تعاسة الاوضاع في لبنان، وخطورتها، والخوف من تفكك الدولة والكيان والنظام، بسبب دخول الوطن في «كوما» مميتة، اذا قيّض له الخروج منها، فسيخرج حتماً معوقاً، لم يعد ينفع معها، لا العلاجات العادية، ولا الصلاة والصوم، ولا الحلول العشائرية، او سياسة تدوير الزوايا، بل اصبح من واجب الشعب، والمثقفين، والناشطين في المجتمع المدني، والمسحوقين تحت اقدام أكلة الجبنة، والمخدّرين بالشعارات والطروحات الكاذبة، والخائنين من سطوة المال والقوة والسلاح والارهاب، ان يستفيقوا وينهضوا ويتمردوا على واقعهم الجنائزي، ويقولوا لمن اوقعهم في الويل، مسؤولا أكان أم سياسياً، ام رجل دين، أم حوتاً من حيتان الاحتكار والسلب والنهب والخطف والقتل والمتاجرة بالوطن والناس، انتهى وقتكم، ووكالتكم المزوّرة وغير الدستورية، سقطت بضربة الوعي القاضية والأمر الآن للشرفاء من الناس، الذين صبروا على القهر والظلم وغياب العدل والمساواة، وانتفاضتكم، يجب الا تكون من اجل سلسلة رواتب ورتب، ولا من اجل تثبيت وتوظيف، او من اجل غلاء وفساد، فكل هذه الحالات تفصيل او جزء من ركوب طبقة حاكمة على ظهر الشعب، تتناوب بالوراثة وباسم الطائفة والمذهب، والشعارات الوطنية والقومية والنضالية، والممانعة، على مصّ دم الشعب، ولم تشبع، ولن تشبع.
بخلاف هذه الانتفاضة الديموقراطية السلمية الجامعة، ستبقى هذه الطبقة هي الراكبة، والشعب هو المركوب، واذا تغيّر شيء من السيء، فحتماً الى الاسوأ، وعندما ينهار هيكل الوطن، فاعلموا انه لن ينهار على الجميع، بل على الشعب المركوب وحده، لأن الراكب سيكون في دولة اخرى وقارة اخرى، يستثمر هناك بدم الشعب اللبناني.
***
المسؤول، او النائب او الوزير، الذي يعرف ان الشعب اللبناني يخسر من دمه وعرق جبينه كل سنة حوالى ملياري دولار، ليرى ضوء الكهرباء لمدة ست او عشر ساعات باليوم، او اقل من ذلك، ويرفض الحلول الواقعية التي توفّر هذه الاموال، هو شخص مشتبه به، وفوق نزاهته علامة استفهام كبيرة.
والمسؤول، او النائب او الوزير، الذي يرى ملايين اللبنانيين، وغير اللبنانيين، الذين يتسوّلون نقطة الماء في وطن الماء، هو شخص فاشل ومتقاعس وغير جدير بمنصبه، وتجب محاكمته.
والمسؤول، او النائب اوالوزير، الذي يعلم ان هناك ثلاثة ملايين اجنبي على ارض لبنان الضيّقة والفقيرة، يزاحمون اللبناني على كل شيء، ويرفض لاسباب طائفية او مذهبية او سياسية او شخصية، اتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية اللبنانيين من كارثة محتّمة، هو شخص متواطئ ضد شعبه ووطنه، يستحق التشهير والمحاسبة.
وكل قيادي سياسي، او مسؤول كبير في الدولة، او نائب حاصل على وكالة تمثيل من الشعب لفترة محددة، وكل قادر ويتلكأ، ولا يعمل المستحيل من اجل الحفاظ على الدستور والقوانين، وعلى مصلحة الوطن، ويعرقل انتخاب رئيس للجمهورية، ومجلس نواب دستوري بموجب قانون عادل وعصري، هو شخص مشكوك بانتمائه الوطني، وبولائه لدولته ونظامه الديموقراطي البرلماني، ولميثاق العيش المشترك، مثله مثل الذي لا يقيم وزناً واعتباراً لمؤسسات الدولة، وحق اللبنانيين بأرضهم، وبالسلام والأمان والاستقرار والعمل والكرامة.
هذه الطبقة الحاكمة، اعجز من ان تدير وطناً، وتحمي شعباً، وتصون ارضاً، والتجربة ماثلة للعيان يشهد عليها احتضار هذا الوطن الذي اريد له ان يكون جنّة الله على الارض.