IMLebanon

عندما يعلّق بري على كلام الراعي ويسترسل؟!

تلقف البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي بإيجابية دعوة الرئيس سعد الحريري الى اعطاء الأولوية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتخليص لبنان من الفراغ («الشغور») الذي يتمدد باتجاه سائر المؤسسات، تعطيلاً وشللاً ومناكفات…

لقد وصل الجزء الآخر من كلام البطريرك الراعي، المتعلق بمجلس النواب الى الرئيس نبيه بري… ولم يعلّق، سوى انه أعاد تكرار عبارته المشهورة قائلاً: ما يريد منه سيدنا بشيراً نريد منه كيلومترا؟! لافتا الى أن باب مجلس النواب ليس مقفلاً، خلاف ما قاله «سيدنا» فأبواب المجلس مفتوحة، وهو يعرف من يقاطع ومن لا يقاطع ولأي أسباب؟! ليخلص الى القول «إن العقدة في مكان آخر، ولا ينفع في هذا، إرتفاع وتيرة الخطاب أو خفضها أو الإنحيار لهذا الفريق أو ذاك، مادامت أسس التوافق غير متوافرة…

بحسب زوار الرئيس بري، فإن «أبو مصطفى» يتردد في الرد على أي موقف أو أداء، وهو «يبلع ريقه» متمنياً أن لا يصل الى لحظة يضطر معها الى البوح بكل ما تراكم عنده من معلومات ومعطيات، لا توفر الصرح البطريركي، الذي لم تكن له الكلمة النافذة لدى الأفرقاء المسحيين للإتفاق على مرشح يحظى بإجماع أو شبه إجماع وطني، ولا يثير حساسية أي أحد، في ظل الظروف الدقيقة والصعبة التي تمر بها المنطقة، من العراق، إلى سوريا وأخيراً الى (غزة) القضية الفلسطينية التي تبقى «أم القضايا»، التي تكشف عن أن «العدو واحد لم يتغير»… وإنه «مهما حاول كثيرون استبدال عدو مكان عدو، فلن يغيروا من واقع الحال شيئاً».

لقد أخذ على خاطر الرئيس بري، انه كان أودع وديع الخازن، مجموعة رسائل الى البطريرك الراعي، لكن وعلى ما يظهر فإن شيئاً ما لم يتغير، ويريد سيد الصرح أن يوجه البوصلة بخلاف إتجاهها الصحيح، كاشفاً، انه وغالبية الأفرقاء، ومنهم«تيار المستقبل» أودعوا امانة الخيارات النهائية في يد البطريرك الراعي، الذي لم يحقق خطوة متقدمة واحدة على مسار جمع القيادات المارونية… لاسيما وإن موازين القوى في المجلس النيابي لا تسمح لأي من الأفرقاء بالإدعاء بأنه يحظى بغالبية، خصوصاً وإن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، يتمسك بالنائب هنري حلو، مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية… «فما العمل» ينقل زائرو بري عنه؟!

يتأهب الرئيس بري لجلسة المجلس يوم غد الأربعاء… وهو يعرف أن هذه الجلسة لن تكون خلاف سابقاتها، فكل المعطيات والمؤشرات تدل على أن طبخة رئاسة الجمهورية لم تنضج بعد، وإن المساعي التي كانت نشطت على هذا الخط، تراجعت أو توقفت عند نقاط معينة… وإن «الحوار» بين «المستقبل» والنائب (العماد) ميشال عون لم يصل الى مرتبة متقدمة يصح أو يمكن البناء عليها، فلا تقدم ولا تأخر… وكذلك الحوار بين «المستقبل» والرئيس بري، الذي يشهد في لحظة ما تقدماً ملحوظاً وفي لحظة أخرى هبوطاً تعيده الى المربع الأول. وقد تعزز هذا «الأغدار» بالملفات الحالية التي يصر وزير المال علي حسن خليل على أن لا يوقعها من دون جلسة نيابية، الأمر الذي أثار لدى فريق «المستقبل» كما من الأسئلة والتساؤلات، لم تكن بعيدة عن الغوص في النيات…

وينقل زوار عين التينة عن الرئيس بري استغرابه استحضار مسألة «المناصفة» بين المسلمين والمسيحيين عند كل نقطة، فالمسألة في الأساس غير مطروحة إلا في أذهان من يريد أن يتلطى وراء التعطيل ليثير من حوله هذا الصخب، الذي لا يفيد… فالفراغ في سدة الرئاسة الأولى، هو مسألة وطنية لبنانية، تهم السنّة، كما الشيعة، كما الدروز كما سائر الطوائف المسيحية، وقد مرّ لبنان بحالات فراغ مشابهة، مع إختلاف الظروف الإقليمية، حيث كانت «شبكة الأمان» حاضرة في الـ«سين، سين» التي بانهيارها، بات لبنان مكشوفاً أمام مخاطر كثيرة، ومتنوعة، لولا أن «عقل الرحمن دبّ في نفوس البعض»؟!

ينصح الرئيس بري، وفق زائريه، بعدم سحب الفراغ الرئاسي، على أعمال مجلسي النواب والوزراء… فإذا كانت ساعة الصفر لانتخاب الرئيس لم تحن بعد، فلماذا الربط بين «الإنتخاب» و «التشريع» في الضرورات الحياتية… وإن تكبيل المجلسين يعني ان هناك إرادة معينة لتمديد الفراغ من الرئاسة الأولى الى الثانية والثالثة، وهذا ليس في مصلحة أي من الأفرقاء اللبنانيين، تماماً كما ليس من مصلحة لبنان، ولا يعبّد الطريق أمام أي أحد للوصول الى بعبدا…

وفي قناعته، إن من تجاوز الكثير من «العقد» و «الخصوصيات» في مسألة تأليف »حكومة المصلحة الوطنية» قادر على أن يمضي في رفع العوائق، من غير أن يعني هذا، كما يحب البعض أن يقرأ، تسليماً بأمر واقع الشغور الرئاسي… لاسيما وإن تعطيل مجلس النواب، والحكومة، يطاول بالضرر الكبير شريحة واسعة من اللبنانيين… متسائلاً عن سر الإتفاق على الحكومة وعند كل ملف حيوي ينقلب الذين اتفقوا على إتفاقاتهم ويعرضون البلد الى مخاطر، لا تنحصر فقط بملف  الجامعة اللبنانية بشقيه ولا بسلسلة الرتب والرواتب، ولا برواتب الموظفين، بل بما هو أبعد من ذلك…

اللافت إن مصادر رئيس الحكومة تمام سلام، لا تبدي تفاؤلاً يذكر بإمكانية تجاوز العقبات من طريق الملفات المطروحة على جدول أعمال مجلس الوزراء… حيث تتولد قناعة لدى البعض، إنه إذا لم يتم العبور الى بعبدا، فلم تفتح الشارة الخضراء، بإتجاه ساحة النجمة وباتجاه السراي الحكومي؟!