على صورة رفيق الحريري، أطل مجدداً على كل اللبنانيين، وبقوله «لبنان .. والشعب اللبناني .. أهم منا جميعاً»، عاد بذاكرتهم إلى الرئيس الشهيد يقول: «ما حدا أكبر من بلده».
لعل أهم ما انطوت عليه إطلالة الرئيس سعد الحريري من رسائل، أن «مرتاح الضمير» لا يخاف مصارحة كل اللبنانيين بموضوعية في كل مواضيع الساعة، ولا يجتهد في ابتداع الحجج لتبرير ما يقوله، ولا يخشى أن يقيم افطاراً رمضانياً يجمع تياره على امتداد الوطن، فيما «دواعش» التفرقة والارهاب، ما عادت تجتمع إلا في مسيرات التشييع التي تلي «جرائم الإفطار» على دماء العرب الآمنين في سوريا والعراق ولبنان!
بقدر ما أفرح جمهوره، خيب سعد الحريري آمال الكثيرين، ممن سوقوا لخطاب غايته فقط شد عصب «تيار المستقبل»، فإذ به يشّد أكثر من عصب، وعلى رأسها «عصب الجمهورية» التي يأخذها بعض أبنائها إلى الانهيار، من دون أن يرضى الحريري التسليم بهذا الواقع، أو الاستسلام له، ما دام مؤمناً بأن للبنان «جيشاً حقيقياً» يدافع عن وحدته وعيشه المشترك، قوامه كل اللبنانيين جنوداً، في وجه المضللين ممن يفاخرون بكونهم جنوداً في جيش «الولي الفقيه»، وجزءاً من «مثلث تقوده إيران وفيه دولة المالكي في العراق ودولة الأسد في سوريا».
لم يقدم «خارطة طريق» مفصلة على مقاسات رئاسية أو طروحات شخصية. فصلها على «مقاس لبنان» الذي لا يحتاج إلى «معجزة» لإنقاذه، بقدر ما يحتاج أولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، وثانياً إلى اقتناع «حزب الله» بضرورة أن ينسحب من «نفق الفتنة والفوضى»، وثالثاً إلى «نوايا صادقة» تواجه ما سبق أن وصفه بـ«المخططات الخبيثة» التي تعيش على إراقة دماء اللبنانيين والسوريين والعراقيين.
من لم يُسمهم الحريري بخطابه كُثر، و«اللبيب من الإشارة يفهم». منهم من يوهم اللبنانيين بمشاريع الخروج من الطائف، في زمن من يلجأ إلى «فلسفة الطائف» للخروج من أزماته. ومنهم من يبتدع نظريات إجراء الانتخابات النيابية في غياب رئيس للجمهورية، لزوم سريان التعطيل على الحكومة والمجلس النيابي، بما يخدم غايات «المؤتمر التأسيسي». ومنهم أيضاً من يُشير إليه أهل طرابلس بعنوان الانقلاب على إرادتها، خدمةً لأعدائها.
الأهم، أن رئيس «تيار المستقبل» لم يكن بعيداً عن جمهوره، رغم بعد المسافات. بدا أقرب ما يكون إلى نبضهم، وما يمثلونه من سد منيع في وجه «الارهاب وأوكاره»، وما يمارسونه من صبر وحكمة في مواجهة حملات الافتراءات «المشبوهة»، التي تحاول تصوير مناطقهم على أنها بيئة حاضنة للإرهاب، بعكس صورتها الحقيقية، مناطق لن يعلو فيها مشروع فوق «مشروع لبنان الحقيقي»، مشروع الشراكة والاعتدال والمناصفة.
مرة جديدة، يؤكد الرئيس سعد الحريري بكلامه أنه «رئيس الكلام» الذي يُنشد مصلحة اللبنانيين، بعكس من يتاجر بها بشعارات حولتهم إلى ضحايا للإرهاب الأعمى، وحولت وطنهم إلى «مدفن مفتوح» لأبنائهم، ممن يموتون في حروب الآخرين على أرضهم.
() منسق عام الاعلام في «تيار المستقبل»