IMLebanon

عرسال تفرغ تدريجاً تحت حصار الجيش الحريري: المساعدة السعودية لدحر الإرهاب

بدأت عاصفة عرسال تنحسر تدريجاً بما ينبئ بأن تضحيات الجيش بشهدائه وجرحاه وأسراه ووحداته المقاتلة ومواجهته للارهابيين الذين احتلوا البلدة واسترهنوا ابناءها بعد اعتداءاتهم على مراكز الجيش وقوى الامن الداخلي تمكنت من دفع أشد الاخطار التي احدقت بلبنان منذ اندلاع الحرب السورية.

ولعل أبرز ما افضت اليه تطورات اليوم الخامس من المواجهة لم يقتصر على الجانب الميداني الذي تظهرت معه أكثر فاكثر قدرة الجيش على التضييق على مسلحي “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش” الذين يحتلون عرسال منذ السبت الماضي والذين دبت معالم الانقسام بينهم امس مع انسحاب واسع لمسلحي “النصرة”، بل ان الجانب الآخر الذي لم يقل عنه أهمية برز عبر تصاعد مؤشرات الدعم السعودي تكراراً للجيش من خلال اعلان الرئيس سعد الحريري عن المساعدة الاضافية الجديدة بقيمة مليار دولار التي قررها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز للجيش وأوكل الى الرئيس الحريري وضعها موضع التنفيذ الفوري مع السلطات اللبنانية المعنية تبعا للحاجات الملحة التي يقتضيها مد الجيش وقوى الامن الداخلي بالدعم الفوري لتمكينها من حسم المواجهة مع الارهابيين.

واكتسبت هذه المبادرة السعودية الجديدة أهمية استثنائية لعلها تفوق تلك التي واكبت هبة الثلاثة مليارات دولار التي تقررت قبل اشهر ولا تزال تنتظر المسالك التنفيذية، اذ عكست قراراً سعودياً حاسماً بدعم الجيش دعماً فورياً ترجمة لحرص المملكة العربية السعودية على استقرار لبنان من جهة ومضيها في مواجهة كل جبهات الارهاب المفتوحة في المنطقة طبقا للمواقف التي سبق للملك عبدالله ان أعلنها في رسالته الاسبوع الماضي الى الامتين العربية والاسلامية.

وهذا الامر شرحه الرئيس الحريري في المؤتمر الصحافي الذي عقده في دارته في جدة بعد ظهر أمس اذ ادرج مبادرة العاهل السعودي في اطار “وقوفه مع لبنان في مكافحة الارهاب وفلوله المسلحة ووضع خطابه التاريخي الذي وجهه قبل أيام موضع التنفيذ”. وشدد على “ان الارهاب سرطان يهدد وجود لبنان بل يهدد المنطقة كلها بانتشار الفوضى والفتن”، موضحاً ان الدعم الفوري للجيش وقوى الامن وسائر القوى الشرعية “سيخصص لرفد الدولة اللبنانية بالامكانات التي تتيح لها دحر الارهاب ورده على اعقابه”. وقد باشر الحريري بعد ظهر أمس اتصالات بكل من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش العماد جان قهوجي للشروع فوراً في تحديد الحاجات الملحة للقوى العسكرية والامنية ضمن المساعدة السعودية الجديدة لتمكينها من القيام بالمهمات المنوطة بها في معركتها لمواجهة الارهاب.

مجلس الوزراء

وقالت مصادر وزارية لـ”النهار” إن جانباً سياسياً بأمتياز سيظهر في جلسة مجلس الوزراء اليوم انطلاقاً من مساعدة المليار دولار التي قررت السعودية منحها للبنان والمواقف التي اتخذت منذ جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية الاثنين الماضي في شأن عرسال وقضية توسيع نطاق عمل القرار 1701 التي باتت مطلباً لكل وزراء 14 آذار. ولفتت الى انه في ما يتعلق بالمساعدة السعودية الجديدة، يقتضي الأمر موافقة مجلس الوزراء بعد ان يسلك الموضوع طريقه رسميا. واشارت الى ان هذه المساعدة ستحرك البحث في اسباب تأخر تنفيذ هبة الثلاثة مليارات دولار التي سبق للسعودية ان قررتها عبر تسليح فرنسي.

الى ذلك، سينظر مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال في طلب وزير التربية الياس بوصعب البحث في موضوع اعطاء الطلاب افادات بدل نتائج الامتحانات التي لم تكتمل بتصحيح المسابقات.

اليوم الخامس

في غضون ذلك، اتسمت تطورات اليوم الخامس من المواجهة في عرسال ومحيطها بتطور لافت تمثل في صدام مسلح أولاً بين الجماعات المسلحة التي تحتلها على خلفية انسحاب مسلحي “النصرة” من الاماكن التي سيطرت عليها وسط البلدة بعدما مني المسلحون بخسائر كبيرة ومقتل اثنين من زعمائهم في أرض المواجهة. ونقل مراسل “النهار” في بعلبك وسام اسماعيل عن شهود عيان في عرسال ان أكثر من 30 شاحنة صغيرة غادرت البلدة ناقلة مسلحين يرفعون رايات “النصرة ” في اتجاه المنطقة الجردية. وعلى رغم تمديد مهلة الساعات الـ 24 التي بدأت مساء الثلثاء عبر وساطة “هيئة العلماء المسلمين” خرق المسلحون الهدنة عشرات المرات. أما وحدات الجيش فاعتمدت القصف المركز لتضييق الحصار على المسلحين والتثبت من اقفال كل المنافذ للحؤول دون وصول امداد لوجستي وبشري لهؤلاء الذين أفيد ان من عوامل انسحاب اعداد منهم الافتقار الشديد الى الامدادات بالاغذية والذخائر وانحصرت الاشتباكات تقريباً من ناحيتي الجنوب والغرب للمدينة. لكن وساطة “هيئة العلماء المسلمين” نجحت أمس في اطلاق المسلحين ثلاثة جنود اسرى، فيما فشلت في ايصال قافلة مساعدات من عشر شاحنات تنقل مواد غذائية اذ اعترضها تجمع من ابناء اللبوة ومنعوا مرورها الى عرسال. وتسبب ذلك بردة فعل في مناطق أخرى حيث قطعت طرق في وسط البقاع احتجاجاً على منع ادخال المساعدات الى البلدة التي تشهد نكبة انسانية بين ابنائها. ومساء نقل الجيش نحو 300 لاجئ سوري الى رأس بعلبك تمهيدا لاعادتهم الى سوريا عبر معبر جوسية الحدودي. وسجلت في ساعات المساء والليل عملية نزوح واسعة لابناء عرسال من البلدة وقدر النازحون بالألوف.

تفجير في طرابلس

وليل أمس شهدت طرابلس عودة الى التفجيرات الارهابية، اذ انفجرت عبوة ناسفة تحت سيارة في منطقة محرم في ابي سمرا على مقربة من نقطة عسكرية وأدى انفجارها الى جرح 11 شخصاً نقلوا الى مستشفى الشفاء ولم يوقع الانفجار أي اصابات في صفوف العسكريين. وأفادت معلومات ان الانفجار استهدف رئيس “هيئة العلماء المسلمين” الشيخ مالك جديدة الذي نجا منه ولم يصب.