IMLebanon

عكار تستعيد علي السيد شهيداً للبنان

عكار تستعيد علي السيد شهيداً للبنان

ملف المخطوفين: الدولة الـ«بلا رأس» تتخبط

كتب المحرر السياسي:

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثالث بعد المئة على التوالي.

أمس، عاد الرقيب الشهيد علي السيد الى مسقط رأسه فنيدق في عكار مكللا بـ«غار الشهادة» في نعش مغطى بالعلم اللبناني.

عاد «علي لبنان» كما أحب أن يناديه والده، منتصراً على الإرهابيين وعلى الوحشية التي قتل بها، وموحداً اللبنانيين حول مؤسسته العسكرية التي أحبها، وخدم من خلالها وطنه، فحارب الإرهاب في مخيم نهر البارد حتى أصيب، وفي عبرا حتى إزالة «الكابوس»، ثم في عرسال حتى الأسر.. والاستشهاد.

وفي ذروة لحظات الغضب والانفعال، بدا كلام والد علي السيد أمس بمثابة درس لكل الطبقة السياسية. ربما لا مبالغة في القول إن الوالد المفجوع كان «رجل دولة» بالفطرة، أمسك بجرحه وتفوق على وجعه، فظهر أكثر وعياً وتحسساً بالمسؤولية من كثير من المسؤولين الافتراضيين.

وأمس بدا الشمال بهياً على عادته، ففتح من البترون الى فنيدق ذراعيه لاستقبال شهيده، فكانت محطات تكريم عدة. بداية عند نفق شكا، كما في القلمون المصابة بخطف ابنها المؤهل في الجيش اللبناني إبراهيم مغيط، وفي طرابلس ودير عمار والمنية والمحمرة والعبدة وبرقايل وبزال وقبعيت وحرار وصولا الى فنيدق «عاصمة الشهادة» التي تأمل أن يكون علي قد افتدى بدمائه رفيقيه العسكريين المخطوفين خالد الحسن وعمار الحسين وأن يعودا الى عائلتيهما سالمين في أقرب وقت.

أمس، شعر كل اللبنانيين بصلة قربى تربطهم بالشهيد العائد الذي يختصر بالشكل المأساوي لاستشهاده حالة التخبط في سلوك الدولة حيال قضية المخطوفين، وبالتالي، لمجلس الوزراء المنعقد، اليوم، بـ«رؤسائه» الأربعة وعشرين أن يجيب عن الأسئلة الآتية:

÷ من هي المرجعية السياسية التي تتحمل مسؤولية اتخاذ القرارات في ملف العسكريين المخطوفين أو المفقودين، ومن هي الإدارة السياسية اليومية لهذا الملف، هل هي رئيس مجلس الوزراء الرئاسي أم وزير الداخلية أم وزير الدفاع أم «هيئة علماء المسلمين» أم مصطفى الحجيري («أبو طاقية») أم قائد الجيش أم المدير العام للأمن العام أم رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أم النائب أو الوزير الفلاني؟

÷ هل وضعت خلية الأزمة، إذا كانت موجودة، خطة لتحرير المخطوفين بالتفاوض أو بالقوة أو بأية وسيلة تعتقد أنها مناسبة، وهل حصل توزيع للأدوار، وما هي حصة الحكومة والأهالي والمؤسسات العسكرية والأمنية والأحزاب والهيئات وكيف يمكن لكل هذه الأدوار أن تتكامل على قاعدة أن الجميع يواجه قضية وطنية بامتياز لا تخص حزباً أو طائفة أو منطقة أو فئة بل تخص كل اللبنانيين؟

÷ هل طرحت هذه الخطة على قيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي (ينتمي المخطوفون إلى هاتين المؤسستين حصراً)، وماذا كانت ملاحظاتهما عليها، وهل يمكن أن تعطى لهما صلاحية تحديد الأولويات أو تعديل الخيارات، من أجل مواكبة تكون محكومة باحتمالات الأرض والميدان والانتشار وغيرها من المعطيات العسكرية والأمنية، لئلا تحصل «دعسة ناقصة» يمكن أن يدفع ثمنها العسكريون مجدداً ومعهم كل اللبنانيين؟

÷ إذا كان ثمة تجاذب إقليمي بين هذا المحور وذاك، هل قررت الحكومة أن تقحم، بعلمها أو من دونه، قضية المخطوفين في بازار التجاذبات الإقليمية، وهل تصح مسايرة هذه العاصمة الإقليمية واستبعاد تلك عن هذه القضية لاعتبارات سياسية لا تخدم القضية نفسها؟

÷ اذا كان التعامل مع ملف العسكريين «بالمفرق» قد أثمر إفراجاً عن عدد من هؤلاء، وهذه نقطة لا يمكن الا أن تسجل لمصلحة كل من ساهم في ذلك، ومن أي موقع كان، لكن ماذا يمنع الجهات الخاطفة من أن تقحم هذا الموضوع في لحظة ما في حسابات سياسية محلية (رئاسية خصوصاً) أو إقليمية، بحيث يزداد عدد «الضحايا» في السياسة والأمن، ناهيك عن الخطر المحدق بكل عسكري من العسكريين تبعاً للمجريات الميدانية المتحركة، خصوصاً على الأرض السورية؟

÷ لماذا لا يستقل رئيس الحكومة ومعه وزيرا الدفاع والداخلية الطائرة ويجولان على عواصم المنطقة، وخصوصاً الرياض والدوحة وأنقرة، من أجل وضع قيادات هذه البلدان أمام مسؤولياتها إزاء قضية المخطوفين، إذ ليس خافياً على أحد أن «جبهة النصرة» التي تحتجز أكثر من نصف العسكريين لها مرجعيتها الإقليمية، بدليل ما رافق كل مجريات التفاوض في ملفي أعزاز وراهبات معلولا (تحتجز «النصرة» 13 بينهم 3 عسكريين و10 عناصر درك وفق «هيئة العلماء» التي أفادت مصادرها أن «النصرة» عندما خرجت من عرسال كانت تحتجز 20 عسكرياً، فأفرجت بداية عن اثنين، ثم خمسة، ليستقر العدد حالياً على 13)؟

÷ اذا كان مصطفى الحجيري قد أصبح اليوم أحد أبرز الوسطاء، هل يمكن للبنانيين أن يعرفوا من هي هذه الشخصية وكيف تمكنت من صياغة دورها، وأين مسؤوليتها في تسليم العسكريين، وهل صحيح أن عناصر مخفر عرسال كانوا موزعين ومختبئين في منازل البلدة قبل أن يتولى هو شخصياً كشفهم، ثم جمعهم في منزله قبل أن تأخذهم الجهات الخاطفة في ظروف غامضة وملتبسة حتى الآن؟

÷ اذا كان مصطفى الحجيري يرغب بتبييض سجله «الحافل» لبنانياً منذ بدء الأزمة السورية، وخصوصاً على صعيد التفجيرات التي ذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى من العسكريين والأبرياء، هل لاقت رغبته صدى إيجابياً عند أية جهة رسمية أو سياسية وعلى أي اساس، وهل يصح ذلك، ووفق أي منطق سياسي أو اخلاقي أو قانوني؟

÷ اذا كان موضوع الموقوفين في روميه، أكبر إدانة للدولة اللبنانية بكل رموزها، نتيجة التعاطي الخاطئ منذ سنوات مع هذا الملف، وخصوصاً لجهة التباطؤ في المحاكمات وإصدار الأحكام، فهل من حق جهة أو شخصية لبنانية أن تعطي وعداً ثم تتراجع عنه، وما هي الكلفة المحتملة، وألا يطرح ذلك أسئلة على الادارة السياسية والأولويات؟

÷ اذا كان الأميركيون والبريطانيون وربما غيرهم يتحركون من آخر أقاصي الدنيا من أجل تحرير رهينة واحدة.. وهم اعترفوا بفشل محاولتهم علناً، ألا يحق لذوي العسكريين أن يسألوا قيادتهم ماذا يضيرها أن تقوم بواجباتها حتى لا يسقط علي السيد شهيداً مرتين: مرة بالظلم، عندما يأتي «تقرير» محملاً بوقائع خاطئة عن انشقاقه واستبعاد ذويه عن لجنة الأهالي.. ومرة ثانية بالشهادة الحقة.

اكتشاف موقع للتفخيخ

وفي انتظار خيارات وأجوبة مجلس الوزراء، سُجل إنجاز أمني نوعي على الارض، حيث أفادت قناة «المنار» انه تمت السيطرة على منشأة جديدة لتفخيخ السيارات في القلمون، وجرى ضبط سيارات بلوحات لبنانية يتم تحضيرها لتفخيخها وتفجيرها في الاراضي اللبنانية، وأشارت الى ان المخطط كان يستهدف تفجير مراكز مدنية وعسكرية في وقت واحد، ولو كُتب له النجاح لكانت النتائج كارثية.

وأبلغت مصادر واسعة الإطلاع «السفير» ان منشأة التفخيخ تتبع لـ«جبهة النصرة»، وأنه عُثر فيها على خمس سيارات كانت تُعد للتفخيخ، موضحة انها كانت ستستهدف حواجز للجيش اللبناني ومراكز حساسة لـ«حزب الله.»

وشددت المصادر على أهمية هذا الإنجاز الذي يلي اكتشاف موقع مماثل للتفخيخ في القلمون قبل أيام قليلة، لافتة الانتباه الى ان هذه العمليات النوعية التي تتم بفعل جهد استخباري مكثف «تصب في خانة تجفيف منابع الإرهاب، ومن شأنها ان تقلص مخاطر التفجيرات في الداخل اللبناني».

وأكدت المصادر ان العمل الميداني «سيتواصل لضبط كل نقاط التفخيخ»، لافتة الانتباه الى ان الإستراتيجية المتبعة حالياً هي القضم التدريجي لجرود القلمون.