طروحات عون تُقفل الباب أمام إمكان إنتخاب رئيس جديد للجمهورية
وتفتحه أمام تشكيل هيئة تأسيسية لإعادة النظر بالطائف
أوليس الأفضل لعون أن يُفرج عن الرئاسة الأولى للحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق؟
بقّ رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون البحصة، وصارح اللبنانيين بحقيقة ما يُخطط له، من خلال إصراره على تعطيل الانتخابات الرئاسية لإبقاء الفراغ في سدّة الرئاسة من دون تحديد موعد وهو الوصول الى تعديل الطائف وفق ما تحدّث عنه ثم نفاه وعزاه الى الفرنسيين أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله والقاضي بتشكيل هيئة تأسيسية تُناط بها مهمة وضع نظام جديد يحلّ محل اتفاق الطائف الذي وبشهادة معظم اللبنانيين إن لم يكن جميعهم لم يُطبّق بعد بحرفية نصوصه لتظهر عيوبه إذا كان هناك من عيوب وفي نفس الوقت تظهر حسناته التي أنهت الحرب الأهلية، وأنقذت البلد من التقسيم.
وإلا ما معنى أن يعطّل العماد عون بالتفاهم مع حزب الله صاحب اقتراح تشكيل الهيئة التأسيسية لإعادة النظر في النظام القائم، ويصرّ على تعطيله إلا إذا استجاب له الأطراف الأخرى ونصّبوه رئيساً للجمهورية. ألم يقل رئيس التيار البرتقالي بعظمة لسانه أن لا إنتخابات رئاسية في المدى المنظور وغير المنظور إلا في حالة واحدة، وهي الإقرار بأنه صاحب الحق الطبيعي في أن يحتل هذا المركز لأنه على حدّ زعمه طبعاً الأكثر تمثيلاً بين المسيحيين. ثم ألم يقل في معرض ردّه على أحد الأسئلة من أنه لا مانع لديه في الوصول الى مأزق في النظام يستوجب إعادة النظر فيه، ودخول البلاد في محنة فعلية على كل المستويات، بما في ذلك العودة مجدداً الى مشاريع الفيدرالية والكونفدرالية التي روّج لها بقوّة خلال الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان بين العام 1975 والعام 1990، ولم تتوقف الدعوة الى اعتماد أحد هذه المشاريع إلا بعد التوصّل الى اتفاق الطائف.
ولم يكتفِ العماد عون بفتح الطريق للبعض في الاستمرار في عرقلة إنتخاب رئيس جديد ليُظهر أن إتفاق الطائف لم يعد قابلاً للحياة بعدما تجاوزه الزمن، ويفرض من خلاله تشكيل هيئة تأسيسية لإعادة تكوين السلطة، بل ذهب في كلامه الصريح أبعد من ذلك الى تهديده الطوائف الإسلامية بعد اتهامها بأنها تُعرقل إنتخاب رئيس جديد لتُبقي الموقع المسيحي الأول في الشرق شاغراً ليس بعد ذلك انتظام الحياة في البلاد في ظل حكومة تتولى بحكم دستور الطائف مهام رئيس الجمهورية وكالة.
فرئيس التيار البرتقالي بقّ البحصة وأطلق العنان لدخول البلاد في أزمة نظام لا تنتهي إلا بإنشاء هيئة تأسيسية تضع نظاماً جديداً يكون مبنياً على القاعدة الثلاثية أو الحكم الثلاثي بين المسلمين الشيعة والسنّة والمسيحيين بدلاً من نظام المناصفة الذي حفظ رأس الدولة للطوائف المسيحية وأرسى قاعدة المناصفة رغم أن عدد المسيحيين لم يعد يتجاوز الـ 37٪ من عدد السكان.
هل هذا ما يريد العماد عون الوصول إليه من خلال تمسكه بعقيدة «أنا أو لا أحد» أوليس من الأفضل والأنسب له أن يتواضع ويُفرج عن الرئاسة الأولى حفاظاً على الوجود المسيحي في لبنان وفي هذا الشرق. ثم من الذي يضمن لرئيس التيار البرتقالي في حال استمر الشغور في رئاسة الجمهورية الى ما بعد الانتخابات النيابية التي يروّج لها ويُعطيها الأولوية على حساب رئاسة الجمهورية أن يفوز بالأكثرية العددية من النواب المسيحيين، علماً أن الاستطلاعات العديدة التي أجرتها مؤسسات متخصصة، أظهرت تفوّق رئيس حزب القوات اللبنانية عليه في الشارع المسيحي بأكثرية لا تقل على العشرين بالمئة، إلا إذا كان رئيس التيار البرتقالي يعتمد في ما ذهب إليه على أصوات الطائفة الشيعية المجمعة على تأييده بناء لطلب حليفه حزب الله الذي لا يتخلى عنه طالما أنه ينفّذ مشروعه المبني على تعديل اتفاق الطائف، وهو ما جعل رئيس مجلس النواب نبيه بري يقف في آخر اجتماع عقدته هيئة الحوار الوطني في أواخر عهد الرئيس ميشال سليمان ويُعلن للملأ أنه بإسمه وبإسم الطائفتين الشيعية واالسنّية يُعلن على الملأ تمسكه باتفاق الطائف الذي ينص على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ورغم ذلك يصرّ رئيس التيار البرتقالي على فتح الباب أمام تعديل الطائف.