أكدت اوساط سياسية، متابعة لقضية المسلحين التكفيريين في عرسال، الذين تركوا شوارعها، بعد المواجهة الاخيرة مع الجيش اللبناني، ان عودتهم اليها في اليومين الماضيين، تأتي في سياق ممارسة الضغوط، التي ينتهجها هؤلاء، على البلدة والجيش، وبعض المرجعيات السياسية اللبنانية لتؤمن للمسلحين عبوراً آمناً، باتجاه اي مكان سكني يأوي عائلاتهم التي تقيم معهم في جرود عرسال المكشوفة امام الجيش العربي السوري، ومقاتلي حزب الله، ويضاف الى هذا الاطباق الميداني على المسلحين، عوامل المناخ الصعبة، لا سيما تدني درجات الحرارة ليلاً، وتشير الاوساط الى ان المسلحين يمارسون هذه الضغوط مع اشاعة معلومات تتردد في منطقة البقاع، بأنهم اعدموا سبعة عسكريين لبنانيين كانوا في عداد المخطوفين، ليدفعوا ذوي المخطوفين الآخرين الى القيام بتحركات شعبية على الطرقات الدولية، لدفع الحكومة اللبنانية، للقبول والعمل على تأمين خروج آمن للمسلحين باتجاه الزبداني او الى المنطقة الشرقية في سوريا، اي الى الرقة ودير الزور، او الى اي منطقة سكنية تحفظ عائلاتهم.
هذه الضغوط تضيف الاوساط تجد طريقها في انقسام واضح بين ابناء بلدة عرسال، فمنهم من يبدي استياءه من المسلحين وممارساتهم الوحشية، ومنهم من انغمس في هذه الممارسات، طمعاً «بالجنة الموعودة» او سعياً وراء المال والانتقام من أخ أو جار او قريب تصادم معه على خلفية مالية او نافسه على كسارة او مقلع او حبيبة، او تهريبة.
ولفتت الاوساط الى استحالة الموافقة على شروط المسلحين بايجاد عبور آمن لهم، لان هذا الامر يحتاج الى مسار طويل من التنسيق مع الحكومة السورية، الذي انقطع منذ بداية الحرب على سوريا، مستبعدة قبول الحكومة السورية حتى مجرد السؤال عن هذا الموضوع، خصوصاً في ظل التحولات الدولية والاقليمية، باتجاه بناء استراتيجية لسحق «داعش» والغائها من الوجود البشري، والتي بدأت مع قطع رأس الصحافي الاميركي جيمس فولي، وتدحرجت الى اروقة مجلس الامن الدولي، الذي اتخذ قراراً بالاجماع بمطالبة الدول الراغبة والداعمة للارهاب التكفيري الذي يتمدد في المنطقة، وذلك مع اجازة استعمال القوة مع الدول التي لا تلتزم بمضمون القرار، وقد ظهر هذا جلياً في بيان وزارة الخارجية القطرية الذي اعلنت فيه عدم دعمها لـ«داعش» واقتراب الحكومة التركية من اتخاذ قرار بعدم شراء النفط من المسلحين التكفيريين والرسالة التي ارسلها بعض وزراء خارجية الدول العربية لوزير الخارجية السورية وليد المعلم، والتي تتحدث عن مساعي لايجاد حلّ سياسي، لما أسموه الازمة السورية.
وبالعودة الى عرسال تشير المعلومات الى ان شريحة واسعة من ابناء عرسال المثقفين والاطباء والمهندسين وكل الفعاليات ذات التأثير الواسع، والتي تمتلك مخزوناً وطنياً وعروبياً تتحضر للقيام بتحرك واسع في البلدة لانتزاعها من يد العابثين بتاريخها ومستقبلها، والمتاجرين بدماء ابنائها، ويأملون من كل القوى السياسية الموجودة في البقاع الشمالي، توفير فرص النجاح لهم، لانهم سينطلقون بهذا التحرك بحيادية مطلقة دون التدخل في قناعات الناس ومواقفهم مما يجري في المنطقة، بل لاعادة عرسال الى مداها الحيوي والطبيعي، وترميم العلاقات التي تصدعت بفعل الاحداث التي جرت منذ مدة ليست بعيدة.