لم يتردد في محيط مصلى بلال بن رباح في عبرا صدى شائعة ظهور أحمد الأسير في عين الحلوة قبل يومين. بات الشيخ الفار من الماضي، ذكرى حسنة لدى البعض وسوداء لدى كثيرين. أذان المصلى عاد ليجذب المقيمين حوله لتأدية الصلاة الجامعة داخله، بعد أن اقتصرت على عناصر الأسير ومؤيديه في زمانه. جيرانه عادوا إلى الجلوس تحت الشمس على شرفات منازلهم بعد إزالة الخيمة الحديدية التي غطّت الشارع الفاصل بين بيته والمصلى، وباتوا يشيرون بالأصابع إلى بقاياه من دون خوف؛ «هذا كان مع الأسير»، و«هذه الشقق اشتراها الأسير». غالبية تلك الشقق تحديداً لا تزال فارغة منذ فرار أصحابها خلال معركة عبرا قبل أكثر من عام.
في الطبقة السفلى من مبنى المصلى، أعادت ورشة إعادة إعمار عبرا ترميم الشقق، باستثناء شقة الفار فضل شاكر في الطبقة الثانية. الشقة مشرعة من دون نوافذ وأبواب، بخلاف القاعة الزجاجية الملحقة بالمصلى في الطبقة الأولى، ذات النوافذ المحكمة الإغلاق. الشكل يتكرر في المبنى المقابل حيث يقع منزل الأسير ومكتبه الخاص. يؤكد قاطنو المبنى أن عائلة الأسير أقفلته بعد إنجاز ورشة ترميمه، باستثناء سيدة منقبة تتفقده بين الحين والآخر. ويؤكد أحد القاطنين أن «المناشف» لا تزال منشورة على حبل غسيل إحدى الشرفات، منذ أسابيع.
مقربون من الأسير روّجوا
شائعة عودته لرصد ردود الفعل بالتزامن مع أحداث عرسال
مصادر مطلعة داخل المخيم نفت لـ« الأخبار» ظهور الأسير علناً في حي حطين أو سواه، رغم تأكيد وجوده في المخيم مع شقيقه أمجد وأولاده الثلاثة، عبد الرحمن وعمر ومحمد الذي كانت خطيبته تتردد إليه أحياناً، إضافة إلى شاكر وعدد من أنصارهما المطلوبين. وربطت المصادر بين شائعة ظهوره مع مسؤول عصبة الأنصار الإسلامية المتواري الشيخ أحمد السعدي الملقب بـ« أبو محجن »، وانتشار المعلومات عن عودة الأخير إلى الأضواء. ولفتت المصادر إلى أن «مقربين من الأسير روّجوا للشائعة لرصد ردود الفعل، مستفيدين من أحداث عرسال وعودة أبي محجن»، علماً بأن استهداف الجيش في عرسال حرّك نشاط الأسير الذي علّق على الأحداث أكثر من مرة على حسابه على تويتر، قبل أن يبثّ شريط الفيديو الثاني له منذ فراره، لكنه لم يتطرق فيه إلى قضايا سياسية.
البعض ربط بين شائعة عودته ومغادرة أفراد عائلته إلى الإمارات العربية المتحدة خلال الشهر الماضي. زوجته أمل شمس الدين ووالده هلال الأسير ووالدته مريم حاجو وشقيقتاه نغم ونهاد وأولادهما لم يحسموا، بحسب مقربين منهم، الهدف من زيارتهم الجماعية لشقيقة الأسير، وسيلة، المقيمة منذ سنوات مع أسرتها في دبي قبل أن تنتقل أخيراً إلى أبو ظبي. لكنهم رجّحوا من أجواء العائلة أنهم بصدد ترتيب أوضاعهم في الإمارات تمهيداً للإقامة الدائمة، أملاً بأن يلتحق بهم الأسير وأولاده وشقيقه أمجد في حال تمت تسوية ملفاتهم قانونياً وقضائياً، بعد شائعات عدة انتشرت عن المكان الذي فرّ إليه الشيخ من طرابلس إلى سوريا حتى قطر، علماً بأن القضاء العسكري شرع الشهر الماضي في محاكمة جماعة الأسير الموقوفين منهم وجاهياً في سجون رومية وجزين وعاليه، والمتوارين عن الأنظار.