IMLebanon

علي يروّج لـ«حكومة واحدة في بلدين»

يجري التسويق للنظام السوري في لبنان! نعم.. على الرغم من فقدانه السيطرة على أكثر من 50% من الأراضي السورية وقتله أكثر من نصف الشعب السوري بالبراميل المتفجّرة، يسعى النظام السوري الى تسويق أجرامه في لبنان بواسطة سفيره علي عبدالكريم علي.

وعلي يجول على الشخصيات الرسمية في الدولة اللبنانية منذ أكثر من أسبوعين، مجدّداً الحملات الدعائية للنظام السوري علّه ينقذه في الفترة الأخيرة، وهو على حافة الانهيار وقمّة الارتباك وأقصى الحضيض، وها هو اليوم يحاول يائساً أن يعيد أشكال الوصاية على الدولة اللبنانية، مع وزراء في الحكومة السابقة، متحدّياً رئيس الجمهورية السابق الرئيس ميشال سليمان من دون أن ينجح.

علي وكأنه يصرّح على طريقة الزجل: شعبان في بلد.. بلدان في بلد.. شعب في بلدين.. حكومة واحدة في بلدين.. حكومتان في نظام واحد. هو محتار في أمره: ما هو الاحتمال الأنسب للحملة الدعائية المقبلة؟ أي شعار قادر على تعويم النظام السوري الغارق في براميل الدم؟ علي أمام موقف صعب، ليس بالسهل اختصار مرحلة من القتل والدمار والإبادة والتهجير في عنوان واحد.. وعدم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية يجعل مهمّته أكثر هدوءاً، وزياراته أكثر نشاطاً.

ينطلق علي من تقويمه مواجهة الجيش اللبناني للجماعات الإرهابية الآتية من بلاده، فكيف لبلد أن يصدّر الإرهاب الى جيرانه بينما سفيره يؤكّد «وقوف سوريا الى جانب لبنان»؟! لعلّ السفير «الكريم» والمنفتح يواجه الإرهاب من داخل بلاده بدل إطلاق المواقف الشاعرية والأدبية التي تحتوي تفسيرات مبطّنة بالتغاضي عن أصل الإرهاب الحقيقي!

يتغنّى علي بـ«صمود الجيش في مواجهة الإرهاب الذي يتهدد البلدين والمنطقة»، وهو لم يتوقّف يوماً عن القول بأن سوريا تحارب الإرهابيين، لكنّها وبحسب الأخبار لم تتمكن من قتل إرهابي واحد منهم، فقد تمّ استجلاب الإرهابيين حتى الحدود اللبنانية لاختبار ردّة الفعل اللبنانية. لا خبز للإرهاب في لبنان، فقد بات علي على علمٍ بهذا الأمر، أما بين النظام السوري والإرهاب فخبز وملح.. ودمّ.

ولم يستعرض علي تحليلاته فحسب وإنما أرفقها بطروحاته المستنبطة من «صلب» النظام السوري علّه يجعل الجيش اللبناني مستنسخاً عن «الجيش العربي السوري»، ما لم يقدر عليه نظامه منذ عهد «الرعيل» الاحتلالي الأول. في المناسبة، طرح علي «كل الإمكانات والكفايات العسكرية والاقتصادية والأمنية والسياسية، لدحر هذا الإرهاب الذي يشكل وجهاً آخر للعدوان الإسرائيلي والأطماع الإسرائيلية في المنطقة». وما هي الإمكانيات التي بحوزة النظام السوري ولم يستخدمها بعد؟ هل هناك ما هو أكثر إجراماً من إمكانية القتل التي تحتويها البراميل المتفجّرة؟ وهل لإسرائيل وحدها أطماع في المنطقة.. لمَ لا يطرح علي نظريّاته حول أطماع النظام السوري في لبنان وما عاشه اللبنانيون من ظلم من جراء ذلك؟

يبدو بأن علي مرتاح لما يجري في بلاده، لذا فهو يحوّل اهتمامه الى لبنان.. سوريا تحت السيطرة تماماً، فما أكثر البراميل، وهي إمكانية لمن ليس له إمكانيات بتاتاً! هل يظنّ علي مثلاً بأن مثل تلك الإمكانيات قد تفيد الجيش اللبناني، أو يرضى الأخير باستخدامها؟ في الحرب أيضاً هناك محظورات، فحقوق الإنسان تقيّد الجهات المتقاتلة.. إلا في سوريا، كل شيء متاح ما دامت كل الإمكانيات متوفرّة.

علي، مع نظامه طبعاً، لا يبحث عن إمكانيات لتهدئة الأوضاع، على الرغم من فوات الأوان.. كذلك فإن علي يتخطّى حدود الكلام، كما تتخطّى طائرات نظامه حدود لبنان فتقصف الأراضي اللبنانية. الحدود مطلوبة، ليس للإقليم وحسب إنما للمتطفّلين على قضايا الغير، خصوصاً أن علي ينطلق من الأخوّة بين لبنان وسوريا، ومن أن سوريا هي الأخت البكر لينصاع لبنان الى أوامرها.. ولا شكّ بأن علي ينتظر تجاوباً رسمياً ما لعروضه، من دون أن يلقى!

وتفيض مشاعر علي: «كنتُ سعيداً لكل هذا الإحساس بالمسؤولية وللتكامل بين البلدين والشعبين والجيشين». إحساس بالمسؤولية؟ أي مسؤولية؟ مسؤولية القتل؟ ألا يجدر بعلي أن يشعر بإحساس بالذنب؟ ذنبه الشخصي أنه لم يعدْ الى سوريا ليتحمّل مع «جيشه العربي» خطورة مواجهة الإرهاب. ذنبه أنه ما زال يعيش في لبنان على أمل «التعاون بين الحكومتين والقيادتين»، من استشار علي يا تُرى للإبقاء على هذا الأمل في التعاون؟ أنظامه في سوريا حكومة وقيادة؟ وهل يملك رئيسه الوقت ليجيب على سؤال كهذا؟.. لكن لا فإن علي يعلم الجواب. أسئلته في كل الأحوال لا تكفي. عليه أن يسأل الحكومة والقيادة والشعب في لبنان.. أفلا يعلم الجواب مسبقاً؟!