IMLebanon

عرسال خالية من المسلّحين.. والهبة السعودية تفتح الباب لتطويع 12 ألف عسكري

عرسال خالية من المسلّحين.. والهبة السعودية تفتح الباب لتطويع 12 ألف عسكري

36 جندياً وشرطياً لدى «النصرة» .. والنازحون السوريون بدأوا رحلة العودة إلى ديارهم

تجاوز لبنان ميدانياً وسياسياً، قطوع ازمة عرسال، ويمكن ادراج انسحاب مقاتلي «جبهة النصرة» والعناصر المسلحة الاخرى، في اطار فشل «فتح ثغرة» في الجدار اللبناني، لمصلحة جرّه الى الحروب الدائرة في مدن ومحافظات العراق وسوريا.

واذا ما تعززت اجراءات اقفال «الجرح العرسالي» فإن التداعيات الامنية والميدانية التي كان من الممكن ان تترتب في مناطق اخرى في الشمال والجنوب على خلفية الدعم والمساندة. تصبح مستبعدة في هذه المرحلة، وبقدر ما تأمل فعاليات عرسال بعودة الوضع الطبيعي الى البلدة خلال الايام القليلة المقبلة، مع حضور قوى الدولة والسلطة، بعد تهميش مزمن، فتحت احداث عرسال الباب امام مرحلة من العمل الدؤوب لمنع تكرار هذا النوع من الحوادث او على الاقل السعي لاتخاذ الاحتياطات اللازمة للحؤول دون ذلك، والحد من تداعيات الحرب السورية على لبنان، حيث اعتبر دبلوماسي غربي ان معركة عرسال التي شارك فيها بقوة مسلحون سوريون في اخطر توغل في لبنان اعتبر امتداداً للحرب الاهلية السورية الى الاراضي اللبنانية.

مجلس الوزراء

 مجلس الوزراء، الذي انعقد في جلسة عادية عند العاشرة من صباح امس اخذ علماً من قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي شارك في الجلسة مع قيادات امنية اخرى، الذي اكد ان المسلحين السوريين انسحبوا ابتداءً من الثالثة فجراً، موضحاً ان «العسكريين المخطوفين لم يكونوا اصلاً داخل عرسال وهم موجودون خارج البلدة».

واطلق كلام العماد قهوجي عن ان الذخيرة متوافرة والقدرة قائمة لمكافحة الارهاب، لكن ثمة حاجة وواجب لتعزيز الذخيرة ونوعية الاسلحة والمجال امام المداخلات والتشديد على تنفيذ هبة المليار دولار التي امر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الفورية لجهة شراء الاسلحة والذخائر الكفيلة بالمواجهة مع الارهاب والارهابيين، مؤكداً تماسك الجيش في هذه المرحلة الصعبة.

واعتبر الرئيس سلام ان الهبة السعودية تؤكد وقوف الملك عبد الله الدائم الى جانب لبنان وتدعيم ركائز الدولة اللبنانية، رافضاً اي تساهل او تراخٍ مع انتهاك السيادة اللبنانية، وان كل الدعم للقوات المسلحة اللبنانية كاشفاً عن الاتصالات لتوفير المستلزمات التي يحتاجها الجيش والقوى الامنية.

واذ نوّه الرئيس سلام بدور الرئيس سعد الحريري في هذا الملف، محدداً اولويات المعالجة بعد انحسار الهجمة على عرسال وتهدئة الاوضاع داخلها، كشف عن ان الملك عبد الله كلف وزير خارجيته الامير سعود الفيصل متابعة الموضوع اللبناني مع نظيره اللبناني، وان الاتصالات شملت ملك الاردن عبد الله الثاني وامير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي اكد وقوف بلاده الى جانب لبنان.

وقال وزير بارز شارك في المناقشات ان اهم قرار اتخذته الحكومة او القرار الاهم في تاريخ الحكومات هو الموافقة على تطويع 12000 عسكري ورجل أمن في الجيش وسائر الاسلاك الامنية.

وربط الوزير بين الهبة السعودية الفورية (المليار دولار) وقرار التطويع، الذي يحتاج الى مستلزمات لوجستية ومالية، مشيراً الى ان الهبة جعلت الحكومة اللبنانية قادرة على مضاعفة اعداد المتطوعين. (راجع ص 2)

ولاحظت مصادر وزارية ان مداخلات الوزراء حول عرسال اظهرت تطابقاً في وجهات النظر لجهة حجم المخاطر، وبدا الموقف تضامناً على غرار الجلسة الاولى، ونفت المصادر ان يكون احد من الوزراء اثار القرار 1701 وضرورة توسيع نطاق عمله، والتنسيق بين لبنان وسوريا، مشيرة الى ان لا مصلحة لاحد بوضع مماثل لما حصل في عرسال.

ولفتت الى انه في ما خص موضوع تطويع عناصر امنية، فقد عدل مجلس الوزراء قراره السابق ووافق على تطويع 4000 عنصراً لقوى الامن الداخلي بعد ان كان العدد 2500 و1000 للامن العام بعد ان كان العدد 500.

وكشفت ان العماد قهوجي تحدث عن تواصل دائم مع الرئيس سعد الحريري، مؤكدة ان الهبة السعودية شكلت موضع اشارة معظم الوزراء، واقرت بان ما من مشكلة في صرف الهبة السريعة والفورية بهدف شراء ذخائر وطائرات جديدة، في حين ان مبلغ الـ3 مليارات دولار هو المشكلة بسبب عدم التمكن من الاستفادة منه سريعا.

وذكرت المصادر ان ملف النازحين نوقش مجدداً، واكد عدد من الوزراء ان عدم تنظيم هذا الملف وضبطه ادى الى ما ادى اليه وان هناك من يقطن في المخيمات يخطط لاحداث مشاكل في لبنان.

واكد وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج لصحيفة «اللواء» انه سأل داخل جلسة مجلس الوزراء عن كيفية وصول الاجهزة المتطورة الى تنظيم داعش طالما ان حزب الله والنظام السوري يؤكدون انهم ربحوا «القلمون»، قال: «سألت عن كيفية حصول هذا التنظيم على السلاح وكيفية مروره، مؤكداً انه سمع جواباً مفاده ان الحزب والنظام لم يسيطرا على كل شيء».

وأكد انهما من سهلا وصول داعش وجبهة النصرة الى الحدود ودخولهما الى لبنان في خلال معركتهما ضدهما.

وكشف الوزير دو فريج ان هناك سؤال حول كيفية حضور 400 عنصر من الرقة وكيفية تجاوزهم شوارع في حمص وحلب، متخوف من تسهيلات من النظام في سوريا.

عرسال ليلاً

 وعاشت عرسال ليل امس ليلاً هادئاً بعد خمسة ايام من القصف والمخاوف وازيز الرصاص والمدافع والرعب والقتل وانعدام الخدمات من كهرباء ومياه او معالجة الجرحى.

وقال رئيس بلدية عرسال علي الحجيري ان عرسال بدأت بالعودة الى وضعها الطبيعي وهي خالية من المسلحين وان قرار اهلها رفض اي وجود مسلح للسوريين داخل البلدة وانهم يتحضرون لاستقبال الجيش بالورود والارز، ونحن لن نتخلى عن مساعدتنا الانسانية للمهجرين السوريين ونحن نقدر ظروف تهجيرهم من قراهم وهذا واجب لن نتخلى عنه، واعلن المفاوضات بشأن الأسرى قال «تجري مفاوضات مباشرة بين هيئة العلماء المسلمين وقيادة المسلحين»، ورجّح انتقال ما بقي من أسرى الجيش الى الجرود المحيطة بعرسال، و«أن المسلحين أعطوا ضمانات بعدم إلحاق أي أذى بهؤلاء الأسرى، وأعطونا ضمانات بأن الأسير لا يؤذى بل يكرّم، وأعتقد هكذا تعاملوا مع جميع الأسرى».

وأضاف «عرسال مع الدولة، والجيش، ولكن الحكومة الحالية كما الحكومات السابقة لا يوجد أي اهتمام منها بعرسال من الناحية الانمائية، فهذه الحكومة وزعت الزفت على جميع القرى المجاورة باستثناء عرسال، ويبدو أن عرسال يتم معاقبتها وكأنها ليست من لبنان، فوزير الزراعة السابق وزع مساعدات في جميع الاتجاهات على المزارعين في البقاع باسثناء عرسال لم ينلها شيء رغم الأضرار التي لحقت بالمزروعات والمواشي»، وقال «أيام قليلة والوضع في عرسال يعود بشكل طبيعي، ونأمل حضور قوي للدولة والسلطة فيها وليس كما كانت سابقاً مهمشة ومهملة».

وكشف الحجيري أنه رفض أمس دخول عشر شاحنات (بيك آب) محملة بالمساعدات لأهل عرسال «كون هذه المساعدات جاءت بعد وساطة تمت مع حزب الله، وكما رفضنا ما حصل أول أمس في اللبوة عندما تم منع مرور المساعدات الى عرسال بإيعاز من حزب الله نرفض اليوم أن تصلنا المساعدات بعد إذن من حزب الله، فالشاحنات عادت الى بعلبك ولم تدخل عرسال، فكرامة عرسال وأهلها فوق كل اعتبار».

وكان الجيش اللبناني قام بعيد الخامسة من عصر أمس، بدخول الأحياء الغربية من بلدة عرسال لجهة رأس السرج، حيث شوهد الأهالي يتفقدون منازلهم وممتلكاتهم التي أصيبت بأضرار مادية كبيرة خلال الأيام الستة الماضية.

هذا وقد دخلت بلدة عرسال أكثر من نصف المساعدات التي خصصتها الهيئة العليا للإغاثة لأهالي البلدة.

ولم تسجل أي اشتباكات أمس، وتمركزت ناقلات الجند ودبابات الجيش في مدخل عرسال.

«النصرة»: خرجنا من عرسال

 وكانت جبهة النصرة أعلنت عبر «تويتر» «خرجنا من عرسال بعد تعهد بعدم المساس بأهلها، وسلمنا 6 أسرى كبادرة حسن نية، وبقية الأسرى وضعهم خاص»، في إشارة الى العسكريين اللبنانيين الأسرى لديها، مقدّمة اعتذارها لأبناء عرسال.

وكشف مصدر مطلع أن المسلحين ما زالوا يحتجزون 19 جندياً و17 شرطياً بعد الافراج عن 3 رجال أمن و3 عسكريين الثلاثاء والأربعاء.

وقال مسؤول عسكري رفيع أن العناصر المحتجزة تم اقتيادها من قبل المسلحين الى الجبل المطل على عرسال.

ونسبت وكالة «فرانس برس» الى مصدر وزاري قوله أن «الافراج عنهم سيشكل النقطة الأكثر صعوبة في المفاوضات».

ميدانياً، وقع اشتباك مساء في وادي الأعيان، وسمعت أصوات إطلاق النار بين الحين والآخر، في إطار مناوشات في خراج عرسال، بين الجيش اللبناني والعناصر المسلحة التي خرجت من البلدة.

عودة النازحين

 وفيما تمكن الصليب الأحمر من إخلاء 44 جريحاً سورياً ولبنانياً، وشوهدت أكثر من عشرين سيارة إسعاف تغادر عرسال، عاد نحو 1700 لاجئ سوري الى بلدهم (بلدة قارة) وفق للراهبة ايناس التي ساعدت في هذه العملية (فرانس برس)، وكشفت أن معركة عرسال سرّعت عودة هؤلاء.

وحمل أطفال ونساء أمتعتهم الشخصية على شاحنات وحافلات نقل للعودة، وكشف النقاب عن أن هناك ثلاثة آلاف سوري لاجئين في عرسال طالبوا بإعادتهم الى بلدهم.

وفي بلدة اللبوة، حزم رجال ونساء فرشهم وأمتعتهم على متن ثلاثين شاحنة وخمس عشرة حافلة متوجهة نحو الحدود.

ورحب السفير السوري علي عبد الكريم علي بعودة النازحين، كاشفاً عن أن الأمن العام اللبناني يدقق في أوضاع هؤلاء، ومن لا يملك دخولاً شرعياً ونظامياً لا يسمح له بعبور الحدود، «ولذلك نحن ندرس اللوائح الإسمية بالتنسيق مع الأمن اللبناني لإيجاد مخرج لعودتهم الى سوريا».

السياسة تتحرّك

 ومع التبريد على جبهة عرسال، وتسريع عودة الوضع الى طبيعته على الساحة الأمنية، عادت السياسة الى الواجهة من زاوية تحصين الوضع بانتخاب رئيس جديد، وإعادة إحياء المؤسسات الدستورية وتفعيلها.

فبينما أحاط وزير الداخلية نهاد المشنوق مجلس الوزراء علماً بدعوة الهيئات الناخبة الى الانتخاب يوم الأحد في 16/11/2014، كان العماد قهوجي، يتوقع أن يساهم دعم المملكة العربية السعودية المتواصل للبنان في تسريع معالجة قضية الفراغ الرئاسي، وأنه كلما تأخر الفرقاء السياسون في التوصل الى ترشيح شخصية توافقية زادت المخاطر على لبنان بسبب شغور منصب الرئاسة.

الجميّل في عين التينة

 وعلى صعيد المشاورات بين القيادات السياسية، أوضح الرئيس أمين الجميّل في اتصال أجرته معه «اللواء» أمس أنه جرى في اللقاء مع الرئيس نبيه بري جولة أفق تناولت مجمل القضايا الساخنة محلياً وإقليمياً، وتطرق الحديث الى الاجتماع الذي انعقد في منزل الرئيس ميشال سليمان والذي تناول الاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال يحتاج الى جهد كبير لتحريك ملفه، ذلك لأن الأطراف المعنية بالعرقلة لم تبدل مواقفها حتى الساعة.

واشاد الرئيس الجميل بمبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز تقديم هبة للجيش اللبناني بمقدار مليار دولار اميركي اضافة الى هبة الـ3 مليارات، وقال: علينا ان نعتبر من رمزية هذه الهبة الذي تدل على ان لبنان ما يزال في قلب العاهل السعودي، الامر الذي يجب ان يشجع اللبنانيين على الصمود وبذل مزيد من الجهد والتعاون للحفاظ على بلدهم واخذ عبرة من مثل هذه المكرمة ليقوموا بواجباتهم الوطنية.