يمكن هذه المطالبة الا أن تكون في اطار «تخدير الرأي العام القلق على مصيره».
تثير نظرية ضبط اليونيفيل للحدود الشمالية ضحك أحد مسؤولي 8 آذار. في رأيه، «إن كانت الكتائب لا تعلم أن أمراً دولياً يحرك الدواعش في لبنان فتلك مصيبة، وإن كانت تعلم فتلك مصيبة أخرى». أما اذا كان الآذاريون لا يرون بوضوح «منع حزب الله لإسرائيل من التعدّي على لبنان نتيجة توازن الرعب الذي فرضه خلال حرب تموز، ويصدّقون بدعة ضبط اليونيفيل لحدود جنوب الليطاني ونجاحها في وقف الاعتداءات، فتلك الكارثة الأكبر». ولكن «تنتفي هذه الفرضيات عند التمعن أكثر باستراتيجية قوى 14 آذار منذ انتهاء حرب تموز وما تبعها من محاولات للجم المقاومة وعزلها وسحب سلاحها». وبالتالي، «هدف هذه القوى ليس حماية لبنان، بل حماية المسلحين».