راهَن قطبان في فريقي» 8 و14 آذار» أحدهما الآخر على إمكان أو إستحالة إجراء الإستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية.
القطب في» 8 آذار» راهنَ، جازماً، على أن لا إنتخابات قبل 25 أيار المقبل، وأن هناك شغوراً في موقع رئاسة الجمهورية، فيما قبِلَ مُراهنُه من» 14 آذار» الشرط، واثقاً من أن بعبدا ستشهد رئيساً جديداً قبل التاريخ المذكور.
هذا الرهان يختصر مشهد الغموض الذي يلف الإستحقاق، حيث تندر الخيارات وتكثر المناورات، ولا يكاد يُطرح إسم حتى يُحرق ويطير في اتصالات غير مباشرة بين اللاعبين الأساسيين، إقليمياً ومحلياً، بعيداً من الأضواء.
فموازين القوى داخل مجلس النواب تجلّت بوضوح تام في الدورة الأولى، وحسمت كل الإجتهادات والإفتراضات :
1- لا فريق» 8 اذار»، ولا فريق» 14 آذار»، قادر على تأمين النصاب أو ضمان الغالبية المطلقة.
2- إن المناورات المتقنة التي تمارسها القوى السياسية تهدف الى تقطيع الوقت وحجب نواياها وأهدافها الحقيقية، في ظل غياب اي توافق اميركي-روسي أو سعودي ايراني على تمرير الاستحقاق. فالقوى التي رشّحت من صفوفها لم تكشف مرشحها النهائي، هذا إذا كان لديها فعلاً مرشح موفور الفرصة، والفريق الذي امتنع عن الترشيح واكتفى بالأوراق البيض، لا يعني أن ليس لديه مرشح وأجندة وخطة.
3- فقَدَ النائب وليد جنبلاط دوره كـ»بيضة قبان» في عملية الإنتخاب. إذ إن تحالفه مع أي من الفريقين (8 أو14) لا يؤدي الى الغاية المطلوبة، لأنه لا يكفي لتأمين النصاب.
4- أصبح خرق الإصطفافات حتمياً للخروج من مأزق النصاب، ولا بد من تفاهم بين الناخبين الأقويين والحصريّين، «حزب الله» والرئيس سعد الحريري في مرحلة ما، لتأمين النصاب والإنتخاب.
5- هناك تخوّف حقيقي لدى مسيحيي» 14 آذار» من تسوية خارجية تفضي الى تبنّي ترشيح العماد ميشال عون، على رغم أن كل تصريحات قيادات «تيار المستقبل» لا توحي بذلك، وعلى رغم أن عون وكتلته صوّتوا الى جانب» 8 آذار» بالورقة البيضاء في الدورة الأولى، ما يعني أن عون لم يتمايز عن حلفائه ولم يترجم اعتبار نفسه مرشحاً توافقياً.
6- في المقابل، لا يرى فريق» 8 آذار»صفقة بين حليفه عون وخصمه «المستقبل»، وهو منقسم بين مَن يقف خلف عون الى أن يتخلى هو نفسه عن خوض السباق الى الرئاسة، مثل «حزب الله»، وبين مَن يميل الى منحه فرصة محدّدة بأسبوعين أو ثلاثة على أبعد تقدير، لتجربة حظوظه.
مرة جديدة، تؤشر المعطيات الى أن الإنتخابات الرئاسية هذه المرة أيضاً لن تجرى داخل المجلس النيابي إنما خارجه، وأن القوى المسيحية المتنافسة على كرسي بعبدا ستحمّل نفسها مسؤولية الفراغ وتقدّم خدمة مجانية للقوى التي تتطلع الى ترحيل الإستحقاق لأجندات إقليمية.
في ظل هذه الوقائع يبقى السؤال: مَن سيربح الرهان بين القطبين من» 8 و14آذار»؟