IMLebanon

علي السيّد.. جرحٌ بحجم الوطن

كهرباء لبنان تتحوّل «نوّاصة» والمؤسسة تتقاذف المسؤولية مع المياومين

علي السيّد.. جرحٌ بحجم الوطن

 

معمِّداً مسيرته العسكرية على مذبح أسمى آيات الشرف والتضحية والوفاء، تحرّر الرقيب علي السيّد من قبضة إرهابية لطالما حاربها من «نهر البارد» إلى «جرود عرسال» وأبت بتخلّفها وحقدها الدموي إلا أن تخلّف بمأساته جرحاً بحجم الوطن. إذ وبعدما كشف والده أحمد عبر «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أمس تبلّغ العائلة من «هيئة علماء المسلمين» تأكيدها استشهاد ولدها، أوضح مصدر أمني لـ«المستقبل» أنّ هناك معطيات مؤكدة تشير إلى أنّ الرقيب السيد استشهد بالفعل على يد مسلحي تنظيم «داعش»، بينما تبقى الكلمة الرسمية في تأكيد هذا الخبر للمؤسسة العسكرية في ضوء ما ستخلص إليه عملية تدقيقها بنبأ استشهاده والصور المرفقة به.

وكان الرقيب علي أحمد السيد في عداد العسكريين المتمركزين في موقع «وادي الحصن» الذي استولت عليه المجموعات الإرهابية المسلحة في بداية هجومها المباغت على عرسال مطلع الشهر الجاري، وقد ظهر في الشريط المصوّر الذي بثه تنظيم «داعش» الأسبوع الفائت من ضمن عناصر الجيش المحتجزين لدى التنظيم.

وإثر شيوع خبر استشهاده، تداعى أهالي بلدته فنيدق وفعاليات المنطقة النيابية والروحية لعقد اجتماع موسّع في دار البلدية طالب الجهات الرسمية بتوضيح مصير الرقيب السيد، بينما طالب ذووه باستعادة جثمانه في أسرع وقت ممكن إن صحّ خبر استشهاده. وبالتزامن عمد شبان المنطقة إلى قطع عدد من الطرق في عكار تضامناً مع الجيش وللمطالبة بضرورة الإسراع في حل قضية العسكريين المفقودين.

توقيف.. وتسليح

في الغضون، تواصل وحدات الجيش عمليات تضييق الخناق على المجموعات المسلحة المتمركزة في جرود عرسال حيث تمكنت قوة عسكرية أمس بعد رصد وملاحقة «جيب شفروليه» في «وادي حميد» والاشتباك مع ثلاثة مسلحين بداخله، من توقيف اثنين منهم وهما اللبنانيان خالد أحمد أمون ومحمد رياض عزالدين فيما تمكن المسلح الثالث من الفرار. وقد ضُبط بحوزة الموقوفين بندقيتا كلاشنكوف وكمية من الذخائر والقنابل اليدوية بالإضافة إلى أجهزة اتصال وتصوير. في حين افادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأنّ خالد أمون قُتل خلال الاشتباك مع الجيش وأنه مسؤول عن عمليات تفخيخ سيارات من ضمنها تلك التي انفجرت في محطة الأيتام في الهرمل.

أما لوجستياً، فقد تسلّم الجيش أمس كمية من الأعتدة والذخائر الأميركية في القاعدة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي ضمت عدداً من مدافع الهاون وقاذفات القنابل والمدافع الرشاشة والأسلحة المضادة للدروع بالإضافة إلى بندقيات M16.

المشنوق

وفي سياق سياسي متصل بمواكبة «تطورات عرسال العسكرية والسياسية والأمنية» أتت أمس زيارة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى الرابية وفق ما أوضح المشنوق بعد لقاء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، مشدداً في هذا الإطار على أنّ «موضوع عرسال يحتاج إلى توافق كل القوى السياسية على عدد من التوجهات».

المشنوق أكد لـ«المستقبل» أنّ «الهدف الأساس» من زيارة الرابية هو بحث أوضاع عرسال، وكشف أنه «بصدد القيام بزيارات مماثلة لقيادات سياسية أخرى للغاية نفسها»، مضيفاً: «أولى أولوياتنا حالياً هي عرسال وموضوع العسكريين المفقودين، ونحن نبذل كل ما نستطيع من جهود في إطار مواكبة هذا الموضوع وفي سبيل ضمان أمن عرسال والبلد».

.. والعتمة تجتاح لبنان

معيشياً، يتوغل اللبنانيون شيئاً فشيئاً في غياهب العتمة مع تحوّل مؤسسة كهرباء لبنان إلى ما يشبه «النوّاصة» لا سيما في بيروت الإدارية التي غرقت أمس في ظلمة حالكة تحت وطأة تقاذف كرة مسؤولية الأعطال الحاصلة على خط اليونيسكو بين المؤسسة والمياومين.

مصادر مؤسسة «كهرباء لبنان» أكدت لـ«المستقبل» أنّ المؤسسة «لن تقبل بالعمل تحت ضغط المياومين ولن ترضخ للتفاوض معهم طالما أنهم يحتلون مكاتبها»، مشيرةً في هذا السياق إلى أنّ «المياومين يحتجزون المعدات في مستودعات المؤسسة التي أقفلوها ويتسببون من جراء ذلك بمنع عمليات تصليح الأعطال الطارئة على مختلف خطوط النقل».

وفي المقابل، أوضحت لجنة العمال المياومين أنّ «عطل محطة اليونيسكو الذي يغذي مدينة بيروت هو من اختصاص مديرية النقل في مؤسسة كهرباء لبنان»، مؤكدةً أنّ «الأبواب مفتوحة لإخراج أي معدات لازمة، واللجنة جاهزة للمساعدة والقيام بأي تصليحات في نطاق عملها واختصاصها». في وقت لفتت الانتباه إشارة رئيس لجنة الأشغال والطاقة النائب محمد قباني عبر «تلفزيون المستقبل» مساء أمس إلى أنّ «المسؤول في «التيار الوطني الحر» طوني الهاشم وهو رئيس الدائرة المسؤولة عن إصلاح خطوط النقل يمتنع عن إصلاح عطل اليونيسكو»، وأضاف: «هناك من يكذب في هذا الموضوع، فهو يقول إنه ذهب الى مكان المعدات ولم يجد أحداً يفتح له الأبواب، في حين أن المياومين يقولون إنهم حاضرون في المكان وجاهزون للتعاون لإصلاح الأعطال».

بدورها، أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان أنّ مدراء المؤسسة كافة إضافة الى رئيس مصلحة الديوان ورئيس لجنة الاستلام، رفعوا كتاباً الى المدير العام كمال حايك يعلنون فيه «رفع مسؤوليتهم عما قد يتأتى من توقف العمل داخل المؤسسة مع استمرار احتلال المبنى المركزي». في وقت أعلنت نقابة عمال ومستخدمي كهرباء لبنان الإضراب أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء المقبلين، للمطالبة بفتح أبواب المؤسسة وتأمين دخول وخروج العمال والمستخدمين.