IMLebanon

طريق الإرهاب لن تمرّ في الطريق الجديدة

على رغم المواجهة التي حصلت بين «حزب الله» وأهالي الطريق الجديدة خلال أحداث 7 أيار، إلاّ أنّ خطوط التماس لم ترتَسم مع الضاحية الجنوبية، بل إنَّ هذه الخطوط رُسّخت في نفوس سكّان المنطقتين وليس على الأرض.

سمعت الطريق الجديدة صوتَ إنفجار «الطيونة» وتفاعلت معه، مثلما سمع أبناء الضاحية الجنوبية هذا الصوت وشعروا به. ربما لم يُحدّد مخطّطو هذه الانفجارات موقعاً جغرافياً، فأرادوا زرعَ مزيدٍ من الفرقة والكره بين السنّة والشيعة، لكن شاءت الصدفة أن يقع الإنفجار على مسافة وسطية بين الطريق الجديدة والضاحية، ما يعني أنّ الإرهاب يمكن أن يضرب المنطقتين بلا تمييز بين مذهب وآخر.

يُبدي أهالي الطريق الجديدة إنزعاجهم من محاولة زجّ منطقتهم في أتون النزاعات المذهبية والتفجيرية التي تتنقّل على الأراضي اللبنانية، وإدخالهم في نزاعات إقليميّة لا طاقة لهم على تحمّلها، فهم يرفضون الأعمال الإرهابية، على رغم معاداتهم سياسة «حزب الله» في سوريا والمناطق ذات الغالبية السنّية.

يستنفر شبّان طريق الجديدة عند توقّف سيارة غريبة في منطقتهم، ويَسألون بطريقة غير منظّمة عن أسباب الزيارة ومَن تريد أن تقابل في الشارع. هذا الإستنفار يُعتبر مبرَّراً على حدّ قول شادي الذي يعمل بائع قهوة يتنقل في شوارع منطقته، فيقول إنه «بتجوّله في الشوارع، يراقب الوضع ويسارع الى إبلاغ القوى الأمنية عن أيّ سيارة مشبوهة، لأنه يرفض أن تتخذ أيّ سيارة مفخخة من منطقتنا نقطة إنطلاق لإستهداف أيّ منطقة اخرى، وهذا الأمر لم ولن يحصل، لأنّ هذه المنطقة هي تحت سيطرة الدولة اللبنانية، ونحن بعيدون كلّ البعد عن الإرهاب».

تبدو الحركة طبيعيّة في شوارع الطريق الجديدة، فالجيش عزّز إجراءاته على مداخلها، خصوصاً عند قصقص، ومسجد جمال عبد الناصر، والمدينة الرياضية، فيما شهدت الشوارع الداخلية حركةََ سيرٍ طبيعية. لا شيء يدعو إلى القلق. المواطنون سلّموا أمرهم «لربّهم»، ويتمنّون أن لا تعود الإنفجارات وتستهدف المدنيين الآمنين، «فجميعنا أبناء بلد واحد، وما يصيب الضاحية يصيب الطريق الجديدة». لكنّ حديثهم لا يخلو من توجيه إنتقادات الى «حزب الله» الذي «يقتل السنّة في سوريا»، حيث يتوجّه إلينا أحد الشبان بالقول: «أنت مسيحي، واذا استُهدفت كنيسة في سوريا يرفع المسيحيون في لبنان أصواتهم، وهذا حقّهم، فكيف الحال بالنسبة إلينا، حيث يقصف الحزب والنظام السوري المدن السنّية ويدمّر أحياءً بكاملها، فشعورنا مثل شعور المسيحيين الذين يتضامنون مع أبناء طائفتهم».

على رغم العداء السياسي مع «حزب الله»، إلّا أنّ المواجهة تأخذ الطابع السياسي أكثر من الديني، فالمساجد لا تدعو الى الجهاد أو تحرّض طائفياً، والقيادات السياسية والدينية في المنطقة تعي خطورة الوضع خصوصاً مع إنتفاضة السنّة في العراق، إلّا أنّ تمدّد الحركات المتطرفة الى لبنان صعب، فطريق الجديدة لن تشكّل بيئة حاضنة لهم، وهذا ما يؤكده إمام مسجد علي بن أبي طالب وابن المنطقة الشيخ زكريا غندور، الذي يقول لـ»الجمهورية»: «لماذا يحاولون إلصاقَ التهمة بنا؟ المشهد معاكس تماماً، الطريق الجديدة تتخوّف من انتقال التفجيرات اليها، لأنّ من ينفّذ هكذا أعمال لا علاقة له لا بالسنّة ولا بالشيعة أو بالمسيحيين، فهؤلاء عملاء وأعداء الوطن، والدين براء منهم، ونحن لا نرضى القول إنّ المناطق الشيعية مستهدَفة، بل لبنان كلّه مستهدف».

ويؤكد أنّ «الإرهاب لا يفرّق، فالانفجار السابق وقع في ضهر البيدر ولم يكن يستهدف الضاحية، فما علاقة الطريق الجديدة بهذه الإنفجارات؟»، رافضاً رفضاً قاطعاً أن «يقال إنّ الطريق الجديدة ستشكل بيئة حاضنة للتنظيمات المتطرّفة. هذا كلامُ كذبٍ وافتراء، وأهلنا هم أهل إعتدال وتعايش، وشباننا لا يدخلون في أيّ تنظيمات بل مشروعهم هو الدولة». لكنّ غندور لا ينفي في المقابل «وجود «بعض «قليلي العقل» من الطائفتين ينجرّون وراء غرائزهم ويستعملون وقوداً للفتنة».

تُعتبر الطريق الجديدة أهمّ معاقل «المستقبل»، لكنّ «التيار» لا يتخوّف من تمدّد التيارات السلفية والجهادية الى معقله، فهي فشلت سابقاً حتّى في عزّ انتشارها، والآن سيواجهون المصير نفسه. ويرى المنسق العام لتيار «المستقبل» في بيروت بشير عيتاني أنّ «التفجير هدفه زعزعة الامن والاستقرار ولن نسمح للفتنة بالتمدّد». ويقول لـ»الجمهورية» إنّ «المنطقة التي وقع فيها الانفجار هي ذات غالبية سنّية والأبنية المتضررة تعود الى أبناء طائفتنا، بينما التمركز الشيعي هو في الداخل»، مؤكداً أنّ «أهل الطريق الجديدة هم مع لبنان أولاً وأخيراً ولن يخرجوا عن هذا المبدأ ليناصروا «داعش» أو أيّ تنظيمات جهادية». ويستبعد عيتاني «وقوع اشتباكات بين الفلسطينيّين الموجودين على أطراف المنطقة والضاحية، لأنّ الفلسطينيّين لا يُريدون هكذا أحداث، ونحن على تواصل مستمرّ مع «منظمة التحرير الفلسطينية» الحريصة على ضبط أمن المخيمات».

تُشكّل الطريق الجديدة عيّنة عن الجوّ السنّي العام في لبنان الذي لم يتحرّك وفق مشاعره مع ما يعيشه المحيط، إذ إنّهم لا يريدون الدخول في نزاعات بعدما شاهدوا ماذا حلّ بأبناء بلدهم عندما دخل «حزب الله» في الحرب السورية..