IMLebanon

على رجاء.. النصاب

 

لم يكن ما حدث في مجلس النواب أمس مفاجئاً بعدم توفّر النصاب اللازم للجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية. الصورة كانت واضحة منذ الأسبوع الماضي حين رفع الرئيس نبيه بري الجلسة الأولى بعد فقدان النصاب نتيجة انسحاب فريق «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» منها، فالمعادلة التي طرحت في حينه، والتي لا تزال قائمة حتى إشعار آخر، هي «إما رئيس مقاوم أو لا رئيس ولا رئاسة».

غاب فريق «8 آذار» عن الجلسة و«طار النصاب» الذي لا يمكن تأمينه من قبل فريق «14 آذار» منفرداً أو بالتضامن مع الكتلة «الوسطية»، وهو ما حصل على الرغم من مشاركة نواب كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، فكان عدد النواب الذين توافدوا إلى القاعة العامة 76 نائباً، وتقلّص إلى 75 نائباً بعدما تبيّن أن سبب هذا النقص دخول النائب أغوب بقرادونيان إلى القاعة لدقائق قبل أن يغادرها التزاماً بمبدأ «المقاطعة» الذي أعلنه النائب ميشال عون.

وفي هذه الأثناء، كان مكتب الرئيس بري يشهد لقاءات شملت الرئيس تمام سلام ورئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس جبهة «النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط والوزير بطرس حرب، غير أن أكثرها «تمّيزاً» كان مع وزير التربية الياس بو صعب الذي، بحسب مصادر مطلعة، نقل إلى بري حصيلة اللقاء الذي جمع في باريس أول من أمس الرئيس سعد الحريري مع الوزير جبران باسيل بحضور بو صعب. وهكذا تحوّلت القاعة العامة في المجلس مسرحاً لأحاديث جانبية دارت بين النواب الذين حضروا، فتكوّنت حلقات في هذه الزاوية او تلك. وبعد دخول النائب جنبلاط إلى القاعة جلس على غير مقعده المعتاد وخاض في حوار مستفيض مع «مرشّحه» للرئاسة النائب هنري حلو، ثم توسعت الحلقة لينضم إليها الوزير ميشال فرعون لدقائق، ثم يخلي كرسيه لصالح النائب مروان حمادة «العائد» الأبرز إلى «اللقاء الديموقراطي»، وهكذا دواليك، نائب يذهب ليأتي مكانه آخر وصلب الحديث بالطبع، الانتخابات الرئاسية وترشيح حلو.

ولفتت المصادر عينها إلى أن «همّة» حلو لم تفتر كما توقع له البعض منذ الأسبوع الماضي، «بل على العكس ازداد تصميمه وترسّخت قناعته بأن يمضي في مشروعه إلى النهاية، مقتنعاً بأن مواصفات الرئيس العتيد تنطبق عليه».

لكن ماذا في التوقعات حول مصير الجلسات الانتخابية المتلاحقة التي أعلن الرئيس بري أنه سيستمر في الدعوة إليها حتى 14 أيار؟ حتى ساعة مغادرة النواب قاعة المجلس أمس، كانت المعلومات المتداولة تشير إلى أن السيناريو نفسه سيعود ليتكرّر في الأسبوع المقبل، وفي الجلسة التالية إلى أن يدخل المجلس في تطبيق إلزامي للمادة 73 من الدستور التي تنص على أنه في «حال لم يدع المجلس لهذا الغرض فانه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس» أي في 15 ايار. وسرعان ما أكّد نظرية إفقاد فريق «8 آذار» للنصاب في الجلسة المقبلة نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي قال «كان واضحاً أن الجلسة الأولى مسرحية، بيّنت أن الظروف ليست ظروف انتخاب رئيس، وهذا يعني أن لا فائدة من الجلسة الثانية أو الثالثة أو الرابعة إذا بقيت المعطيات على ما هي عليه، وسواء انعقدت الجلسة أو لم تنعقد فالنتيجة واضحة وهي عدم انتخاب رئيس للجمهورية».

غير أن «حركة» ما جرت على ما يبدو في الساعات التي تلت الجلسة، دفعت نائب حزب «البعث» قاسم هاشم إلى الإعلان في حديث صحافي أنه «حتى اليوم لا نملك اسما محدّدا، لكن يجب ان يكون شخصية جامعة تؤمن التفاهم الوطني، ونحمّل المسؤولية الى الفريق الآخر الذي يستمر بطرح مرشح لا يحظى بقبول المكونات اللبنانية كافة»، ملمّحاً إلى إمكان إقدام فريقه السياسي على تسمية مرشّحه إلى الرئاسة قبل جلسة الأربعاء المقبل.

وتضيف المصادر أنه على هذا الأساس، فإن «المسار الطبيعي لجلسات انتخاب الرئيس العتيد سيكون تأجيلاً يتبعه تأجيل، إلى حين يطرق الوقت باب نهاية الولاية الدستورية للرئيس العماد ميشال سليمان، ويصبح الفراغ في الموقع الأول مرشّحاً ليكون واقعاً، فعندها تحزّ المحزوزية وتبدأ عملية شدّ الحبال للخروج من المأزق».

فهل يتجه لبنان إلى الفراغ المرفوض من قبل الجميع، أم أن المسألة ستكون مشابهة لـ «المغامرة» التي خاضها الرئيس تمام سلام الذي تمكّن من إعلان حكومته بعد مخاض استمر 11 شهراً وهي لم تولد إلا في ظل تقاطع إقليمي وداخلي أفضى إلى «تسوية» أنتجت الحكومة، وسيكون على اللبنانيين انتظار هذا التقاطع مرّة جديدة قبل أن يكون لديهم رئيس جديد؟